recent
آخر المواضيع

يا مدرسي العالم اتحدوا

 

على منوال النداء التاريخي "يا عمال العالم اتحدوا" الذي وجهه ماركس وإنجلز في البيان الشيوعي للطبقة العاملة للوعي بدورها ومن تم الدفاع عن حقوقها بشتى الوسائل، وتفاعلا مع ما يحيق رجال ونساء التعليم من تحقير وتهميش ممنهجين من طرف جل المتدخلين في الشأن التربوي، أجدني وأنا من لبث في كهف التربية والتكوين ل20 سنة من التأطير والتوجيه والتربية والتمهير والتحرير تحرير العقول من الأفكار المثبطة والمقيدة للإنطلاق في سماء الإبداع والإبتكار.

أجدني مضطرا لأن أخط هذه السطور التي أضمنها بعضا من آهاتي، مشاهداتي وآرائي حول ما يقع داخل المنظومة التربوية من تصدعات وترهلات تكاد تودي بحياة الأمل في جيل سيعهد إليه بحمل مشعل الإصلاح والتغيير وتدبير الشأن العام والخاص.

أكيد أن الإحاطة بهذا الموضوع شبه مستحيلة لتداخل الجانب الاجتماعي بالشق الاقتصادي بالبعد الأخلاقي بالمجال التربوي بالتربية التكنولوجية ووووو، موضوع تتداخل فيه جل القطاعات وتتقاطع فيه عدة مجالات يتأبى على التحليل العميق والإحاطة التامة. غير أن شرف المحاولة لا يمكن إلا أن نحاول نيله ولو بقسط بسيط.

من البديهي الإشارة إلى أن الأستاذ يعد قطب الرحى في العملية التعليمية التعلمية ومركزها بل وباعث الروح فيها دون منازع، ومن تم يتوجب على مختلف الأطراف المتدخلة من وزارات ونقابات وتنسيقيات وفيدراليات آباء وأولياء التلاميذ وجمعيات المجتمع المدني، يتوجب عليهم الوعي قبل فوات الأوان بمدى الدور المحوري الذي يلعبه المدرس في تقدم الأمم أو تخلفها، في تطور الأوطان أو تدهورها، في الدفع بعجلة الاقتصاد إلى الأمام أو المساهمة في مراوحتها لمكانها.

إن دور المدرس يتجلى في مستويين هما كالآتي:

1-  الشق العلمي التعليمي المحض المتمثل في نقل المعارف وترسيخها لدى الناشئة عبر التلقين والتدريب والتجريب وكذا التمهير والتطوير.

2-  الشق التربوي الذي نستحضر معه البعد القيمي للمدرسة ويتجلى في إكساب التلاميذ مجموعة من العادات الإيجابية والسلوكات السوية التي تساعدهم على أن يصيروا مواطنين صالحين ومصلحين.

فحري إذن بكل مكونات الدولة أن تمنح شخصا تناط به هذه المهام الجسام أهمية وتقديرا يليقان بهول هذه المسؤوليات الملقاة على عاتقه.
غير أن جهينة عنده الخبر اليقين، خبر مفاده تشيب له الولدان، خبر مؤداه تكاد من هوله السماوات يتفطرن والله.

أن تعطى الأوامر بهذه الطريقة البشعة لإلحاق ما لا عين رأيت ولا أذن سمعت من تقنيات الضرب والسحل والتعنيف بمن "كادوا أن يصبحوا رسلا"، فهذا دليل واضح على غاية في نفس يعقوب كاد أن يقضيها وتتجلى في تحقير رجل التعليم والتقليل من قيمته وتقزيم صورته في المجتمع.

أن تعطى الأوامر بهذه الطريقة الفظيعة للتفنن في سب وشتم "معلمي يا رائدي يا نائبا عن والدي" وفيه ما فيه من ضرب لعرض الحائط والبحر والجو كل أبجديات حقوق الإنسان وحقوق المواطن في التعبير عن مطالبه والمطالبة بحقوقه بما يضمنه له الدستور فهذا برهان ساطع على السياسة الممنهجة لإقصاء الاستاذ من الأدوار الطلائعية التي كان يتقلدها في الثمانينات والتسعينات من توجيه وتأطير وتوعية وتعبئة وعمل سياسي جاد وتكوين للجمعيات والمنظمات الشبابية.

"العنف ليس الحل" هكذا هو صوت الأستاذ يصدح به أينما ولى وجهه في تعامله مع تلامذته في تربيتهم وتوجيههم وتعديل سلوكهم وتلقينهم المهارات المناسبة، لكنه في المقابل لا يجد إلا العنف والضرب والزجر والسحل واللكم واللطم والكسر عند أول محطة يعبر فيها عن مطالبه المشروعة بكل سلمية وتعقل.

لقد آن الأوان قبل أي وقت مضى أن يتحد المدرسون للدفاع عن حقوقهم وانتزاع مطالبهم بالنضال ثم النضال ثم النضال. النضال يتطلب بطبيعة الحال التضحية والمكابدة والجلد والنفس الطويل لتحقيق هذه الغاية وبلوغ هذا المطلب.

وصمة عار ستطال كل من سولت له نفسه الأمارة بالسوء الإساءة للمدرس في عيده الأممي، جبان بكل مقاييس الكون ذاك الذي أعطى الأوامر لتعنيف أصحاب الوزرة البيضاء واليد البيضاء على المجتمع ككل، خائن ذاك الذي لوث يده بدماء الشرفاء الفضلاء وهم يدافعون عن قلعة المدرسة العمومية التي تكاد تسقط، خبيث ذاك الذي يتفرج على المشهد من برجه العاجي وينتظر نهاية المعركة ليلتحق بالمنتصر مزهوا بفوز لم يساهم فيه ولو بقدر أنملة.

يا مدرسي العالم اتحدوا، فالإتحاد قوة ومكنة وبسطة في العلم والجسم التعليمي.

للموضوع بقية سادتي الكرام

بقلم المعلم عبد الهادي الموالي
google-playkhamsatmostaqltradent