recent
آخر المواضيع

الفرق بين المقاربة بالمضامين والمقاربة بالأهداف والمقاربة بالكفايات

الفرق بين المقاربة بالمضامين والمقاربة بالأهداف والمقاربة بالكفايات.

1) المقاربة بالمضامين:

تعتمد هذه المقاربة على المحتويات المعرفية من أجل الوصول إلى تنمية القدرات والمهارات والمواقف لدى المتعلمين.

إن المتعلم في نظر هذه المقاربة يستطيع أن يكتسب قدرات ومهارات ومواقف عندما يقطع مسارا دراسيا معينا، يتعامل فيه مع أنشطة دراسية مختلفة ذات محتويات معرفية. فالمعرفة حسب هذه المقاربة تصبح هي الهدف الأساسي الذي تتوخاه، من أجل ذلك كانت المناهج تحدد أهدافها وغاياتها إنطلاقا من هذا التصور النظري الذي يرتكز كثيرا على المعارف بإعتبارها غايات ينبغي تحقيقها في كل المواقف التعليمية، كما إعتمدت هذه المقاربة على طرائق تربوية وأساليب تعليمية تهتم بتنظيم المادة الدراسية (تنظيم المعرفة) أكثر من إهتمامها بتنمية قدرات التلاميذ ومهاراتهم ومواقفهم.

ولما كان إكتساب المعرفة هو غاية الغايات فقد وضعت أدوات التقويم ووسائله على أساس ذلك، بحيث لا تركز إلا على تحصيل المعارف والتحكم في إسترجاعها، وحسن ترتيبها وتنظيمها في مقالات، وليس هناك نموذجا يحقق هذه الأهداف إلا الإختبارات التقليدية ، أي الإختبارات من نوع المقال، كما أن دور العلامة التي تمنح للتلميذ سيتعاظم بإستمرار في ظل هذه الفلسفة التقويمية وسيكون هو المؤشر الحقيقي لقياس الكفاءة العلمية الإستظهارية، من غير أن ينظر إلى القدرات والمهارات والمواقف التي إكتسبها التلميذ كأهداف أولية. (خير الدين هني )

ولقد تأكد أن هذا النوع من المقاربات أظهر نقصا واضحا لأنها تهتم فقط بنشاط التعليم

دون نشاط التعلم حيث لاتعطي أهمية لقدرة التلاميذ وخصائص تعلمهم ، ولا لأهداف عملية التعلم.

2) المقاربة بالأهداف:

إن التعليم بواسطة الأهداف نموذج آخر يختلف إختلافا كبيرا عن التعليم بواسطة المضامين، فهو طريقة لتنظيم التعليم وتخطيطه وإنجازه وتقييمه، ولتحقيق ذلك كان لابد من اتباع خطة عمل تتكون من عمليات ومواقف منظمة لإحداث تفاعلات بين عناصر العملية التربوية، وتلك هي الإستراتيجية التي تعني تنظيم التعليم بكيفية تؤدي إلى بلوغ الأهداف عبر مسار يقطعه المدرس بمعية التلاميذ من أجل تحقيق تعليم ما إنطلاقا من أهداف محددة اتجاه نتائج مرجوة وعليه فالفعل التربوي في هذا النموذج حسب ما يصرح به محمد الصالح حثروبي خاضع للمفاهيم التالية: 

- قبل العملية التعليمية: تخطيط هذه العملية اعتمادا على صياغة واضحة للأهداف،

بحيث تستجيب لما يحتاجه المتعلم من جهة، ولما يتطلبه الوسط التربوي من جهة أخرى.

- خلال العملية التعليمية: تنظيم سيرورة الفعل التعليمي في مضامينها وطرائقها ووسائلها إضافة إلى التفاعل بين المعلم والمتعلم.

- عند نهاية العملية التعليمية: التحقق من نتائج الفعل التربوي التي تحددها أساليب التقويم، وإختبار مجهود التلاميذ.

وإذا كانت المقاربة بالمضامين تعتمد على منطق التعليم وتهدف أساسا إلى نقل المعارف والمعلومات إلى المتعلمين بواسطة المعلم فإن المقاربة بالأهداف تقوم على منطق التعلم بواسطة سلوكات قابلة للملاحظة، ولا تهتم بالعمليات الذهنية الضمنية المتدخلة في تحقيق السلوك المستهدف.

وعلى الرغم من الخدمات الهامة التي أسدتها هذه المقاربة في المحيط التربوي، فإنها تعرضت إلى إنتقادات كثيرة ومختلفة منها:

- تختزل التعلمات (مكتسبات التلاميذ) في العمل على تحقيق سلسلة من الأهداف السلوكية، التي تقود إلى تجزيء بل إلى تفتيت النشاط إلى الحد الذي يصبح التلميذ معه عاجزا عن تبيان ماهو بصدده ، ومن الصعب عليه معرفة مغزى نشاطه.

