راسلت مجموعة من الأساتذة الجامعيين الباحثين بقسم علوم الأرض بكلية العلوم والتقنيات بالرشيدية التابعة لجامعة مولاي إسماعيل وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، بخصوص ما اعتبروه “خروقات طالت مباراة توظيف أستاذين للتعليم العالي مساعدين بجامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم والتقنيات بالرشيدية – تخصص جيولوجيا”، مثيرين انتباه المسؤول الحكومي الوصي إلى “مشاكل تضارب المصالح وعدم الشفافية وعدم الوضوح في تشكيل لجان المباريات”.
وتضمنت الرسالة إلى عبد اللطيف ميراوي “نص شكاية” موجهة إلى “مديرية الشؤون القانونية والمعادلات والمنازعات” بوزارة التعليم العالي، ذُيّلت بتوقيعات 8 أساتذة وأستاذات على هذه الوثيقة، قائلين: “نقدم لكم موقفا يبدو مشكوكا فيه بالنسبة لنا؛ ويتعلق بالعملية المعدَّة لتوظيف اثنين من أساتذة مساعدي التعليم العالي في قسم علوم الأرض في كلية العلوم والتقنيات الرشيدية لعام 2023”.
وطلبت الرسالة “تدخلّ الوزير ميراوي لوضع حد لهذا النوع من الممارسات التي تؤدي إلى الإضرار بصورة جامعتنا؛ وبالتالي صورة الوزارة الوصية”، معبرين عن “استعدادهم لتزويده بجميع التفاصيل والوثائق المتعلقة بهذه القضية وتلك التي حدثت في الماضي”، حسبهم. وزادوا: “نأمل بشدة أن تدخلكم يُرسي المزيد من الشفافية والاحترام لسلطات الجامعة ونبقى على ثقة من أنكم ستفعلون ما هو ضروري لتوفير فرص متساوية لجميع المرشحين المغاربة”.
وسجلت الوثيقة، التي تتوفر هسبريس على نسختها، “اختلاف الأساتذة التام مع الأساليب التي يُدار بها قسم علوم الأرض في كلية العلوم والتقنيات بالرشيدية حاليا”، معبرين عن “دهشتهم من الطريقة التي تم بها اختيار التخصصات للوظيفتين بالشعبة في سنة 2023”.
كما استنكر المشتكون، وفق تعبيرهم، “رفض رئيس الشعبة تقديم المحضر الخاص باختيار تخصص للوظيفتين المعنيتيْن”، مؤكدين أنهم “قد تدّخلوا عند عميد كلية العلوم والتقنيات بالرشيدية بشأن المخالفات التي رافقت هذه القضية”؛ وهو الأمر الذي أكده أحد الأساتذة الموقّعين على الشكاية، في حديثه مع هسبريس.
وأكد أساتذة تخصص علوم الأرض بالكلية المذكورة أنهم عبّروا عن “إصرار عميد الكلية على أهمية الالتزام باللوائح فيما يتعلق بتكوين اللجنة للمَنصبين”، كما ينص على ذلك القانون، مذكّرين الوزارة بـ”رسالة خطية بتاريخ 26/06/2023 إلى رئيس جامعة مولاي إسماعيل–مكناس تحت إشراف عميد كلية العلوم والتقنيات بالرشيدية، دون تلقّي أي رد”.
وأوردت الوثيقة: “مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن رئيس جامعة مولاي إسماعيل لم يردّ على رسالتنا، فإننا نعتقد أنه من المشروع إبلاغ الوزير بهذا الموقف؛ وهو، على أقل تقدير، غير شفاف مشبوه في مجريات هذه المباراة”.
“تهديد باللجوء إلى القضاء”
أحد أساتذة التعليم العالي بكلية العلوم والتقنيات الرشيدية تحدث لهسبريس شارحا تفاصيل القضية، التي لخّصَها في “توالي وتكرار ممارسات لا علاقة لها بالقانون، لا سيما نقطة تحديد حاجيات التخصص داخل الشعبة بمحضر رسمي متوافق بشأنه”، مؤكدا أن “مباراة التوظيف المشبوهة لا تستجيب لحاجيات المؤسسة الجامعية وآفاق تطويرها”.
