في خضمّ تصعيد التنسيقيات والنقابات الرافضة للنظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية احتجاجاتها، استقبل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أمس الإثنين، النقابات التعليمية الأربع الموقعة على “اتفاق 14 يناير 2023”.
رئيس الحكومة وعد الإطارات النقابية التعليمية بتجويد النظام الأساسي، من أجل نزع فتيل التوتر الذي يخيم على القطاع بسببه منذ الكشف عن مسوّدته يوم 20 شتنبر الماضي، بينما يتواصل بروز تساؤلات حول فلاح تدخل أخنوش في دفع الأساتذة إلى ملازمة فصول الدراسة.
الإرادة السياسية
لا يظهر أن النقابات والتنسيقيات التي تحتج ضد النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية مستعدة للتراجع عن البرنامج الاحتجاجي الذي سطّرته، رغم تدخل رئيس الحكومة؛ فعلاوة على الإضراب عن العمل الذي يشلّ القطاع اليوم الثلاثاء ويستمر إلى غاية 2 نونبر المقبل، دعا التنسيق الوطني لقطاع التعليم، المكون من 18 إطارا، إلى إضراب وطني آخر أيام 7 و8 و9 نونبر.
ورغم تطمين رئيس الحكومة بـ”تجويد النظام الأساسي”، إلا أن عبد الرزاق الإدريسي، نائب الكاتب العام الوطني لنقابة الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي (FNE)، اعتبر أن سبب الاحتقان الذي تعيش على وقعه المنظومة التعليمة، راجع إلى “غياب إرادة سياسية لحل مشاكل هذه المنظومة، ومشاكل نساء ورجال التعليم”.
وقال الإدريسي، في تصريح لهسبريس، إن العاملات والعاملين بقطاع التربية الوطنية يستمرون في الاحتجاج، “لأنّ السيل بلغ الزبى وليس لهم خيار آخر غير الاحتجاج”، لافتا إلى أن ما يعطي زخما كبيرا لاحتجاجهم، “هو أنهم يحظون بتعاطُف متزايد من طرف فئات كبيرة من أمهات وآباء التلاميذ، ومن عموم المواطنين بشكل عام، إضافة إلى الإجماع القوي في صفوف نساء ورجال التعليم ضد النظام الأساسي”.
ويرى الإدريسي أن وزارة التربية الوطنية كان بمقدورها أن تتفادى الاحتقان الذي تعيشه الساحة التعليمية حاليا، “فمنذ اتفاق 18 يناير 2022، قلنا لوزير التربية الوطنية إن التوجه الذي يسير فيه لن يُثمر نتيجة، ودعونا إلى إضراب في 22 نونبر 2022 لتحذير الوزارة من مغبّة تداعيات توجهها، واستمررنا في تنبيهها إلى غاية اتفاق 14 يناير 2023 الذي رفضنا التوقيع عليه”.
ووقعت أربعُ نقابات تعليمية اتفاق 14 يناير الذي تمخّض عنه النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية الوطنية، غير أن النقابات الموقعة على الاتفاق عارضت بدورها النظام المثير للجدل، بعد توسّع دائرة الاحتجاج ضدّه، وقالت إنها لم توافقْ على صيغته النهائية التي قدمتها وزارة التربية الوطنية وصادقت عليها الحكومة.
ولم يتم استدعاء نقابة الجامعة الوطنية للتعليم FNE إلى الاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة بحضور وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، ووزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، وهو ما اعتبره الإدريسي “خرقا قانونيا ودستوريا، لأن نقابتنا هي الأكثر تمثيلية في قطاع التعليم”.
وفسر الإدريسي “استبعاد” FNE من الحوار حول النظام الأساسي مباشرة بعد رفض التوقيع على اتفاق 14 يناير 2023، بـ”إلحاحنا على حلّ جميع الملفات العالقة، من منطلق الدفاع عن التعليم العمومي والانحياز التام لنساء ورجال التعليم، ثم رفْضنا مناقشة النظام الأساسي في سرّية، وهي سابقة خطيرة، حيث كان تكتّم حتى من طرف النقابات، علما أن الموضوع يهمّ نساء ورجال التعليم، والإعلام، والرأي العام كشأن عمومي”.
فقدان الثقة
لا تقتصر الأشكال الاحتجاجية التي دعا إليها التنسيق الوطني لقطاع التعليم، الرافض للنظام الأساسي، على الإضراب عن العمل والاحتجاج في الشارع، بل تشمل كذلك الانسحاب من مجالس المؤسسة، ومقاطعة جميع المهام خارج الاختصاص، ومقاطعة البطولات المدرسية، ومقاطعة أنشطة الحياة المدرسية، وتجميد العمل داخل الأندية التربوية، ومقاطعة الزيارات الصفية للمفتشين، ومقاطعة التكوينات…
رشيد لبوكوري، عضو التنسيقية الوطنية للأساتذة المقصيين من خارج السلم، قال بدوره إن احتجاجات نساء ورجال التعليم ستستمر، “لأن مؤسسة الحوار فقدت المصداقية، بسبب عدم التزام الحكومة بتنفيذ جملة من الاتفاقات، كاتفاق 26 أبريل 2011، واتفاق 26 أبريل 2022، والاتفاق الخاص بالمبادئ الكبرى للنظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية”.
وأردف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “الحكومة لا تُنصت إلا تحت الضغط، والانتفاضة التي قام بها نساء ورجال التعليم ضد النظام الأساسي هي التي جعلت الحكومة تتدخل لامتصاص الاحتقان”.
وتحاول النقابات التعليمية الأربع المجتمعة مع رئيس الحكومة أمس إقناع هذه الأخيرة بتضمين مطلب الزيادة في الأجور خلال مراجعة النظام الأساسي، وهو المطلب الرئيس لنساء ورجال التعليم.
في هذا الإطار، قال رشيد لبوكوري إن “الشيء الوحيد الذي يمكن للحكومة من خلاله أن تمتص غضب نساء ورجال التعليم، هو الزيادة في الأجور، وإقرار إجراءات تنعكس إيجابا على الوضع المادي للأسرة التعليمية. وإلا، فإن الاحتجاجات ستستمر إلى أن تستجيب الحكومة لهذه المطالب”، على حد تعبيره.