سجّل تقرير للمجموعة الموضوعاتية المكلفة بالتحضير للجلسة السنوية الخاصة بمناقشة السياسات العمومية وتقييمها اتساعا في الهوة بين تلاميذ القطاعين العام والخاص بالمغرب، نتيجة لما وصفه بـ”عدم المساواة بين التعليم في القطاعين في تحقيق الأهداف ذات الصلة بجودة التعلمات”.
ونبّه التقرير المعنون بـ”التعليم والتكوين ورهانات الإصلاح” إلى أن “تفوق تلامذة التعليم الخاص على تلامذة التعليم العمومي بلغ في المتوسط 30 نقطة في السنة السادسة من التعليم الابتدائي، و60 نقطة في السنة الثالثة من التعليم الإعدادي، ووصل إلى ذروته بـ 82 نقطة في اللغة الفرنسية؛ بينما كان الفارق في المادة نفسها 33 نقطة فقط عام 2016 على مستوى الجذع المشترك؛ وهو ما يعني أن الهوة بين نوعين التعليم آخذة في التوسع مع مرور الزمن”.
نور الدين عكوري، رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة بالمغرب، أرجع أسباب المعطيات الواردة في التقرير إلى ما وصفه بـ”انعدام جاذبية” قطاع التعليم العمومي بالمغرب.
وأبرز عكوري، في تصريح لهسبريس، أنه “حينما تبرز مؤشرات نجاح قطاع التعليم العمومي في البلاد سنلحظ الهجرة المعكوسة للتلاميذ من القطاع الخاص نحو العام، لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية للعديد من الأسر التي لم تعد تقوى على دفع مقابل تعليم أبنائها في المؤسسات الخصوصية”.
وأضاف أن “ما ننادي به دائما كفدرالية هو الإصلاح المستعجل لقطاع التربية الوطنية العمومي”، مبرزا أن الغرض من فتح المجال للتعليم الخصوصي في بدايته كان هو دعم التعليم العمومي، على أن يبقى هذا الأخير هو “العمود الفقري للعملية التعليمية في بلادنا”، مشيرا إلى أن “أكبر مؤشر على إصلاح التعليم في المغرب هو هجرة التلاميذ من التعليم الخصوصي إلى العمومي”.
وأكد في هذا السياق على “ضرورة إلزام المؤسسات التعليمية الخصوصية باعتماد عقود تربطها بالأسر التي تسجل أبناءها فيها، وتتضمّن جميع تفاصيل الخدمة المقدمة وتكاليفها، وتحديد حقوق وواجبات كل طرف”.
من جانبه، قال عبد الله غميمط، الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، إن “أزمة التعليم العمومي هي نتيجة طبيعية للاختيارات الطبقية التي نهجتها الدولة بصيغ متنوعة حولت عبرها التعليم الى سلعة خدمة للمنطق الرأسمالي، وجعلت نفسها مقاولة كبيرة في خدمة المقاولات المستثمرة في التعليم”.
وأضاف غميمط، في تصريح لهسبريس، “أن الوضع هو تحصيل حاصل للهجوم على التعليم العمومي عبر تدمير كل مكتسباته، وفي مقدمته الإنفاق المالي غير الكافي لتوفير الحاجيات الضرورية من بنيات تحتية وموظفين ووسائل عمل وتكوين أساسي”.
غير أنه عاد ليؤكد أنه رغم “الاستهدافات المتواصلة للمدرسة العمومية من طرف الدولة والرأسمال عبر سياساتها العمومية، فهي لا تزال تقدم نفسها بديلا حقيقيا، تؤكده نتائج الامتحانات الإشهادية، إذ أن أغلب المتفوقين في جميع المستويات والشعب ينتمون إلى المدرسة العمومية”.
وخلص غميمط إلى أن “التنافس المدرسي المعتمد في نظامنا التعليمي هو نمط تبنته الدولة المغربية لضبط نظام التمدرس، وهو أحد عوامل إعادة الإنتاج الاجتماعي الآخذ في النمو، والذي اصطدم بالبنية الاجتماعية والاقتصادية التي يطبعها التراتب الطبقي، والتي لم تعد قادرة على استيعاب الطلب المتزايد على الشغل، الذي سيشكل أحد مرتكزاته التعليم الخصوصي والتعليم الموازي المؤدى عنه”.