رحّبت فعاليات أمازيغية بقرار الحكومة إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مدفوعة الأجر يوم 14 يناير من كل سنة، تفعيلا للتوجيهات الملكية في هذا الإطار؛ فقد أعلن العاهل المغربي، في شهر ماي المنصرم، عن إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية، مُوجها الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل ذلك.
وإذا كانت الفعاليات الأمازيغية أجمعت على استحسان هذا القرار الذي طالما شكل واحدا من أهم المطالب التي رفعتها الحركة الأمازيغية على امتداد سنوات، فإنها اختلفت في تقدير الجهود الحكومية المبذولة من أجل النهوض بالأمازيغية وتفعيل طابعها الرسمي وإدماجها في مجال التعليم ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية بين من أثنى على جهود الحكومة والتزاماتها في هذا الإطار وبين من اعتبر أن الوضع الحالي للأمازيغية “لا يتناسب وحجم انتظارات الفاعل الحقوقي والسياسي ومضامين النص الدستوري”.
محيي الدين حجاج، المنسق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي، قال إن “هذه الخطوة استمرارية للخطوات التي قطعتها بلادنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل رد الاعتبار للأمازيغية التي يوليها جلالته فائق عنايته منذ خطاب أجدير التاريخي، مرورا بمحطة دسترة الأمازيغية في دستور 2011”.
وسجل حجاج: “هي محطات أبانت بالملموس عزم بلادنا الراسخ على إعطاء الأمازيغية المكانة التي تستحقها باعتبارها مكونا رئيسيا لهويتنا الوطنية”، مضيفا أنه “في الإطار ذاته فقد سارت الحكومة في اتجاه اعتماد برامج فعالة وملموسة تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، حيث اعتمدت ولأول مرة في تاريخ حكومات بلادنا صندوقا خاصا لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. كما أعدت خارطة طريق واضحة المعالم لأجرأة ما التزمت به في التصريح الحكومي، إضافة إلى مخططات قطاعية عديدة أخرى”.
وختم المنسق الوطني لجبهة العمل الأمازيغي تصريحه لهسبريس بالتأكيد على “أهمية الخطوة الملكية السامية بإقرار رأس السنة الأمازيغية، كونها لبنة أساسية من لبنات تقوية رصيدنا الثقافي الزاخر؛ وهو ما يعكس عبقرية ونبوغ الأمة المغربية في تدبير ثرائها الثقافي ذي الهوية الوطنية الواحدة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأيده”.
من جهته، اعتبر عبد الله بوشطارت، كاتب وناشط أمازيغي، أن “هذا الإقرار الرسمي بجعل إيض ايناير عطلة رسمية لجميع المغاربة هو قرار ملكي حكيم سيفيد المغرب كثيرا، لا سيما في تعاضد جميع مكوناته وكذلك في المصالحة مع الهوية الأمازيغية وحضارتها”، موضحا أن “اختيار 14 يناير كفاتح السنة الأمازيغية الجديدة هو اختيار صائب؛ وهو ما طالبنا به منذ مدة، نظرا لما تمليه قواعد ومواعيد التقويم الأمازيغي”.
وأضاف المتحدث عينه أن “الإشكال الحقيقي بالنسبة لنا كحركة أمازيغية مستقلة هو ما نلاحظه ونسجله بشكل يومي من تقاعس حكومي تجاه تحقيق الحقوق الأمازيغية والنهوض بها، لا سيما تلك المنصوص عليها دستوريا؛ ذلك أن الوضع الحالي للأمازيغية لا يتناسب مع مضامين النص الدستوري الذي اعتبرها لغة رسمية”.
وواصل بأن “الحكومة تنفذ مخططات غير مفهومة لفرملة تدريس اللغة الأمازيغية ومحاصرتها في الإعلام العمومي والخصوصي، كانعدامها في بعض القنوات التلفزيونية وبعض الإذاعات الخاصة، إضافة إلى تقلص استعمالها في الفضاءات العامة نتيجة انتشار التعريب، ناهيك عن حقوق أخرى ذات الارتباط الوثيق بالقضية الأمازيغية كقضية الأرض التي تُنزع من القبائل عن طريق مراسيم استعمارية وغيرها من القضايا الأخرى”.
وخلص بوشطارت، في تصريحه لهسبريس، إلى أن “الحكومات المغربية طالما تعاملت مع الأمازيغية بشكل فولكلوري عن طريق تكريس رؤى قديمة جدا ومتجاوزة لا تتماشى مع تنامي الوعي الحقوقي والسياسي الأمازيغي الذي يتزايد بشكل كبير داخل المغرب وخارجه”.