recent
آخر المواضيع

صرخة مستشار متدرب

 

بقلم المستشار المتدرب: احماد وفروخ

"من اعتاد على تجاوز المحن بمفرده، لن يؤثر فيه بقاء أحد أو غيابه" نجيب محفوظ

لا يختلف الاثنان حول ما حققه الإصلاح التربوي من نتائج مهمة في مجالات نشر التعليم وتعميمه، وهيكلة أسلاكه وتنظيمها، ومراجعة البرامج والمناهج والكتب المدرسية، وتـأهيل الموارد البشرية... إذا استحضرنا قوة ومكانة مشروع المؤسسة المندمج المبني على كل من المشروع الشخصي للمتعلم ومشروع القسم والأندية التربوية... وهي جميعها آليات لتفعيل أنشطة الحياة المدرسية. فلم تعد غايات التربية "تحصر في تحصيل المعارف الأساسية التي تجعل من الفرد إنسانا متعلما، بل اتسعت لتشمل جوانب أخرى تهم إكساب المتعلمين مهارات وكفايات وسلوكات ومواقف تجعل منه فردا متوازنا ومكتمل النمو والنضج وقادرا على الاندماج بيسر في محيطه الأسري والاجتماعي ومؤهلا للتكيف مع المتغيرات والتحولات الطارئة فيهما، ومع مختلف الوضعيات التي تصادفه في حياته لتحقيق أقصى طموحاته وتطلعاته"[1].

ومن هذا المنطلق، اكتسب المستشار في التوجيه التربوي والمهني قيمته ومكانته اللتين جعلتا منه ذلك المساعد والمرشد والموجه... الضروري لرسم معالم المستقبل الدراسي والمهني، ليس فقط للمتعلمات وللمتعلمين باعتبارهم عناصر نشيطة وفعالة داخل فضاء يثير اهتمامهم ويحفزهم على العمل والمثابرة، بل ولأولياء أمورهم وللمنظومة التربوية ككل.

وإيمانا مني بهذا الدور المحوري للمستشار في التوجيه التربوي والمهني وآفاقه المستقبلية قررت التضحية بالغالي والنفيس من خلال انشغالي عن الوالدين والزوجة والأبناء؛ مقصرا بذلك في حقوقهم (أرجو الله أن يتجاوز عني) محاولا ومصرًّا على التمكن من المعارف العلمية المرتبطة بعلوم حقة وإنسانية -ليس بيني وبينها إلا الخير الإحسان- مثل: علم الاقتصاد وعلم الإحصاء وعلم النفس... بعد معانات ثلاثة وعشرين سنة -لا يعلمها إلا الخالق عز وجل- من العطاء في مناطق نائية "بالمغرب غير النافع" على حد تعبير الذين يجهلون قيمة وطبيعة وثقافة أهله؛ لأنه كي تكون ناجحا في كل مجال من المجالات يجب عليك أن تقرر بالضبط ما تريد تحقيقه.. ثم تدفع الثمن للحصول عليه، مصداقا لقول الله عز وجل في محكم التنزيل: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا ما تحبون} صدق الله العظيم.[2]

وما إن ظهرت المذكرة الوزارة المنظمة لمباراة ولوج مركز التوجيه والتخطيط التربوي في فاتح يوليوز 2022 بشروط انتقائية صارمة إن لم نقل شبه تعجيزية حتى تنفستُ كأستاذ طامح في الانخراط الفعال عبر هذا المسلك الذي يعتبر سيرورة تربوية ستمكنني لامحالة من استثمار التجربة والخبرة المتراكمتين خلال مساري المهني عبر الآليات الآتية:

        الإعلام المدرسي

        التربية على التوجيه (المشروع الشخصي للمتعلم)

        الدعم النفسي

        الدعم النفسي

        الدعم النفسي[3] 

   وليس هذا فقط، بل إلى جانب أمر فطري يرغب فيه الجميع خصوصا في ظل ما يعيشه العالم من تضخم فاحش وازدياد متطلبات الحياة اليومية؛ إنه تحسين الوضع المالي من خلال ولوج الدرجة الممتازة أسوة بباقي الأطر التربوية الأخرى. لكن وللأسف الشديد، ومع بوادر النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة التي عبر عنها اتفاق 14 يناير حتى تبخرت الأحلام وظهرت أسئلة/ إشكالات عويصة ومعقدة في أغلب الأحيان، من قبيل:

