لعل المتابع للنقاش
الدائر في وسائل التواصل الاجتماعي حول مضامين مشروع النظام الأساسي لموظفي وزارة
التربية الوطنية المرتقب والذي كان موضوع تداول للمجلس الوطني للنقابة الوطنية
للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وباقي المجالس الوطنية
للنقابات التعليمية المشاركة في الحوار القطاعي لابد أن تستوقفه مجموعة من
الملاحظات..
1 _ تفشي
ظاهرة إطلاق الأحكام الجاهزة وتقاسمها بوعي وبدون وعي ،بل حتى دون اطلاع على فحوى النقاش الدائر سواء بين
الفاعلين في مجرى التفاوض أو داخل أوساط النقابات المشاركة في الحوار بخصوص
المضامين المتوافق حولها أو المختلف في شأنها وهو أمر مرده في جانب منه إلى صميم
هوية البعض ممن وضع نفسه في مأزق موقع المتفرج خارجا عن إطار الفعل والتأثير
الحقيقي في القرار بما يساهم في تجويد المقترحات والحلول ومرده أيضا إلى اعتباره
تجل من تجليات ممن يمتهن العدمية ،أو ردة فعل من لفظهم المخزن بعد أن قضى وتره
منهم ،لكن أن يحاول البعض التوهم وإيهام الرأي التعليمي بأن النظام الأساسي
المرتقب لن يحمل أي جديد إيجابي وسيكرس فقط مجرى الإجهاز على المكتسبات فهذا فيه
احتقار لذكاء نساء ورجال التعليم ،ومنهجية معروف أصحابها وأهدافها ،فحبل الكذب
قصير وستنجلي الحقيقة بعد شهر على أبعد تقدير..
2 _ في
استراتيجيات ردم الثقة في المؤسسات يتم اللجوء إلى شيطنة الآخر وتخوينه وابتداع كل
أساليب التشكيك والتشويش وإعادة الأكاذيب وتكرارها بغاية تلبيسها لبوسات الحقيقة،
وهذا ما لمسناه ونلمسه في أي محطة تفاوضية، وغرض الجهات الرسمية التي تؤطر في
الغالب هذه الاستراتيجيات وتمولها هو التأثير على الطرف الآخر، لكن هناك جهات أخرى
تدعي تمثيلها للمجتمع وللشغيلة تنخرط بقصد أو بدون قصد في جوقة المشتغلين لفائدة
الجهات الرسمية. فمن السهل اليوم في غياب الفكر النقدي وطرح السؤال حول صحة ومصادر
المعطيات والمضامين تصديق الكذب والإشاعة في زمن تسطيح الوعي وتجفيف منابعه، مما
يفتح شهية استهلاك الخبر والمعلومة بشراهة وإعادة تقاسمها في كل وسائل التواصل
الاجتماعي دون تمحيص ولا تدقيق.
النظام الأساسي لم يتم
الحسم فيه بعد، والأهم هو الآتي فعادة في اللحظات الأخيرة ما يتم التوصل إلى
الحلول واستحضار هذا المعطى أساسي في فهم ما يجري.
3 _ النظام
الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية هو موضوع للتفاوض بين أطراف عدة، ولكل تفاوض
أهدافه واستراتيجياته وتكتيكاته وأي فهم لا يستحضر هذا المنطلق الأساسي هو فهم
قاصر يتوقف فقط عن حدود المتداول ولو بشكل تعسفي. للتفاوض حقائقه وله أيضا احتمالاته،
وللمنطق النقابي السوي المنحاز طبعا للشغيلة منهجه ورؤيته الواضحة التي تنطلق من
أولويات أساسية ومن حد أدنى يتم السعي تدريجيا لتوسيعه لاستيعاب كل القضايا
المطروحة في الساحة التعليمية.
4_ النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية
شأن يهم كل نساء ورجال التعليم والحرص على إشراكهم والاستماع لانشغالاتهم
وملاحظاتهم هو التزام دفع النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية
الديمقراطية للشغل لتبني استراتيجية تواصلية مؤطرة برؤية واضحة تجسدت في الجرأة
على فتح النقاش العمومي حول النظام الأساسي قبل وبعد التوقيع على محضر المبادئ
العامة المؤطرة وقبل الانتهاء من صياغة المسودة بشكل نهائي وذلك بعقد المجلس
الوطني للنقابة وعقد ملتقيات للسكرتاريات الوطنية للفئات وأيام دراسية وعقد لقاءات
مفتوحة ، وهو النقاش الذي سيستمر بنفس الوضوح ونفس الالتزام لحين إصدار النظام
الأساسي في صيغته النهائية ،الغاية هو انتزاع أكبر عدد من المكتسبات وحل أكبر عدد
من المشاكل الفئوية المتراكمة ، باستحضار كامل و بوعي تام لطبيعة المرحلة والسياق
وحاجة المدرسة العمومية للإصلاح الذي لن يتأتى دون تحسين الأوضاع المادية
والمعنوية لكل فئات الشغيلة التعليمية.
5 _ كان
الغرض من عقد المجلس الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء
الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ليس الحسم في موقف النقابة من النظام الأساسي ولكن
التزاما بالمنهجية المتفق حولها بعرض حصيلة التفاوض والاستماع لرأي ومقترحات
برلمان النقابة في مجريات الحوار عموما والحلول المقترحة لحل بعض القضايا الفئوية
العالقة وتقاسم كل ما تم التوصل إليه مما تم التوافق حوله أوالتي مازالت في عداد المختلف
فيه لتشكل أرضية لتأطير اللقاءات على مستوى الجهات والأقاليم والفروع وإمداد
المكتب الوطني بالمقترحات والتعديلات والتوصيات في تقارير تركيبية بغية استثمارها
في ما تبقى من مسار التفاوض.(انظر بيان المجلس الوطني بتاريخ 22يوليوز 2023)
6 _ إن
التعاطي مع المضامين الخاصة بمشروع النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية
لا يستقيم بوجهة نظر فئوية ضيقة، بل يجب أن تُؤَطر قراءة هذه المضامين برؤية
شمولية تستحضر مدى ترجمتها لكل المبادئ العامة المؤطرة الواردة في محضر اتفاق
14يناير 2023 واتفاق 18بناير2022 وبالسعي لانتزاع أكبر عدد من المكتسبات بما يجعل
من النظام الأساسي المرتقب نظاما موحدا وموحدا ومحفزا لكل الشغيلة التعليمية.
محمد حدوتي
عضو المكتب الوطني
للنقابة الوطنية للتعليم (ك د ش)