تعتبر فئة الأساتذة العرضيين من بين أكثر الفئات التي هضمت حقوقها على جميع الأصعدة وتم التعامل مع ملفهم بكثير من الاستصغار والاحتقار والازدراء، وكأنهم أناس لا يعيشون تحت سماء هذا الوطن الغالي. لقد ظل المشكل قائما على نصف الحل فقط، منذ 2007، لتنتقل المعاناة من المعنيين إلى آبائهم وإلى ذوي حقوقهم، ذنبهم الوحيد أنهم صبروا واشتغلوا وشاركوا في تعميم التمدرس في مناطق لا يصلها المرء إلا بشق الانفس. ومنهم من قضى نحبه ولم يستفد ذوو حقوقه من شيء. نتمنى أن تتفرغ النقابات والوزارة على حد سواء على الملفات كلها وتجعل ملف العرضيين سابقا فوج 2007 من آخر الملفات التي تبرمجها في التفاوض مع الحكومة، رغم أحقية الملف بالأولوية، باعتماد الأحقية ودرجة الظلم والحيف الذي لحق به، أما أقدمية المشكل فكل النقابات تعلم أنه من أقدم الملفات على الاطلاق. على الأقل سيعرف المعنيون أن مشكلهم سيرى الحل يوما. هذا المشكل لم تقف أية نقابة سنة 2001 لتقول لا...لا ...اللهم هذا منكر. كيف تدمجون اللاحق وتقصون السابق. حيث عمدت الوزارة على تسوية وضعية الحاصلين على الاجازة، وأقصت حاملي البكالوريا حينئذ. هكذا تم إرجاء السابق وترك أمره للأقدار تفعل به ما تشاء، وتراكمت المعاناة طبقة فوق طبقة، وسنة بعد سنة، حتى أصبح أقدم عرضي سابقا يُحال على معاش لا يتعدى 1400 درهم، بعد أن شب وشاب في المنظومة وعاش أفظع السنوات من القهر والحرمان، ومورس في حقه أبشع صور التعذيب النفسي حيث عدم الاستقرار في العمل، والتعذيب المادي حيث الأجرة الزهيدة كانت لا تأتي إلا متأخرة جدا حتى يثقل المعني بالديون. ومن غرائب الصدف أن يتخرج في الصف تلميذ " أستاذ عرضي" ليجد معلمه في نفس الوضعية وفي نفس الحالة وهو أحسن منه ماديا وإداريا. كيف لا والمعلمون العرضيون كانوا لا يعرفون أية وضعية إدارية، لا رتبة ولا درجة ولا سلم ولا سقف ولا حتى عنوان. هم يقومون بسد الخصاص الحاصل في البنية التربوية كل سنة ويملأون المناصب الشاغرة بعد تعيين الخريجين حيثما وجدت، وهي مناصب في مناطق وعرة جدا من العالم القروي والنائي. المعاناة إذن انتقلت من المعنيين إلى الأبناء ولا ندري أية لعنة هذه التي تطارد حتى فلذات أكبادهم الذين لم يكن الحظ جانبهم لتلدهم أمهاتهم في الخلاء وفي فرعيات الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود. هكذا ناضل وكافح المعلم العرضي في الجبال و الفيافي ولعقود لم يكن أحد يحس بأنينه ولا أحدا من المسؤولين قال كفى ظلما في حق هؤلاء. على الأقل هم أناس من طينة البشر لهم أحاسيس ووجدان ولهم الحق في عيش كريم. عدد هؤلاء (400) لا تراهن عليه النقابات لتحقيق مآربها السياسية، لذلك تأخر الحل نصفه المذكور وبقي النصف الثاني ينتظره المعنيون الذين يهددهم الفقر والتشرد. النصف المتبقي يكمن في احتساب السنوات التي عملوها كعرضيين ضمن الأقدمية العامة وإعادة الترتيب في الرتب والدرجة وتخويلهم الانخراط في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد الذي حرموا منه طيلة اشتغالهم كعرضيين، باستثناء عدد قليل منهم كانوا منخرطين، ثم تم القطع النهائي وإلغائه سنة 1993 لأسباب لا يعرفها إلا المسؤولون بالوزارة. فإلى متى تستمر معاناة هؤلاء؟؟؟