المدبر هو حجر الزاوية داخل منظومة التعليم
،إنه المسؤول عن إدارة العمليات ، حيث يقوم بالتنظيم و التنسيق و الرقابة و التوجيه و تحفيز الفريق ،و يعمل على
تطوير استراتيجيات و خطط لتحقيق أهداف المؤسسة 1* داخل بيئة سليمة و متوازنة. سنسلط الضوء
هنا على أهمية الخطاب الدبلوماسي في سياقه
التربوي باعتباره أداة مفصلية لتحقيق تواصل فعال ، و بناء علاقات مثمرة في بيئة
تربوية يطغى عليها طابع التنوع و الإختلاف.
يقوم
مفهوم الخطاب الدبلوماسي في التربية
على استخدام كلمات و عبارات مهذبة و منتقاة بكل عناية أثناء التعامل مع الآخر ، بهدف بناء جسور التواصل و
التفاهم ، و تجنب الصدامات العنيفة و
المشاحنات ، كما تعتمد على استخدام الحوار و الإستماع الفعال و تحليل الوضع بشكل شامل قبل اتخاذ القرارات 2*.
وحيث أن سياسة المدبر التربوية تنعكس على ثقافة المؤسسة و تؤثر بشكل مباشر على
العلاقات داخلها ، كما تؤثر على جودة
التعليم المقدم بشكل عام ، فإنه أضحى من واجب المدبر إتقان الخطاب الديبلوماسي لحل
النزاعات و التفاوض و تعزيز التوافق و الإنسجام و روح الجماعة .
إن أول تحد
يواجهه المدبر داخل المؤسسة هو مسألة التنوع
: تنوع إيديولوجي ،تنوع ثقافي ، تنوع في الإنتماء ، تنوع الإستعدادات و التأويلات ،تنوع
المصالح ....هنا تعتبر القدرة على فهم و إدارة هذة التناقضات عاملا جوهريا
في نجاحه.
هذا التنوع يمكن أن يشكل مصدر غنى و قوة للمؤسسة ،حيث قد
يساعد على تعزيز الإبداع و توسيع قاعدة المعرفة و زوايا النظر و كذا تنويع الخبرات ، مما يمكن من اتخاذ قرارات أفضل و الحصول على جودة أحسن .من جهة أخرى فإنه قد
يصبح نقطة ضعف و مصدر توتر و عنف إذا لم يحسن المدبر التعامل معه .هنا تكمن أهمية امتلاك ناصية الخطاب
الدبلوماسي الذي يعتمد على تمرير الأفكار بأسلوب لبق وغير مباشر و التأثير على
الآخرين دون تجريح أو تنفير ...
إن المدبر الدبلوماسي يعي جيدا أهمية استعمال اللغة و فن انتقاء الكلمات ،لما له من
سحر و أثر على النفس البشرية ،كما يعرف جيدا احتياجات الموظفين و استعداداتهم
..فالتقدير هو المطلب الأول للموظف في
بيئة عمله و هو ما يجعله أكثر التزاما و عطاء ، فأبسط كلمة خارج السياق تشعره بعدم الإحترام أو المساس بالكرامة ،فتجعله أكثرا جدالا و مقاومة و عنفا ...فالإنفتاح و المرونة و
التسامح و الترفع و إعطاء القدوة بالفعل و دمقرطة الإمتيازات ،تعجل ببناء مجتمع
مدرسي سليم يشعر داخله جميع المكونات بالإنتماء و التقدير .
فنفس الفكرة يمكن أن تمرر بأسلوبين : الأول
جداب و لين و الثاني جاف و منفر ، كما أن الإنتقادات يمكن أن تكون مغلفة بتعاليق إيجابية و الأوامر
يمكن أن تقدم على شكل اقتراحات ...
إن اعتماد الخطاب الدبلوماسي في هذا
المستوى ليس نفاقا بقدر ماهو أداة راقية
لتحقيق تواصل فعال يسعى إلى موازنة المصالح المتقاطعة و تحقيق التعايش داخل بيئة متنوعة
بدون عنف ،يطغى عليها طابع الإلتزام و
الإحترام المتبادل و تسعى إلى تحقيق الجودة المنشودة .
المراجع:
-*1-Principles of Management" Peter F. Drucker.
- *2
كوفمان ،ف 2007 فن الدبلوماسية في العمل الرياض : دار الريان