واليوم يمكن أن نقول إن الأساتذة أوصلوا رسالتهم بمنتهى القوة والانضباط إلى السلطات العمومية المعنية، كما أن الوزارة استوعبت حجم الهفوات وسوء التقديرات التي ارتكبتها في تدبير ملف النظام الأساسي، والمنطق السليم والبعيد عن الأجندات السياسية يقول إنه ينبغي أن يحتكم الجميع إلى نوع من الهدنة حتى يتم اتخاذ إجراءات للتفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة قبل فوات الأوان.
لذا، فإنه ما زال الوقت الذي يمكننا من نزع فتيل هذه الأزمة الاجتماعية قبل أن تتحول إلى أزمة سياسية، وعلى الجميع أن يدركوا أننا لن ننجح في تجاوز عنق الزجاجة بمنطق لَيِّ الذِّراع، إن كان من ذلك من الوزارة أو مِن التنسيقيات أو النقابات. فكل طرف لديه نقاط قوته ويستطيع استخدامها في أي وقت، وكل طرف لديه نقاط ضعفه ويمكن تحطيمُه من خلالها في أي وقت. وإذا بقي كل طرف متصلبا لموقف، فسيخسرون جميعا المعركة والخطر أن يخسر جيل من 9 ملايين تلميذ.
مهما كانت شرعية المطالب وشرعية التشبث بالإصلاح، فالوضع الصعب يفرض على الجميع أن لا يصب الزيت على النار بتصريحاته الشاردة ومواقفه المتصلبة، بل ينبغي التصرف بمنطق المصلحة العامة الذي يعلي من مصلحة الحلقة الأضعف وهي التلميذ مهما كان عدم الإنصاف، وأن يعمل بمنطق المصلحة الوطنية التي تثق في مؤسساتها مهما كانت الظروف.
إننا أمام مفترق الطرق بين إنقاذ موسم دراسي من الضياع أو السير بشكل فوضوي نحو الباب المسدود، وعلى الجميع، ابتداء من السلطات العمومية والأساتذة والنقابات، تحمل مسؤوليتهم في تقرير مصير هذه السنة، والأكيد أنه إذا حضر العقل والحكمة والواقعية والتنازلات المتبادلة، فإن الجميع سيربح وكل المطالب المشروعة ستتم معالجتها بالإنصاف اللازم.