إن هذه النزعة نحو التجزيء والتفكيك تجعل من الصعب على المقوم مثلا، القول بأن مجموع السلوكات المكتسبة يحقق الغاية المرجوة والتي كان من المفروض أن تشكلها، فإذا قلنا مثلا على التلميذ لكي يكتسب مهارة الكتابة، أن يتعلم الهدف رقم 1 وبعده الهدف رقم 2 ثم الهدف رقم 3...الخ، فهل يشكل مجموع هذه الأهداف الجزئية الغاية المرجوة ؟ وهل يعطي التلميذ مغزى تحقق هذه الأهداف السلوكية الجزئية ؟ وهل يتكون لديه إدراك واضح لذلك؟

- إن صياغة الأهداف السلوكية الإجرائية عملية بطيئة ومجهدة ومعقدة على الرغم من

ظهورها بمظهر السهولة والبساطة.

- إن الإمعان في تجزيء الأهداف إلى عناصر ذاتية يجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل أن تعكس هذه الأهداف الجزئية الهدف العام أو غايات ومرامي التربية ، ثم إن الإتجاه السلوكي الذي تقوم عليه المقاربة بالأهداف في وضع الأهداف لا يقيس تحسن المهارات العقلية قياسا مباشرا بل يستدل على تحسنها بطريقة غير مباشرة عبر تجلياتها السلوكية، وهذه التجليات هي مؤشرات خارجية فقط، فقد تعكس بصدق المهارات العقلية المنشودة وقد لا تعكسها.

ونظرا لهذه الإنتقادات وغيرها كان التراجع عن هذه المقاربة في كثير من الأنظمة التربوية 

-3 تعريف المقاربة بالكفاءات:

حسب الربيع بوفامة تعرف المقاربة بالكفاءات على أنها :" أحد تطور بيداغوجيا الأهداف والتي يطلق عليها الجيل الثالث لإستراتيجية الأهداف فهذه الإستراتيجية

تنطلق من القدرات والتي تكون فطرية في المتعلم، إلا أن كل قدرة تحتاج إلى اكتساب كفاءات تستجيب لها وترقيها وتطورها إلى أرقى ما يمكن من استغلال القدرة وبالتالي فكل قدرة من قدرات المتعلم تشمل كفاءات عديدة متنوعة، معرفية، نفسية وحركية."

وانطلاقا مما سبق فإن مقاربة التدريس بالكفاءات هي تصور بيداغوجي يتبنى إستراتيجية في التعلم والتعليم ، مرتكزة حول المتعلم جاعلة منه هدف العملية التربوية ومحورها وتسعى إلى تنمية قدراته ولكسابه مهارات وكفاءات بما يتناسب وهذه القدرات من جهة وبما يتناسب ومتطلبات المجتمع من جهة أخرى.

فالمقاربة بالكفاءات تسعى إلى تطوير كفاءات المتعلمين والتحكم فيها عند مواجهة التحديات في وضعيات مختلفة وهي لاتتعارض مع البيداغوجية الكلاسيكية ولكنها جاءت لتؤكد الأهداف التي تأخذ بعين الإعتبار تطور المدرسة في المجتمع ، وهذا يعني أن الهدف الأساسي لهذا المسعى البيداغوجي الحديث هو إعداد متعلمين يتجاوبون مع عالم الشغل على أساس الكفاءة المهنية التي تتطلبها الوظيفة عكس ما كانت عليه المدرسة سابقا والتي سعت إلى تلقين معارف تتوج بشهادات على أساسها يتم التوظيف في مناصب شغل على حساب المهنة والتحكم فيها ، فإذا كان الهدف من المقاربة التقليدية سابقا هو تحليل الحاجيات والتعرف على النوعيات والقدرات والمعارف الضرورية عند تنفيذ بعض المهام فالمقاربة المؤسسة على الكفاءة تهدف إلى التعرف على النتائج التي تبرهن على التنفيذ الفعال للمهام.

وقد تبنت مجموعة من الأنظمة التربوية في العالم المقاربة بالكفاءات بغرض:

- تجاوز الواقع الحالي المعتمد فيه على الحفظ والإسترجاع وعلى منهج المواد الدراسية المنفصلة.

- تفادي التجزئة الحالية التي تقع على الفعل التعليمي التعلمي بإعتباره كما لا متناهيا من السيرورات المترابطة والمتداخلة والمنسجمة فيما بينها.

- الإهتمام بالخبرة التربوية لإكتساب عادات جديدة سليمة وتنمية المهارات المختلفة والميول مع ربط البيئة بحاجات التلميذ.

- إعطاء مرونة أكبر للإنفتاح على كل جديد في المعرفة وكل ما له علاقة بتطور شخصية المتعلم.

وتتميز هذه المقاربة بالخصائص التالية :

- الإنطلاق من منطق التعليم إلى منطق التعلم والإهتمام أكثر بنشاط المتعلم والنتائج التي يحققها في عملية التعليم والتعلم.

- إدماج المعارف والسلوكيات والأهداف التعليمية بشكل بنائي متواصل وليس بشكل تراكمي.

