أسابيع معدودة تفصل المغاربة وأبناءهم عن الدخول المدرسي المرتقب، كما جرت بذلك عادة كل عام عند مطلع شهر شتنبر، لتتجدد معه الأسئلة عن قدرة الأسر المغربية على توفير الكتب واللوازم المدرسية التي عرفت أثمنتها العام الماضي “ارتفاعات ملموسة”.
على الرغم من عدم إصدار الوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي أي مذكرة لتعديل الكتب المدرسية في الموسم المقبل، وهو ما أثلج صدور المهنيين العاملين بالقطاع، إلا أن الهواجس ما تزال قائمة بخصوص “تغيير أو تعديلات مقررات التعليم الخصوصي”، الأمر الذي قد يجلب متاعب مالية إضافية بالنسبة لفئات الكتبيين بالمغرب.
دخول بدون صدامات
عبد العزيز كوثر، رئيس المجلس الإداري للجمعية المغربية للكتبيين، قال إن “الدخول المدرسي لهذه السنة يبدو متخلصا من عديد الإشكالات التي عانى منها السنة الماضية”، مشيرا إلى أن “3 ملايين و400 ألف تلميذ وتلميذة، أغلبهم من الوسط القروي وفي مستويات تعليم أساسي، تشملهم هذه السنة المبادرة الملكية مليون محفظة”.
وأضاف كوثر، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذه السنة تتميز أيضا بـ”انعدام صدامات الكتبيين مع الوزارة الوصية بعد تصريحات الوزير وجمعية الناشرين حول توفير المقررات بشكل كاف وعدم الزيادة في أسعارها”، مشددا على أثر ذلك في بث الشعور باطمئنان بالنسبة للمواطنين، أما بالنسبة للمهنيين فمازالت هناك بضع نقاط عالقة تحتاج إلى إعادة النظر مع مديرية المناهج من حيث المخزون وتعديلات المقرر في حالات محدودة.
تراجع نسبي للأسعار
من حيث أسعار الكتب، أكد المسؤول بجمعية الكتبيين أن الأخيرة رصدت “وجود تراجع نسبي عموما مقارنة مع ما كانت عليه في الدخول المدرسي السابق 2022-2023″، مُقدرا نسبة الانخفاض بـ 10 في المائة إجمالا.
ومقابل “عدم طرح مشاكل تهم الكتاب المدرسي العمومي”، بحسب كوثر، فإن “الإشكال مازال مطروحا في التعليم الخصوصي مع تغييرات تطال مضامين أو شكل المقررات كل سنتين، ما ينعكس على المهنيين من حيث الأثمنة والمخزونات”.
من جانبه، أورد إبراهيم الحسني، مسير إحدى المكتبات بالعاصمة الرباط، في تصريح لهسبريس، أن “معظم المقررات المدرسية الوزارية بالتعليم العمومي لم يَطَلْها أي تغيير يُذكر، سواء من حيث المحتويات والمضامين أو الأسعار، لتبقى أثمنتُها ثابتة على غرار السنوات العشرين الماضية”، مفيدا بأن “بعض الكتب المدرسية، ومقررات التعليم الخصوصي المستوردة بالخصوص، عرفت تغييرات على مستوى أثمنتها”.
وشدد الكتبي ذاته على أن “الأمر يتعلق ببعض الكتب المستوردة التي تدرس بالقطاع الخاص، وليس جلها”، لافتا إلى أن “نسبة الزيادة في أثمنة بعضها تتراوح خلال الدخول المدرسي الراهن بين 5 في المائة و10 في المائة بشكل عام”.
وأكد المتحدث أن “جميع الكتب والمقررات المدرسية تظل متوافرة”، قبل أن يزيد مستدركا بأن “بعضها، الذي يخضع لعمليات تنقيح، سيكون متوفرا بحلول الفترة 20–25 غشت الجاري، قبل الدخول الدراسي”.
بدورها، سارت أسعار جميع الدفاتر واللوازم المدرسية هذه السنة مقارنة مع التي قبلها نحو “الانخفاض ولو بشكل طفيف”، حسب إفادات أشرف العربي، بائع لوازم مدرسية، في حديث مع هسبريس.
وأكد البائع ذاته أن “الدفاتر من صنف 96 صفحة، مثلا، التي كانت تباع بـ3 دراهم ونصف درهم، قد تراجع ثمنها بحوالي 30 سنتيما إلى نصف درهم، ليبلغ حاليا 3 دراهم”، مضيفا أن “باقي اللوازم المدرسية صغيرة الحجم، من أقلام وغيرها، عرفت انخفاضا ملحوظا في أسعارها للعموم”.
تحرير السوق
وديع مديح، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك (FNAC)، أفاد بأن “شبابيك حماية المستهلك المنتشرة بمجموع جهات المملكة الـ12 “تظل مستنفرة من خلال شبكتها الوطنية والإقليمية لرصد مدى احترام الكتبيين والناشرين لأثمنة الكتب والدفاتر واللوازم المدرسية، لا سيما في ظل طمأنة السلطات الوصية بأنها لن تعرف أي زيادة”.
وسجل مديح، في حديث لهسبريس، أن “أثمنة الكتب واللوازم المدرسية بالمغرب محررة بموجب قانون حرية الأسعار والمنافسة، باستثناء بعض الكتب المُقننة أثمنة بيعها للعموم من طرف الوزارة”، لافتا إلى “ضعف وهشاشة آليات الضبط وأدوات التنزيل السليم للقانون بشقيْه: الحامي للمستهلك وحول المنافسة النزيهة”.
وتابع بأن “دور حماة المستهلك في هذا الموضوع هو محاربة التوافق الضمني على الأثمنة بين بعض فئات الناشرين وعمليات التركيز الاقتصادي التي قد تحدث في ظرفية انتعاش جلي في سوق النشر المدرسي”.
وتأسف الفاعل المدني عينه لكون “المستهلك النهائي الذي يشتري المنتج هو من يؤدي دائما فاتورة تضارب الأثمنة أو في حالة مخالفة قانون حماية المستهلك”، خالصا إلى أن “قطاع الكتب والنشر ليس وحده الذي يثقل كاهل المواطنين والأسر قبل بداية كل موسم دراسي، بل هناك إشكاليات أبرزها رسوم التسجيل الإضافية، فضلا عن مصاريف التأمين وغيرها”.