نوعان من البشر لا يصلح معهما
نقاش ولا حوار، فليس لِكَلَخِهِما علاج:
النوع الأول: ذاك الذي يُوجه سؤاله للأساتذة المحتجين قائلا:
"لماذا قبلتم بالتعاقد ووقّعتم سابقا، والآن تحتجون ضده؟"
النوع الثاني: يوجه سؤاله قائلا: "لماذا الأساتذة
يدافعون فقط عن مطالب خبزية؟"
وَرَدًّا على النوع الأول أقول: عندما قَبل الأساتذة بالتعاقد
في أول الأمر هل كانت لديهم خيارات كثيرة يابوراس؟ ثم إنك تعرف أن هذا الأستاذ
ليست لديه القدرة على ولوج عمل خاص فلا رأس مال لديه، وإلا لَما بقي لحظة في هذه
المهنة التي تُسيِّرها وزارة وحكومة فاشلتان، بالإضافة إلى أن الأستاذ تَلَقَّى
مجموعة من التكوينات في تخصص معين، فكيف له أن يبحث في مجال آخر لا يُتقنه؟ وهل
تريد له أن يبحث عن معامل سرية تحت الأرض ليعمل بها لتكون نهايته الموت غرقا حتى
ترتاح أنت يابوراس؟ ولماذا
لا نجد التعاقد في جميع القطاعات الأخرى؟ لماذا حرام علينا حلال عليهم؟ ثم ماذا
يضيرُك يا بوراس لو طالب الأستاذ بحقه، وناضل قصد إدماجه؟ ماذا ستخسر أنت؟ أم أنك
تقول: إن الأستاذ أفضل حالا مني ومن كثير من الناس، ومع ذلك لم نخرج للاحتجاج ! فأقول
لك: ها هي الساحة أمامك تسعك وتسع غيرك، أما وقد رضيتَ لنفسك الذل والخنوع فلا
تطلب من غيرك أن يذل ويخنع كما تفعل أنت، فما أُخِذ حقُّ الأستاذ إلا بخنوع أمثالك.. أما
النوع الثاني فأقول له: الادعاء أن مطالب الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد هي
مطالب خبزية فقط ولا علاقة لها بتجويد التعلمات هو ادعاء باطل، بل تافه، وزعمٌ
بليدٌ لاعتبارات عدة: ينبغي أولا أن نُسَلِّمَ جميعا أن التعليم مهنة مثلها مثل
باقي المهن الأخرى، فيها من يؤدي رسالته بإخلاصٍ وإتقانٍ وتفانٍ ونكرانِ ذاتٍ،
وفيها من يغش ولا يستحضر مراقبة خالقه عز وجل.. فالأستاذ شأنه شأن الطبيب والمهندس
والصحفي والتاجر والفلاح والشرطي والوزير وغيرهم.. فهؤلاء كلهم منهم المخلص في
عمله، المُتقن له، ومنهم الغاش والخائن.. لا يمكن لأحد أن يُنكر أن تحسين الوضعية
المادية للأستاذ سيؤدي حتما إلى الرقي بجودة التعلمات، وأن مطالبة الأستاذ بحقوقه
تعتبر من أوجب الواجبات، فهذه الحقوق هي التي تحفظ له الضروريات وتعينه على أداء
رسالته.. كيف
يمكن للأستاذ أن يؤدي واجبه على أحسن وجه وحقوقه المادية مهضومة؟ والاقتطاعات
الجائرة مستمرة كل شهر من أجرته الهزيلة؟
#protect_teachers_in_morocco
بقلم الأستاذ: حميد
شهبار