✔ بقلم ذ.الطالبي عبد الصادق
لا يغرنكم مدح بعضهم للتوظيف الجهوي بقطاع التربية والتعليم، والتطبيل لما يدعى
إنجازات من قبيل توظيف الآلاف من حاملي الشهادات العليا المعطلين وانتشالهم من أمام
شبح البطالة المُرعب- بعد اجتيازهم لمباريات كتابية وشفهية - بنظام التعاقد.
كثير من هؤلاء المريدين أتباع شيوخ هذا النظام المُجحف الذي سَنّهُ كل من بوسعيد
وبلمختار في عهد حكومة العدالة والتنمية سنة 2016 يدافعون عن هذا النوع من التوظيف. ويعتبرونه الخلاص
نحو إصلاح المنظومة التربوية المهترئة.
غير أنه في المقابل بالضفة الأخرى من يعتبر التوظيف بالعقدة في قطاع حيوي كالتعليم
لا يستقيم؛ وخير دليل على ذلك قولهم إنه:
* لا يمكن للأستاذ أن يدرس في غياب أدنى شروط
الاستقرار المهني.
* لا يُعقَل أن يشتغل أستاذ رسمي "مستقر
نفسيا ومهنيا"، إلى جنب "أستاذ مفروض عليه التعاقد" مهدد في أي وقت
بالطرد، أو بسبب انتماءاته السياسية، أو خلفياته الايديولوجية التي قد لا تنطبق مع
خلفيات رئيسه المباشر في العمل.
* لكل مواطن مغربي الحق في الوصول إلى الوظائف
العمومية على وجه المساواة. إذن لما هذا التمييز بين أستاذ مرسم، وآخر مفروض عليه التعاقد؟
صحيح أنه لكل قضية مُعارض ومؤيد. لكن يبقى المثير للجدل هو لما تنهج الوزارة
الوصية سياسة الهروب إلى الأمام، وعدم قبول الحوار في إطار الوظيفة العمومية.
إن المتمعن -بشكل واعٍ- سيدرك أن ملف التعاقد الذي فرضته الدولة المغربية من
خلال وزارة التربية الوطنية على قطاع حيوي كالتعليم لن تكون له إلا انعكاسات خطيرة
على المنظومة التعليمية. سواء على المدرس، أو على المتعلم بالمدرسة العمومية.
كما أن مخطط التعاقد المشؤوم يسعى وبشكل جذري إلى دق آخر مسمار في نعش المدرسة
العمومية. أو ربما يتجاوزها إلى ما هو أبعد وأخطر من ذلك؛ من خلال خلق صراعات داخل
مدرسة أبناء الشعب، الشيء الذي يسهل بيعها للمستثمرين الخواص. مما يدفع بالآباء وأولياء
الأمور إلى الهروب – مكرهين - إلى المدرسة الخصوصية التي تمتص دماء الطبقة الكادحة.
أليست الوزارة حينما فرضت التعاقد في التعليم كالقصير الذي جدع أنفه؟ هذا الأخير
الذي سَخّر كل حيَلِه ومَكْرِهِ للتحايل كالوزارة التي تحايلت على الرأي العام الوطني
والدولي بلهجها دائما بمقولة "التعاقد خيار استراتيجي"!؟