بالرغم من أن الحكومة اتفقت مع النقابات التعليمية الأربع على تجميد النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية، ووقف الاقتطاع من أجور الأساتذة المضربين ابتداء من الشهر المقبل، وتحسين الدخل بالنسبة لكافة العاملين في القطاع، إلا أن النقابات ما زالت تنتظر “إجراءات ملموسة” من الحكومة لتحديد موقفها من الوعود التي قدمتها هذه الأخيرة.
ويظهر أن الاحتقان الكبير الذي خيّم على قطاع التعليم خلال الأسابيع الأخيرة دفع بالحكومة إلى الجلوس إلى طاولة الحوار مع النقابات دون شروط مسبقة، بعدما كان قادة الأغلبية، لا سيما رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ووزير العدل، عبد اللطيف وهبي، قد ربطوا استئناف الحوار بعودة التلاميذ إلى الأقسام، أي وقف إضرابات الأساتذة، وهو ما لم يتحقق إلى حد الآن، إذ لا تزال الإضرابات مستمرة.
وأفاد ناصر نعناع، عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بأن الحوار بين النقابات التعليمية الأربع والحكومة، ممثلة في اللجنة المشتركة المكوّنة من وزير التربية الوطنية والوزير المنتدب المكلف بالميزانية ووزير التشغيل، برئاسة رئيس الحكومة، “انطلق بدون أي شروط مسبقة، لا من طرف الحكومة ولا من طرف النقابات”.
ورحبت النقابات التعليمية الأربع بالتزام الحكومة بتجميد النظام الأساسي، على أساس مراجعة مقتضياته بناء على التعديلات التي قدمتها في مذكرة سابقة، غير أن هذه الخطوة، وإن كانت إيجابية في نظرها، إلا أن النقابات ترى أنها “غير كافية”، منتظرة إجراءات ملموسة.
وقال نعناع، في تصريح لهسبريس، إن موقف النقابات الممثلة في الحوار من الالتزامات التي قدمتها الحكومة “سيتحدد بناء على مدى جدّيتها، وذلك عبر اتخاذ إجراءات مستعجلة للتعجيل بإيجاد حل لمختلف الملفات العالقة”، مضيفا أن “سبب الاحتقان الذي تشهده الساحة التعليمية هو انفراد وزارة التربية الوطنية بإخراج النظام الأساسي ومصادقة الحكومة عليه دون الأخذ بعين الاعتبار التعديلات التي طالبت بها النقابات الأربع”.
وإلى حد الآن، لم تفلح الحكومة في امتصاص غضب الأساتذة رغم تجميدها للنظام الأساسي، إذ أعلن التنسيق الوطني للتعليم، الذي يضم 22 تنسيقية، إضافة إلى الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي، عن رفض العرض الحكومي، متمسكا بتنفيذ البرنامج الاحتجاجي الذي سطّره، ومنه استمرار الإضراب عن العمل.
ويظهر أن الحكومة تعترف بدورها بواقع استمرار شلل المدرسة العمومية، إذ أشار رئيسها في تصريحات لوسائل الإعلام غداة لقائه مع النقابات التعليم الأربع، الإثنين، عند حديثة عن الاتفاق حول وقف الاقتطاع من أجور الأساتذة المضربين، إلى استمرار إضرابات الأساتذة بداية شهر دجنبر المقبل.
ويَعني استمرار إضرابات الأساتذة غياب انفراج في الأزمة بين الحكومة والشغيلة التعليمية من جهة، ومن جهة ثانية استمرار اضطراب المسار الدراسي للتلاميذ للشهر الثاني على التوالي، وربما يستمر هذا الاضطراب خلال الأسابيع المقبلة، إلى حين انتهاء جلسات الحوار بين النقابات واللجنة الحكومية المشتركة في منتصف يناير المقبل.
في هذا السياق، قال ناصر نعناع: “في ظل غياب إجراءات ملموسة من طرف الحكومة، لا يمكن إلا أن يظل الوضع على ما هو عليه”، مضيفا أن “العرض الذي قدمته الحكومة خطوة إيجابية، ولكن عمليا لا يوجد شيء ملموس يؤكد أننا ضمنّا استجابة الحكومة لنساء ورجال التعليم”، مشددا على أن الحوار “يجب أن يكون بهدف إيجاد حلول منصفة ترقى إلى مستوى انتظارات الشغيلة التعليمية، وليس من أجل التمطيط”.