·        لماذا غامرت بمستقبل أسرتي وفلذات كبدي؟ وما ذنبهم؟

·        لماذا تركتهم في هذه اللحظة التي هم في حاجة ماسة إليّ؟

·        ما الفائدة من ولوج مسلك التوجيه هذا إذا كان سيكون سببا في الخسران المبين (طاعة الوالدين وخدمتهما، تربية الأبناء، حنان ومودة رفيقة الحياة...)؟

·        ما هي التكلفة المالية للتكوين في عاصمة المغرب التي تعرف غلاء بالمقارنة مع المغرب غير النافع على حد تعبير البعض دائما؟

·        لماذا لم ألتحق بتكوين المتصرفين التربويين مادام المركز قريبا من محل السكنى وفترة التكوين سنة فقط؟

·        لماذا لا أقدم طلب مغادرة المركز والعودة إلى الفصل؟

·        وإن قدمت الطلب، فهل أستطيع أن أدرس بنفس الحماس والعطاء من جديد؟

      ولا أخفي على الجميع، أن هذه الإشكالات كلها تكون مقترنة بسقوط لا إرادي لدموع الندم التي لا تتوقف إلا بتلاوة الآية الكريمة التي يقول فيها عز وجل: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} صدق الله العظيم[4]. والذي يزيد الطين بلة من خلال:

-          التخرج بنفس الدرجة مع سنتين جزافيتين كصدقة من الوزارة التي تناست السنتين التكوينيتين المكلفتين على جميع المستويات؛

-           تفكير الوزارة الوصية في تشتيت هيئة التوجيه والتخطيط بين الفئات التي وجدت من يدافع عنها في جلسات الحوار؛

-           عدم التفكير في مخرجات هذا الفوج الاستثنائي لتتناسب مع كل المدخلات التي فرضتها المذكرة الوزارية المنظمة لمباراة ولوج المركز؛

-           وليس هذا فقط، بل التفكير المبيّت لفتح مباراة التفتيش في التوجيه والتخطيط التربوي بعد سنوات من العمل واجتياز مباراة بشقيها الشفوي والكتابي والتكوين بالمركز من جديد.

-          وربما ما خفي أعظم....

       وخلاصة أقول، سأضيف إلى القُوتّين اللّتين تحدّث عنهما نابليون بونابرت: "لا يوجد سوى قوتين في العالم، السيف والعقل على المدى البعيد، العقل هو الذي يهزم السيف" (السيف مادي صنعه الإنسان، والعقل إبداع إلهي لا مثيل له) قُوةً جعلت الأمر هيّنا ويسيرا بل طموحا وأملا وابتسامة؛ وهي قوة قل نظيرها خصوصا في زمننا هذا: إنها جدية وتعامل الأطر الإدارية والبيداغوجية والتقنية لمركز التوجيه والتخطيط التي لم تدخر جهدا في سبيل خلق جو أسري متين إلى جانب تحقيق تكوين أكاديمي عال ذي جودة في تخصصات علمية مسايرة للتقدم الحضاري ولمستجدات المنظومة التربوية. وهنا أستغل الفرصة باسمي وباسم جميع المتدربات والمتدربين لأتوجه إليهم -كل باسمه وصفته- بجزيل الشكر والامتنان، راجيا الله عز وجل أن يجزيهم عنا خير الجزاء، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

لائحة المصادر والمراجع:

1 القرآن الكريم.

2 دليل الحياة المدرسية، دجنبر 2008.



[1] مديرية التقويم وتنظيم الحياة المدرسية والتكوينات المشتركة بين الأكاديميات، دليل الحياة المدرسية، دجنبر 2008، ص 136.

[2] سورة آل عمران، الآية 92.

[3] دليل الحياة المدرسية (المرجع نفسه) ص 138.

[4] سورة التوبة، الآية 51.

google-playkhamsatmostaqltradent