طفا النقاش، مجددا، حول زيادة 2500 درهم التي قررت الحكومة منحها للأساتذة الجدد، إلى السطح، بعد تصريح رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال اللقاء الذي أعقب اجتماع الأغلبية الحكومية، أمس الإثنين، بأن الحكومة كانت تريد صرْف هذه الزيادة للأساتذة في بداية مشوارهم العملي، غير أنها لمستْ لدى النقابات التعليمية تأخيرها.
رئيس الحكومة قال إن البرنامج الحكومي تضمّن، فعلا، في الشق المتعلق بالنهوض بالمنظومة التربوية وإعادة الاعتبار لمهنة التدريس، إجراء يقضي بالرفع التدريجي من الحد الأدنى للأجرة الصافية لتصل إلى 7500 درهم، بالنسبة لحملة شهادة التأهيل التربوي من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، غير أنه استدرك بأن الطريقة التي يُتحدث بها عن زيادة 2500 درهم في أجور الأساتذة “تُغلّط المواطنين، وفي أحيان تغلّط حتى الأساتذة”، مشيرا إلى أن البرنامج الحكومي نصّ على أنها “أجرةُ بدايةِ المسار”.
أخنوش أوضح أن زيادة 2500 درهم تم ربط صرْفها بالحوار الاجتماعي مع النقابات التعليمية، إذ “لا يمكن أن نطبقها وحدنا”، مشيرا إلى أن النقابات التعليمية قالت إن منح الزيادة للأساتذة الجدد لأنهم لن يتوصلوا بأي شيء، “وفهمنا أنهم مبغاوْهاش فالدّْخلة، بغاوها فالخرجة (أيْ إن النقابات تقترح عدم منْح الزيادة المقررة للأساتذة الجدد عند بداية مشوارهم العملي، وتأخيرها).
وأردف أخنوش بأنه ترك الخيار للنقابات التعليمية، قائلا: “حْنا 2500 درهم عْطيناها، ولكن بْلاصْة منعطيوْها فالأول الناس اللي كانوا كيتحاوروا معانا (النقابات التعليمية) بْغاوْها فاللّخر، وهي اليوم مقرّرة في النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية”.
وفي وقت ألقى رئيس الحكومة مسؤولية تأخير صرف الزيادة المقررة في أجور الأساتذة الجدد على النقابات، تحمّل الأخيرة المسؤولية للحكومة، إذ قال عبد الناصر نعناع، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن الزيادة المقررة “هي التزام من الحكومة ومن المفترض أن تنفّذه”.
ويظهر أن “سوء الفهم” الذي وقع بين الحكومة والنقابات هو أن الأخيرة تسعى إلى إقرار زيادة في أجرة جميع الأساتذة، وليس الأساتذة الجدد حمَلة شهادة التأهيل التربوي من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، إذ قال نعناع في تصريح لهسبريس إن الحكومة “لا ينبغي أن تتوقف عند زيادة 2500 درهم، بل عليها أن تعالج جميع الاختلالات المتعلقة بأجور الشغيلة التعليمية، وذلك بتعميم الزيادة على الجميع”.
واعتبر الفاعل النقابي ذاته أن “الزيادة التي أتت بها الحكومة مهمة جدا، وهي استجابة لمطالب الحركة النقابية من أجل تحسين جاذبية مهنة التعليم وتحفيز الأطر التربوية وجذب أحسن الكفاءات”.
وبخصوص باقي الأساتذة، قال أخنوش إن الحكومة ربطتْ زيادة 900 درهم في أجورهم بجودة التعليم، وذلك في إطار “مدرسة الريادة”، وهو ما سيمكّنهم من دَخل يقدر بحوالي عشرة آلاف درهم سنويا، مضيفا: “أنا أتفهم أن يقول الأساتذة إنهم لم يحصلوا على أي زيادة الآن، لأن هذه الزيادة قد لا تصلهم إلا بعد ثلاث أو أربع سنوات، ولكن هذا لا يعني أننا لن نمنَح هذه الزيادة”.
وأشار رئيس الحكومة إلى أن زيادة 900 درهم المقررة في إطار “مدرسة الريادة” لم يتضمنها البرنامج الحكومي، “لكنها إضافة من أجل تحفيز الأساتذة على مسايرة إصلاح التعليم”، على حد تعبيره.
من جهة ثانية، يثير النظام الأساسي في مجمله خلافا بين الحكومة والنقابات التي شاركت في إخراجه، لاسيما بعد تراجعها عنه، وهو ما أثار غضبا حكوميا، لم يُخْفه قادة الأغلبية الحكومية عقب اجتماعهم أمس، حيث طالبوا التحالف النقابي الرباعي بالالتزام بما تم الاتفاق عليه في الحوار القطاعي مع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
وفي المقابل قال عبد الناصر نعناع إن الاحتقان الذي يخيم على الساحة التعليمية “تتحمل الحكومة مسؤوليته، لأنها هي التي أخلّت بالمنهجية التشاركية وأخرجت النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية بشكل منفرد، وقبل ذلك كان هناك سلْم، لأن الأساتذة كانوا ينتظرون نتائج ترقى إلى مستوى تطلعاتهم، وفي النهاية انقلبت الحكومة على القضايا المتفق عليها مع النقابات، وعلى رأسها إدماج الأساتذة المتعاقدين في الوظيفة العمومية، والحل العادل والمنصف لملفات باقي الفئات”، على حد تعبيره.