recent
آخر المواضيع

محزم بشريط راشي

Educa24
الصفحة الرئيسية

 


رغم صرف وزارة التعليم لميزانية كبيرة على "خبراء" التواصل لديها المتخصصين في "التقرنيس" من الفرنسية وليس الفرنسة، فإنه كلما ظهر مسؤول عن التواصل وفتح فمه إلا وفتح عليه بابا من أبواب الجحيم.
عندما يتحدث مسؤول في القطاع عن تحسين الدخل بفضل تعويضات تصحيح الامتحانات يبدو وكأنه لم يسمع كل ما قيل وكتب حول هذه الكذبة.
وعندما يتحدث مسؤول آخر حول أن الأستاذ بإمكانه تحسين وضعه عبر اجتياز مباراة التفتيش أو تغيير الإطار في اتجاه الإدارة التربوية أو مهام أخرى فهو يجهل أنه يعترف بأن الوضع الاعتباري والإداري والمالي للاستاذ متدن وأن لا مجال لتحسينه سوى بمغادرة القسم، في حين أن التدريس مهنة تتطلب الاستقرار النفسي والمادي.
ويبدو أن تعيين الاستقلالي يونس السحيمي كاتبا عاما لوزارة التربية الوطنية قبل أشهر لم يكن سوى عملية استباقية لمنح حزب الاستقلال حقيبة هذه الوزارة في اقرب تعديل حكومي.
ولذلك فمن مصلحة حزب الاستقلال، وحتى الأصالة والمعاصرة، أن يفشل التكنوقراطي بنموسى المصبوغ بالأزرق في مهامه، رغم أنه صاحب مشروع المخطط التنموي الجديد الذي حظي فيه التعليم والأستاذ بنصيب وافر من التوصيات لتجويد التعليم وتحسين وضعية الأستاذ، لكن يبدو أنه شتان ما بين النظري والتطبيقي والأمر ينسحب على الكاتب العام نفسه يونس السحيمي القادم من المكتب التنفيذي لرابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، مشتل أطر الحزب، والذي مر من وزارة المالية، ومع ذلك لم تجد نفعا تجربته لا برابطة الاقتصاديين الاستقلاليين ولا بالمفتشية العامة للمالية في ابتكار مخرج مالي لمعضلة الأساتذة المضربين.
 وحتى على المستوى النقابي فحزب الاستقلال حاضر عن طريق الاتحاد العام للشغالين الذي بدوره لديه "مصاصة" في قطاع التعليم من خلال "التعاون الوطني المدرسي" والتي تضخ له أموالا مهمة، بحكم أن هذه النقابة هي الساهرة على المرفق في إطار تقسيم الكعكة على النقابات مشكلة بنموسى أنه يثق بمحيطه ثقة عمياء وبكل حسن نية، سوى أن طريق الجحيم مفروش بالنوايا الحسنة.
لقد حرر بنموسى النظام الأساسي في المجلس الحكومي رغم غضب النقابات ومعارضة رجال التعليم بنصيحة من مستشاريه، رغم أن زملاء له في الحكومة نصحوه بالتريث في إصداره في الجريدة الرسمية حتى يتم إصلاح ما يمكن إصلاحه، لكن بنموسى كان في عجلة من أمره فصدر النظام الأساسي في الجريدة الرسمية واشتعل غضب رجال التعليم والنقابات والتنسيقيات وانطلق مسلسل الإضرابات بالشكل الذي نراه اليوم.
وعوض تدارك الأخطاء زاد السيد الوزير الطين بلة بظهوره بالقناة الثانية وحديثه عن كون النقابات شريكة في إعداد النظام الأساسي وتقليبه مواجع موضوع تعويضات أوراق التصحيح، ما جلب عليه غضب النقابات واثار موجة عارمة من السخرية بعد المرور العائر لبنموسى ظهر بنزرهوني وأضرضور وأطنبا في تعداد محاسن النظام الأساسي نكاية في رافضيه، فزادت حدة الاحتقان وتأكد أن مشكلة الوزارة كانت في لجوئها إلى إطلاق حملة دعائية لتعريف الأساتذة بما جاء به النظام الأساسي فهل رجال التعليم أميون ليشرح لهم المديرون والمفتشون ما جاء في هذا النظام؟