تفريد التعليم وتكييفه للفروق الفردية داخل الفوج التعليمي ومراعاة ملامح التعلم لكل تلميذ  بينما يراعى المتوسط الشائع في المقاربة بالمضامين والمقاربة بالأهداف ولهذا 

- فإنه من بين الأسس العلمية النظرية التي ترتكز عليها بيداغوجيا الكفاءات هي البيداغوجيا الفارقية.

- السعي إلى تحقيق التكامل بين المواد والأنشطة الدراسية المختلفة ، وجعل المعارف وسيلة لاغاية يتوقف عند إكتسابها وحفظها جهد التلميذ.

- تطبيق التقويم البنائي الذي ينصب على أداء المتعلم ومهاراته ومواقفه وقدراته ويهتم بقياس مؤشرات الكفاءة المطلوبة حسب مستوى الإتقان والتحكم المرغوب فيه.

- التدرج في بناء المفاهيم وإكساب المتعلم المعارف والسلوكيات.

- تحويل المعرفة النظرية إلى معرفة عملية .

وتقوم المقاربة بالكفاءات على جملة من المبادئ منها :

مبدأ البناء : أي استرجاع التلميذ لمعلوماته السابقة قصد ربطها بمكتسباته الجديدة وحفظها في ذاكرته الطويلة.

مبدأ التطبيق: يعني ممارسة الكفاءة بغرض التحكم فيها.

مبدأ التكرار: أي تكليف المتعلم بنفس المهام الإدماجية عدة مرات قصد الوصول به إلى الاكتساب المعمق للكفاءات والمحتويات.

مبدأ الإدماج : يسمح الإدماج بممارسة الكفاءة عندما تقرن بأخرى كما تتيح للمتعلم التمييز بين مكونات الكفاءة والمحتويات وذلك ليدرك الغرض من تعلمه .

مبدأ الترابط: يسمح هذا المبدأ لكل من المعلم والمتعلم بالربط بين أنشطة التعليم وأنشطة التعلم وأنشطة التقويم التي ترمي كلها إلى تنمية الكفاءة.

- إستراتيجية التعليم بمقاربة الكفاءات : 

إن العملية التعلمية عملية معقدة ، ولكي نصل إلى تحقيق النتيجة المرغوب فيها لابد من اتباع إستراتيجية تعلمية ، وهذه الأخيرة لاتستطيع إحداث تغيير إلا إذا كانت مناسبة وناجعة.

والإستراتيجية هي خطة عامة تغطي أهدافها حقبة زمنية غير محددة بالضرورة ، ووظيفة الإستراتيجية في التربية هي رسم السياسات العامة للمهام ، ولا تأخذ في حسبانها العوامل أو المتغيرات التي تتضمنها المواقف خلال التخطيط أو التنفيذ، وتستخدم في التعليم كخطة إجرائية تتميز بتكامل مكوناتها من المبادئ والأنشطة والعوامل التربوية ، تهدف إلى تحقيق نوع معين من التعلم لدى فئة محدودة من المتعلمين كما هي خطة منظمة في منهجية ، تتضمن مسارا من العمليات التي يمكن أن تقود إلى تحقيق أهداف معينة.

وإستراتيجية التعليم والتعلم بمقاربة الكفاءات تستمد جذورها من علم النفس السلوكي كما هو الحال بالنسبة للتعليم بواسطة الأهداف (الجيل الأول) ومن جوانب أخرى من علم النفس المعرفي وعلم النفس البنائي ، والتعليم بمقاربة الكفاءات هو العملية التي تكون فيها نواتج التعلم تمثل أهدافا تعليمية عامة محددة في المناهج المدرسية في صيغة كفاءات تكونها نتائج تعلمات تترجم في صور أفعال سلوكية حيث ينتج عن كل تعلم من التعلمات إكتساب سلوك جديد له تأثير على الفرد ، ولتعلم الفرد أهداف ونتائج على مستوى المجالات الآتية :

- مجال تعلم المفاهيم (معارف صرفة ).

- مجال تعلم المهارات (معارف فعلية ).

- مجال تعلم الوجدانيات من قيم وإتجاهات وميول ( معارف سلوكية).

إن إستراتيجية التعليم بمقاربة الكفاءات تأخذ بعدها الديناميكي من دلالة الكفاءة ذاتها في طابعها المادي ، حيث غالبا ما ترتبط الكفاءة بحل المشكلة المرتبطة بالمادة وتعتمد على المعارف المرتبطة بتلك المادة ،كما قد تلجأ إلى توظيف جملة من المعارف المرتبطة بعدة مواد.

ونظرا لعلاقة الإنسجام والتفاعل القائمة بين المقاربة والإستراتيجية حيث كل تغيير في إحداهما يتطلب تغييرا في الثاني ، فإن المنطق البيداغوجي لنمط الأداء التربوي بعد إنتقاله من إستراتيجية الأهداف الكلاسيكية إلى إستراتيجية التعلم بالكفاءات يتطلب تغييرا مناسبا لنمط مقاربة التعليم على ضوء الإستراتيجية المعتمدة.

 

google-playkhamsatmostaqltradent