في الآونة الأخيرة بدأنا نسمع في كثير من المواقع وعلى وسائل التواصل
الاجتماعي عن توجه ينادي بالترقية المهنية لأطر التدريس عن طريق المردودية داخل
الفصول الدراسية وهو التوجه الذي ينادي به أيضا الحزب الذي يرأس الحكومة الحالية –
حزب التجمع الوطني للأحرار- ،وذلك سعيا لتجويد منظومة التربية وتوحيد المسار
المهني لجميع المدرسين بجميع الأسلاك وإزالة جميع أشكال التمييز والفئوية من هذا
القطاع الحساس.
هذا ما يدفعنا للتساؤل عن ماهية المردودية
وكيف يمكن تطبيقها كآلية لتقويم أداء المدرسين داخل المنظومة التربوية؟
أولا : تعريف للمردودية : تعني المردودية في
معجم الجامع (مصدر صناعي ) مردودية العمل ، عطاؤه ، دخله.
ويصطلح عليها باللغة الفرنسية بعدة مصطلحات
من بينها rentabilité ,
rendement, productivité, …
وكل هذه المصطلحات قادمة من المجال الاقتصادي والتجاري كونها مفهوما قابلا
للقياس في هذا المجال حيث يمكن قياس مردودية
مستخدم في المبيعات عبر معرفة رقم مبيعاته خلال شهر أوسنة بعد مقارنته
بأقرانه من المستخدمين ومن خلال هاته الدراسات الاقتصادية الحسابية يمكن التمييز
بين مردودية مستخدمين اثنين من نفس الشركة وبنفس الامكانات ونفس المؤهلات فيكون
الحكم بينهما منصفا إلى حد ما.
ثانيا : المردودية داخل الفصل كمفهوم تربوي
من الصعب جدا إعطاء تعريف لمفهوم المردودية
في المجال التربوي ، كونه مفهوما معقدا ومرتبطا بعدة متغيرات كبنيات المؤسسات ،
الوسط الاجتماعي، الإمكانات المتوفرة ، التواصل مع المجتمع المدرسي، التكوين ...
فالمردودية بالوسط التربوي هناك من يلخصها في نتائج المتعلمين ونسب النجاح
وهناك من يربطها بمشاركة المتعلمين وتفاعلهم وهناك من يربطها بالغياب ، لكن
المردودية داخل الفصل هي مفهوم يصعب قياسه في أغلب الأحيان حيث أنه يشكل تحديا
للقائمين على المجال التربوي وخاصة منهم الباحثين التربويين والأكاديميين الذين
يعتبرون لحد الآن المسؤولين عن وضع أسس وقوانين التقويم المهني القائم على
المردودية حيث وجب عليهم اليوم التفكير في كيفية تسخير مؤهلاتهم العلمية لخدمة
المنظومة التربوية لتكون منصفة وتسود فيها المساواة وتكافؤ الفرص.
ثالثا: المردودية داخل القسم وعلاقتها بالترقية
كما يعلم الجميع أن نظام الترقية بالوظيفة العمومية على العموم هو نظام
قائم على الترقية وفق سلم الترقي والرتب ، فكل موظف عمومي يرتقي في سلم الترقية
وفق امتحان مهني أو عن طريق الاختيار أو التسقيف أو الشهادات وفق "كوطا"
محددة سلفا في قانون المالية ، فيكون لذلك الترقي أثر مادي محفز للبذل والعطاء في
الوظيفة العمومية، لكن التفكير في نظام ترقية مبني على المردودية خاصة في ميدان
التعليم ربما لن يحقق الأهداف التي جاء من
أجلها وربما سيزيد الشرخ ويكرس المزيد من اللامساواة وعدم تكافؤ الفرص وغياب
الإنصاف وبالتالي ظهور فئوية وتمييز من نوع آخر حيث سنجد أن مدرسين أكفاء ذوي خبرة
في الميدان ومردوديتهم عالية مع تحفيزات ربما لن ترقى إلى ما كانوا سيحصلون عليه
باجتياز الامتحان المهني أو غير ذلك من أساليب الترقي التي ستعتبر آنذاك قديمة،
ومما لا شك فيه أن سؤال المردودية اليوم يسائل المسؤولين على القطاع بالدرجة
الأولى ومدى توفيرهم لظروف اشتغال ملائمة.
رابعا : كيف السبيل لإنجاح الترقية بالمردودية في النظام التربوي المغربي؟
- التكوين المستمر للمدرسين في جميع مستجدات
التربية.
- توفير ظروف اشتغال ملائمة للمدرسين في جميع
ربوع المملكة.
- التحفيز المادي والمعنوي للمدرسين وحل
ملفاتهم العالقة.
- توحيد مسار الترقي لجميع المدرسين بجميع
الأسلاك الدراسية.
- إعداد نموذج تقويمي لقياس المردودية داخل
الأقسام الدراسية وذلك وفق شبكات تقويمية بمؤشرات موضوعية تراعي جميع المتغيرات
التي سبق الاشارة إليها أعلاه،
- خلق بذيل محفز للسلم والرتبة مبني على
المردودية والكفاءة.
من كل هذه الملاحظات يظهر جليا أن تنزيل نظام
الترقي بالمردودية يلزمه المزيد من الوقت ومن التشاور المبني على نهج المقاربة
التشاركية مع جميع شركاء المنظومة التربوية والمزيد من البحث والاستثمار في العنصر
البشري من أجل الرقي بالمنظومة التربوية ، وجعلها ذات جاذبية وتنافسية مع مثيلاتها
في العالم.