كيف سيستقيم أن يشرح من يحصل على تعويضات تتجاوز الأربعين الف درهم سنويا أهمية النظام الأساسي لمن سيحصل على شواهد تقديرية وصفر درهم؟
 وإمعانا في اقتراف الهفوات أرادت الوزارة أن توجه النقاش نحو الأباء ووسائل الإعلام لتظهر للرأي العام أنها أعدت نظاما أساسيا محفزا ولكن العيب في الأساتذة الذين يرفضونه، وهو ما زاد من غضبهم ورفع من مستوى الاحتقان ليتم الإعلان عن أيام أخرى من الإضراب ويبدو الآن جليا أن مشكلة الوزارة توجد في غياب حكماء يسيرونها وأن ما يمتلكه بنموسى من مستشارين ومساعدين هم سبب المحنة التي يعيشها الآن، إذ كلما كانت الاحتجاجات أن تهدا وتخبو إلا وخرج من تحت جبة الوزير من يصب الزيت على النار. وقد بدأ ذلك مع محمد بنزرهوني مدير الموارد البشرية بالوزارة وأضرضور مدير الأكاديمية الجهوية الرباط سلا وتواصل مع مدير أكاديمية درعة تافيلالت الذي قلل من نسبة المضربين وأصر على اعتبار الأساتذة متغيبين، ثم تبعه مدير مديرية طانطان الذي خرج لمحاورة أمهات التلاميذ الغاضبات والذي بدأ يحرضهن على الأساتذة ويطعن في كرامتهم ومصداقيتهم ونواياهم، وهو ما رفضته النساء اللواتي نجحن في تسجيله صوتيا ونشر ذلك في أوساط رجال التعليم الذين أكدوا أن وزارتهم هي المؤسسة الوحيدة التي يحرض بعض مسؤوليها المواطنين ضد موظفيها.
وفي الوقت الذي كان على بنموسى ووزارته إبداء شيء من المرونة وانتظار ما سيقرره رئيس الحكومة أبى مستشاروه إلا أن يعقدوا الوضع من جديد ويعودوا به إلى نقطة الصفر حين أصدر السحيمي الكاتب العام للوزارة، مراسلة مسربة إلى مدير نفقات الموظفين بالخزينة العامة طالبا منه تفعيل الاقتطاع من أجور الموظفين المتغيبين (المضربين)، وهو الأمر الذي رفع منسوب الاحتقان من جديد وجعل رجال التعليم يهددون بإضرابات مفتوحة.
أما ممثل الوزارة في برنامج مباشرة معكم، فقد افتقد للحس التواصلي السليم، خصوصا عندما قال إن نسبة الإضراب لم تتجاوز 30% مع أن التلاميذ لم يدرسوا لأسبوعين، ولماذا هذه الرغبة في إخفاء الشمس بالغربال مع وجود رأي عام يحصل عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي على كل الصور والفيديوهات التي تنقل الوقفات والمسيرات من أمام المديريات والأكاديميات على المباشر؟
والطامة الكبرى أن ممثل الوزارة زاد في العلم حينما قال إن على رجال التعليم إذا أرادوا أن يحسنوا وضعيتهم الاجتهاد ليصبحوا مديرين أو مفتشين البس هذا إقرارا من مسؤول وزاري بأن النظام الأساسي لم يات بشيء لرجال التعليم، وأنه خدم فقط أوضاع المفتشين والمديرين ما يفهم من كلام هذا المسؤول هو أن من ظلوا في الاقسام ولم ينفذوا بجلدهم إلى الإدارة والتفتيش ليسوا سوى مجرد کسالی وفاشلين كيف إذن لمسؤول وزاري يفكر بهذا الشكل أن يقنع الرأي العام بجدوى قانون النظام الأساسي؟
مشكلة بنموسى كما أسلفنا القول هي أنه محزم بشريط راشي، وتبقى الفرصة الأخيرة لنزع فتيل هذه القنبلة الانشطارية هي أن يسارع رئيس الحكومة المحاصرة هذه الاحتجاجات وتوقيف الإضرابات وإنقاذ سبعة ملايين تلميذ من الضياع، لأن استمرار خرجات وزارة التربية ومسؤوليها لن تزيد الوضع إلا تازيما وتأجيجا.



google-playkhamsatmostaqltradent