في الواقع، ما قاله بنموسى في بلده الثاني فرنسا لا يعدو أن يكون حالة إنكار مستفزة تغيب معها الحقيقة المعيشة، فالجميع يدرك حقيقة ما تعيشه مدارسنا العمومية خلال الأسابيع الأخيرة من توترات، جعلتنا أمام وزير فقد القدرة على الدفاع عن إصلاحاته وأفقدت وزارته هوامش التحرك لامتصاص الأزمة الأمر الذي تطلب تدخل رئيس الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والكارثة أن المسؤول عن هذه الورطة لا يفكر في مراجعة مواقفه وسياساته لأنها ثقافة مفقودة في مسؤولينا، لأنهم تعلموا حينما يضعون البلد في ورطة بسبب سوء تدبيرهم وتقديرهم يفكرون في الخروج منها بتعليق شماعة الفشل على الآخرين أو يحتمون وراء جدار هيبة الدولة وأن المواطن لا يمكن أن يفرض قراره على الدولة.
إن حالة الإنكار التي ظهرت جليا في خطاب بنموسى بين الرباط وباريس، هي مثال حي لازدواجية المواقف التي تقود إصلاحات هذا البلد نحو مصير مجهول، هي الثقافة التي تجعلنا نعيش في دوامة لا تنتهي، لأن المواطن سواء كان موظفا أو عاملا أو عاطلا بات من المتضررين من حالة إنكار الواقع لأنه يرى خطابا ورديا أمام كاميرات فرنسا وواقعا مأساويا في تعليم بلاه.
والحقيقة أن لعبة حالة الإنكار تعكس حالة من عجز وزير التربية الوطنية عن إيجاد حل حقيقي لمشكلة التعليم، وبالتالي فإن تصريحات باريس حول إنكار وجود فشل في تعليمنا وإنكار فشل بداية الإصلاح لا يعدو أن يكون حلاً تخديريا مؤقتا، بينما الحقيقة هي ما يقوله بنموسى في البرلمان من أن تعليمنا يرقد في قاعة الإنعاش وأن استفزازات وزارة التعليم ستقود مدارسنا إلى الموت البطيء.