قال الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إن العنف في الوسط المدرسي بالمغرب بلغ مستويات مُقلقة، تحول دون تحقيق الأهداف المرسومة للوصول إلى المدرسة الجيدة؛ مما يؤثر مباشرة على مستقبل الأطفال.
وحذّر المالكي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لندوة دولية ينظمها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) حول العنف المدرسي، من الخطر الذي يشكله العنف المدرسي على مناخ التعلم وعلى الأطفال، مبرزا أن “بناء مستقبل المدرسة الجديدة رهين ببناء مستقبل الطفل؛ وهو ما يعتبر من المقومات الأساسية لمشروعنا المجتمعي”.
وكان المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي قد أنجز، بشراكة مع “يونيسيف”، دراسة ميدانية كشفت عن معطيات صادمة بخصوص تفشي العنف في الوسط المدرسي بالمغرب، بجميع أشكاله؛ من عنف لفظي، مثل السخرية والنبز بالألقاب والشتائم، فضلا عن العنف الجسدي.
ومن ضمن أكثر من ثلاثة عشر ألف تلميذ الذين شملتهم الدراسة، صرح 25.2 في المائة من تلامذة السلك الابتدائي المستجوبين بأنهم كانوا ضحايا الضرب، وصرح 28.5 في المائة بأنهم تعرضوا للدفع.
وبلغت نسبة تلامذة التعليم الثانوي الذين صرحوا بأنهم تعرضوا للضرب 25.3 في المائة، و37.4 في المائة منهم تعرضوا للدفع بقصد الأذى.
وحسب نتائج الدراسة ذاتها، فإن التلاميذ الذين تعرضوا للعنف اللفظي، حسب تصريحاتهم، يمثلون نسبة 16 في المائة في المستوى الابتدائي مقابل 23 في المائة في المستوى الثانوي.
وفيما يتعلق بالعنف الجسدي، تتراوح نسبة الطلاب الذين يبلغون عن هذا النوع من العنف بين 15 في المائة في المتوسط في المرحلة الابتدائية و13 في المائة في المتوسط في المرحلة الثانوية.
ونبّه رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي إلى التداعيات الوخيمة للعنف المدرسي على التلاميذ، لافتا إلى أن نتائج التقييمات التي تم إجراؤها في إطار التقييم الوطني تبين أن نتائج التلاميذ الذين كانوا عرضة للعنف تقل بما بين 12 إلى 17 نقطة مقارنة مع زملائهم الذين لن يتعرضوا للعنف، لافتا إلى أن هذه الفجوة تتسع خلال المرحلة الثانوية.
وأردف المالكي أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي يركز مجهوداته لمواكبة وتقييم السياسات العمومية ذات الصلة بالتربية والتكوين والبحث العلمي، “مع إيمان قوي بموضوع المدرسة والطفل معا، بهدف تعزيز مدرسة الجودة للجميع، على أساس المساواة وتكافؤ الفرص مع ضمان التنمية الفردية والاندماج الاجتماعي.
وشدد المتحدث ذاته على أن إصلاح نظام التعليم “يتطلب التزاما ثابتا من جميع الفاعلين في هذا المجال، كما يتطلب مشاركة قوية من مختلف الأطراف في المجتمع”، مبرزا أن انخراط المجلس في هذا الجهد الجماعي “كقوة اقتراحية هو أساسي للنهوض بهذا القطاع؛ من خلال تفعيل وظائف الرصد والتقييم والتحليل، المتعلقة بمختلف الإشكاليات الخاصة بالنظام التعليمي”.
وبغض النظر عن مجمل التحليلات لمختلف أشكال ظاهرة العنف في الوسط المدرسي، أردف المالكي، فإن هذه الظاهرة “تبقى تحديا حقيقيا لمنظومة التربية ولفرص إدماج الفرد في محيطه وتنمية المجتمع؛ وهو ما يحتم على جميع الأطراف أن يولوها اهتماما خاصا لتوفير مناخ يضمن الطمأنينة للمتعلمين”.