رفعت “الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب” إلى أنظار رئيس جامعة الحسن الأول – سطات ما وصفتها بـ”مطالب التحرّي المستعجَل في ترشح أحد أساتذة التعليم العالي بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير تحوم حوله شبهة انتحال صفة ينظمها القانون وتزويره لوثائق إدارية في خرق للمساطر القانونية المعمول بها، لشغل منصب مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ببرشيد”.
ترشح هذا الأستاذ المعني لاجتياز مباراة منصب مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ببرشيد أثار حفيظة الهيئة المدنية الحقوقية، مؤكدة أنها أبلغت نسخة من “إشعار الإخبار والتدخل” إلى كلٍّ من وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ورئيس الحكومة.
واعتبرت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، عبر منسقيّتها في جهة أكادير سوس-ماسة، أن مراسلتها إلى الفاعلين الرسميين تأتي “تماشيا مع أدوارها في رصد وتتبع وفضح لكل الخروقات التي تمس بمبادئ الحكامة والشفافية في تدبير الشأن العام ببلادنا”، مشددة على أهمية “التحري في هذا الشأن واتخاذ المتعين قانونا وإدراج هاته المراسلة لدى لجنة المباراة من أجل العلم بما ارتكبه هذا المترشح من جرائم مُوجبة لاستبعاد ملف ترشيحه”.
المراسلة، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، انطلقت من أن دورها كهيئة للشفافية تُمارسه “من خلال التواصل أو التدخل لدى الجهات المسؤولة والمؤسسات المعنية، وبكافة الوسائل المشروعة للمساهمة في محاربة الفساد وتحقيق الأهداف المرجوة في تخليق تدبير الشأن العام، وتكريس قيم النزاهة ومبادئ الحكامة الجيدة، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي نص عليه دستور المملكة”.
وفي التفاصيل، لفت الإشعار ذاته انتباه رئيس جامعة الحسن الأول بسطات إلى أن “الهيئة تتوفر على معلومات تفيد ترشح أحد أساتذة التعليم العالي بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير لاجتياز مباراة منصب مدير المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ببرشيد بالرغم من كونه موضوع أكثر من شكاية ومحل تحقيقات جارية أمام قاضي التحقيق”.
وتهم التحقيقات الجارية، بالخصوص، “انتحال المعني بالترشح صفة مدير مساعد بالمدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير، واستعماله وثيقة مزورة والمشاركة لحضور مجلس المؤسسة واللجنة العلمية والمداولات بهاته المدرسة خلال الفترة من 2016 إلى 2022″، وفق الهيئة، مسجلة أن ذلك “خرق سافر للقانون وترشح لمؤسسة عمومية رغم ارتكابه لجرائم يعاقب عليها القانون الجنائي”.
أفاد يونس بوبكري، أحدُ المُوقعين على المراسلة والمنسق الوطني للجنة الوطنية للخبراء والقوانين بالهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، أن “مراسلتهم للجهات الوصية وشكايتهم شكاية مباشرة ضد المعني إلى قاضي التحقيق المحكمة في محكمة الاستئناف بأكادير نابعة من منطلق حماية الصالح العام من جرائم الفساد الإداري والمالي التي يعاقب عليها القانون”، نافيا أن يكون “الدافع تصفية حسابات شخصية أو ما شابه”.
وتابع بوبكري، في توضيحات وإفادات لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المعني بالأمر، وهو أستاذ حاليا بـ ENSA أكادير، يُتابَع أيضا أمام محكمة جرائم الأموال بمراكش في قضايا تبديد أموال عمومية والمشاركة في تزوير شواهد إدارية واستعمالها لأغراض مشبوهة، وهي قضايا ما زالت موضوع دراسة وتحقيقات قضائية مستمرة إلى الآن”، منبهاً إلى أن “قبول ملفه وفي حالة ما تمّ تعيينه مديرا لمدرسة هندسة عمومية يعد جريمة تمس الصالح العام ونزاهة قطاع التعليم العالي”.
وشرح قائلا: “توجَّهْنا كهيئة للشفافية إلى مقر رئاسة جامعة ابن زهر واجتمعنا برئيسها لنخلُص إلى وثيقة رسمية تشهد أن المعني لا يتوفر بشكل قطعي على صفة مدير مساعد؛ وهو ما راسلنا على أساسه القضاء بأكادير قصد التدخل ليجريَ الاستماع إلينا وإلى المعني بالأمر بخصوص انتحال صفة وتعيين مشكوك فيه حصل منذ مدة”.
الفاعل المدني ذاته استغرب مما وصفه “تماطل السلطات المختصة في تحريك الدعوى وتأخُّر التفاعل مع ما يترتب عن الشكاية من إسقاط ترشيحه لمباراة عمومية تتطلب درجات عالية من النزاهة وحس المسؤولية…”، مجددا التأكيد على أن “كلفة تأخر محاربة الفساد باهظة على مصالح بلادنا ومصداقية مؤسسات جامعية بعينها؛ وهو ما نبهنا إليه رئيس جامعة سطات”.
وختم بوبكري حديثه مع هسبريس بأن “التواصل جارٍ حاليا مع مصالح رئاسة النيابة العامة بالرباط وكذا الجهات القضائية الوصية على قضايا محاربة الفساد للفت انتباهها وكذا تسريع تحريك مسطرة المتابعة نظرا لتوفر الدلائل، قبل نفاذ نتائج المباراة التي ترشح لها المشتبه فيه”.
يشار إلى أن جريدة هسبريس الإلكترونية سعَت وحاولت التواصل مع الأستاذ المعني بالشكاية والمراسلة قصد نيل رأيه في الموضوع؛ غير أنه لم يتسن لها الوصول إلى ذلك.