تَسير الأوضاع بمراكز الأقسام التحضيرية في عدد من المدن المغربية إلى مزيد من التصعيد، ما يُنذر بمزيد من الاحتقان في قادم الأيام؛ وهو ما جسده طلبة هذه المراكز صباح اليوم الجمعة 17 نونبر الجاري، عبر “إضراب وطني سِلمي عن الدراسة ومقاطعة خدمات المطعمة”.
ووفق معطيات توفرت لجريدة هسبريس الإلكترونية وصور ومقاطع فيديو توصلت بها فقد لبَّى طلبة وطالبات الأقسام التحضيرية، في قرابة 15 مركزاً من مدن مغربية عديدة، نداءً كان أطلقه المكتب الطلابي للأقسام التحضيرية بالمغرب في بيان صدر الخميس.
البيان الذي تتوفر عليه هسبريس موقَّعاً باسم الاتحاد الوطني لممثلي طلبة “CPGE” للمدارس العليا بالمغرب فسر التصعيد بأنه “نتيجة للأوضاع التي تعيشها مختلف مراكز الأقسام التحضيرية بالمملكة، وتتمثل في سوء التغذية وكثرة إضرابات الأساتذة”، مذكراً بأن ذلك دفع عدة مراكز للأقسام التحضيرية بالمغرب إلى القيام بإضرابات محلية عن الطعام، أو الطعام والدراسة معاً، مطالبة بتدخل فوري من طرف إدارة كل مركز للحد من هذه المشاكل التي لاحقت الأقسام التحضيرية (منذ بداية الموسم).
وتصاعدت حدة الغضب ومشاعر الاحتقان بعد تسجيل حادثة “تسمم غذائي” طالت خمسة تلاميذ (فتاة و4 ذكور) توصل بها المكتب الطلابي للأقسام التحضيرية بالمغرب، المكون من 28 عضوا من مختلف مراكز المملكة، يوم الخميس 16 نونبر 2023.
“وجاء هذا الحدث بعد عدة إضرابات بالمركز نفسه وتدخلات إعلامية لتغطية الوضع، الذي كانت جريدة هسبريس قد واكبتْه”، يسجل البيان، لافتاً إلى أن “ما حدث في مركز مولاي إدريس أمر مثير للقلق”؛ كما أشار إلى أن “هؤلاء الطلبة (مهندسو الغد) كانوا ضحايا لسوء نوعية الأكل وجودة خدمات المقصف، ما أدى إلى أعراض خطيرة”، وزاد: “بالإضافة إلى الطلاب الخمسة الذين تم تحديدهم، من المقلق معرفة أن الآخرين يعانون أيضا من آلام في البطن، ما تطلَّب عناية طبية عاجلة”.
وشدد بيان لطلبة “مركز فاس” على أن “الشهادات الطبية دليل ملموس على حجم هذا الوضع”، مردفا: “من الأهمية بمكان فهم أسباب هذا التسمم الغذائي، لمنع الطلاب الآخرين من المعاناة من المصير نفسِه”، ومسجلا أن الوضع بلغ درجة من الخطر على صحة الزملاء استدعت تدابير فورية.
وعبَّر الاتحاد الوطني ذاته عن “ضرورة تدخل الجهات المعنية (على رأسها وزارة التربية الوطنية والأكاديميات الجهوية) لحل مشاكل إضرابات الأساتذة وقطاع المطعمة بالأقسام التحضيرية بالمغرب”، مبدياً “تضامن مختلف مراكز الأقسام التحضيرية بالمغرب مع تلاميذ مركز مولاي إدريس بفاس”.
“إن المشاكل المثارة أعلاه تؤثر، بشكل مباشر أو غير مباشر، سلبياً على صحة ونفسية تلاميذ الأقسام التحضيرية العمومية، وتحُول دون تلقِّيهم التحصيل الدراسي بالجودة المطلوبة، الذي يعتبر حقا مشروعاً لهم، في حين أن تلامذة المراكز الخاصة للأقسام التحضيرية يواكبون دراستهم في ظروف عادية ومستقرة”، يورد “طلبة CPGE” في نبرة استنكار.
مطالب بالتدخل
رئيس المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة CPGE، أيمن بركات، أكد في تصريح لهسبريس أن “اللجوء إلى خيار الإضراب عن الدراسة والطعام معًا في مختلف المراكز جاء بعد مقاطعة تلاميذ مركز فاس الدراسة والطعام حواليْ أسبوع، مع خرجات إعلامية في منابر وطنية لم تلقَ أي صدى”.
وأفاد بركات: “المكتب الطلابي الذي أصبح يتكون من 33 عضوا من مختلف مراكز الأقسام التحضيرية بالمملكة توصّل من المكتب الطلابي لمركز مولاي إدريس بفاس بمعطيات حول تسمم 5 تلاميذ، مرفوقة بصور ومقاطع فيديو للحادثة، ما دفع ممثلي المراكز إلى التصويت حول تنظيم إضراب سلمي اليوم الجمعة، فكان قرار أغلب المراكز مع القيام بهذا الإضراب لإثارة الانتباه إلى أوضاعنا”.
وأكد المتحدث ذاته “وجوب توضيح أن الهدف الأسمى والرئيسي من هذه المقاطعة هو التضامن مع تلامذة فاس الذين يعانون من سوء التغذية، وهو مشكل أصبح يلاحق الأقسام التحضيرية برمتها؛ لذلك فمطلب تلاميذ الأقسام التحضيرية هو ضرورة تدخل الجهات المعنية لحل مشكل المطعمة في مركز فاس وبعض المراكز الأخرى” .
وزاد بركات موضحا: “اللجوء إلى هذه المقاطعة جاء بعد حوار مطوّل بين تلامذة فاس وإدارة المركز، حسب معلوماتنا لم يجدِ نفعاً”، مستحضراً أنه “في وقت يعاني طلبة الأقسام التحضيرية العمومية من هذه المشاكل فإن تلامذة الأقسام التحضيرية الخصوصية يواصلون إعدادهم للمباريات الفرنسية والوطنية في ظروف مستقرة”.
يشار إلى أن الطلبة بمركز فاس كانوا قد خاضوا “إضرابا مفتوحا عن الأكل والدراسة معاً، منذ يوم الثلاثاء 7 نونبر الجاري، إلى حين تحسن الوضع”، مشددين على “ضرورة تدخل السلطات الوصية على تدبير الأقسام التحضيرية”.