لعل السؤال المشروع وسط أزمة التعليم التي تهدد موسمنا الدراسي، هو من له المصلحة في إفشال الحل وإيقاف نزيف المدرسة؟ نطرح هذا السؤال لأن هناك عددا من المؤشرات المقلقة تعطي شرعية لطرحه. فما معنى أن يتم تسريب وثيقة رسمية حول الاقتطاع من أجور الأساتذة المضربين موقع عليها من طرف الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي؟ والغريب أن يتم ذلك عشية بداية جلسات الحوار المفترض الذي دعا له رئيس الحكومة الأسبوع المقبل.
وما معنى أن يخلط الأساتذة الأوراق ويطلقون «هاشتاغ» يخلط بين شرف تنظيم بلدنا للمونديال وملف مطلبي للأساتذة؟ وكأن المونديال الذي سينظم في 2030 هو المسؤول عن المشاكل الفئوية والزيادة في الأجور والنظام الأساسي منذ 2003. وما معنى أن يطلق وزير العدل العنان للسانه لتهييج المحتجين وصب مزيد من الزيت على النار المشتعلة؟ وما معنى ترويج الصحافة لخبر زائف عن الوزير لقجع بكونه يرفض الزيادة في تعويضات الأساتذة؟ وما معنى أن تمدد التنسيقيات إضرابها للأسبوع الخامس دون مراعاة المصالح الفضلى للتلاميذ؟
الواضح أن هناك من يريد الاصطياد في الماء العكر ولو من وراء ستار، وتحويل مشكلة نظام أساسي إلى معركة سياسية لتصفية الحسابات هنا وهناك، والمؤسف أن يتم ذلك ممن هم محسوبون على الحكومة أو تحت وصايتها، أو ممن يدعون الدفاع عن المدرسة والأستاذ.
إذا ما أردنا الوصول لحل أزمة التعليم قبل فوات الأوان، فما على البعض سوى المساهمة فقط بإغلاق فمه، فالحلول لا تتأسس على كلام شعبوي في الهواء، أو وعود لا تتحقق، أو شعارات حماسية تخلط المطلب الاجتماعي بالأهداف السياسية. ولن يصدق أحد أنه يمكن أن يكون هناك حوار جدي والبعض يسرب وثائق إدارية والبعض يطلق العنان للسانه والبعض يحلم بالمس باستقرار النظام السياسي والأمني، بعدما ركب على قضية نظام الأساتذة.
نحن إذن أمام نفق اجتماعي أدخلنا إليه سوء التقدير والتدبير، ولا حل سوى حسم ملف نزيف المدرسة بأسرع ما يمكن والتوقف بنفس الوقت عن أي قرارات أو تصريحات أو إضرابات مستفزة في انتظار ما يسفر عنه من توافقات تساعد على مواجهة الأزمة.