واتَّهم المتحدث عميد الكلية بالنيابة بما وصفه “التحيّز الواضح للأساتذة الذين وافقوا على فتح مباراة في تخصص يخدُم مصالحهم”، مشيرا إلى أن “مراسلتهم وتشكيهم لرئيس جامعة مولاي إسماعيل ظل دون رد، إلى حدود اليوم”.
وخلص قائلا: “في حالة عدم تحرك مصالح الوزارة مركزيا بعد مراسلتنا فإننا سنقصد المحكمة الإدارية لإنصافنا والطعن في لجنة الانتقاء وتصنيف الملفات وتحديد حاجيات المنصبين وتخصصهما”، منتقدا انتشار “تضارب المصالح وغياب الاستحقاق بعدما جرى حصر لائحة المدعوين للشفوي في طلبة دكاترة باحثين يشرف على أطروحاتهم أساتذة أعضاء في لجنة المباراة”.
العميد يوضح
من جهته، تواصلت جريدة هسبريس مع العميد بالنيابة لكلية العلوم والتقنيات بالرشيدية، الذي بسَط “توضيحاته وإفاداته” بخصوص القضية. وقال جواد فوصحي: “إن المناصب المخصص لمؤسسته تحترم مضامين المذكرة الوزارية التوجيهية وصادَق عليها مجلس الكلية”، مؤكدا أنه عقد لقاءيْن بخصوص الموضوع مع أساتذة قسم علوم الأرض.
وتابع فوصحي موضحا: “جوهر الإشكال يكمن في تحديد التخصص حين فتح إعلان المباراة لشغل منصب أستاذ مساعد للتعليم العالي؛ فبينما دافعتُ عن توسيع التخصص لمنح فرصة لأكبر عدد من المترشحين، طالب جزء من الأساتذة بتخصيصه وتحديده بدقة”، مشيرا إلى أن النقاش خلُص إلى “مراعاة حاجيات الكلية وطلبتها”.
ونفى العميد جملة وتفصيلا ما ورد في الشكاية من “عضوية أساتذة مؤطرين للدكتوراه في لجنة انتقاء المباراة”، مؤكدا “لا يمكن مخالفة مقتضى قانوني صريح؛ وإلاّ فإن المباراة ستَجري تحت طائلة إلغاء نتائجها في النهاية من طرف الوزارة”.
وختَم بالتأكيد على أن “القانون يسري على الجميع”، لافتا إلى أن تحديد مناصب هذه السنة بالكلية جرى بتشاور مع المعنيين بعدما لم يستفيدوا من مناصب مالية في سنة 2022.
“تعهّد بالحرص على الشفافية”
للتذكير، وفي دجنبر 2022، كان ميراوي، في معرض تفاعله مع سؤال شفوي آني حول “شفافية مباريات توظيف أساتذة التعليم العالي المساعدين” بمجلس المستشارين، كان قد شدد على اعتماد “معايير ناجعة” لانتقاء أحسن الكفاءات؛ موردا “التميز الأكاديمي والعلمي والقدرة على الاضطلاع بمهام التدريس”.
وقال الوزير: “ربما تكون هناك تجاوزات؛ ولكن الوزارة تتابع كل منصب شغل بالجامعات بشكل جدّي ومدقق حسب كل حالة، وإذا كان شي مشكل يْراسلونا ونحن سنفتح تحقيقا”، قبل أن يؤكد توصل الوزارة بشكايات يكون أغلبها غير صحيح بنسبة 70 في المائة، لافتا إلى أن “المفتشية العامة للوزارة لم تدخر جهدا في التجاوب السريع معها”.
ميراوي تعهّد -آنذاك- أمام المستشارين بـ”حرص وزارته التام على “الشفافية وتكافؤ الفرص والاستحقاق في سير مباريات توظيف أساتذة التعليم العالي المساعدين”، كاشفا أن ما يتراوح بين 70 في المائة و80 في المائة من الشكايات بهذا الصدد “لا إشكال فيها”.
وأوضح: “راسلْنا في هذا الموضوع جميع المعاهد والجامعات لتطبيق معايير انتقاء أولي شفاف، واختيار أعضاء لجان المباريات من بين الأساتذة الباحثين المشهود لهم بالخبرة والكفاءة العالية والنزاهة”. وفي حال وجود خروقات، تابع المسؤول الحكومي، يجري “التدقيق في نتائج المباريات المتوصل بها من طرف المؤسسات الجامعية قصد التأكد من التقيد بجميع المقتضيات تحت طائلة إلغاء هذه النتائج