تتواصل تفاعلات “أزمة إضرابات التعليم العمومي” بسبب رفض الأساتذة للنظام الأساسي لموظفي التربية الوطنية، مثيرة دعواتٍ غير فاترة للعودة إلى الأقسام وتغليب “صوت العقل” والحكمة مراعاة “للمصلحة الفضلى للتلاميذ” الذين أصبح موسمهم الدراسية مهددا بـ”شبح السنة البيضاء” في حال استمرار الاحتقان.
ولم يعُد الوضع التعليمي بمختلف المدارس العمومي في المغرب “يتحمل” مزيدا من “التصعيد” بين التنسيقيات والنقابات التعليمية والهيئات الرافعة لمطالب “تجويد” النظام الأساسي من جهة، ووزارة التربية الوطنية من جهة ثانية، خاصة أن أولى جلسات الحوار مرتقبة بحلول بداية الأسبوع (المقبل) بإشراف من “لجنة بين-وزارية ثلاثية” شكلتْها الحكومة.
“الرسالة وصلَتْ” والعودة إلى الأقسام “ضرورة”
تفاعلا مع الموضوع، أكد أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، أن “الإضراب يظل حقا مشروعا بموجب الدستور؛ ولكن في حدود أن يبقى معناه هو إيصال إشارة عن عدم الرضا على وضع معين”.
وقال التويزي بهذا الخصوص: “إذ دامَ الإضراب فإنه يصبح عامل تهديد لسير العملية التعليمية-التعلمية.. ولا معنى لخوضه لمُدَدٍ طويلة؛ لأن التلميذ، في نهاية المطاف، هو الضحية الأولى وضياع أبنائنا وسيرُ تحصيلهم”.
وشدد رئيس فريق حزب “البام” بالغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية، في حديث لجريدة هسبريس، على أن “فكرة الإضراب طويلا تظل غير محبذة، ولو أنه حق مشروع طبعا”.
وتابع مضيفا بأن “الرسالة وصلتْ، وكان الرد إيجابيا من أعلى مستوى حينما أكد رئيس الحكومة أنه مستعد للحوار وأيدته في ذلك هيئة الأغلبية.. وما يجب الآن على الأساتذة ومَن يمثلهم أن يجلسوا إلى طاولة الحوار تغليبا لصوت الحوار والعقل وتنقيح ما يمكن أن يكون في صالحهم”.
“لا يمكن للأغلبية إلا أن تدعَم كل ما هو في صالح الإصلاح المنشود لمنظومة التربية والتكوين بالمغرب”، أعلن البرلماني ذاته في نبرة صارمة، مسجلا في تصريحه أنه “لا إصلاح بدون رجال ونساء التعليم”.
“الإصلاح لا يختزلُه النظام الأساسي فقط”
في إفاداته لـ هسبريس، أوضح التويزي أن “الرأي العام يجب أن يعلَمَ بأن إصلاح التعليم لا يمكن اختزاله في النظام الأساسي فقط”، مضيفا بأن “الحكومة الحالية هي أول من تحلى بجُرأة مباشَرَةِ نقاش النظام الأساسي (منذ عقديْن) الذي يعد أساسيا وحيويا مع إشراك النقابات وتمثلييات الأساتذة في هذه الدينامية”.
وتابع رئيس فريق “البام” بالغرفة الأولى شارحا: “جل المخاوف لدى شغيلة التعليم وهواجسهم متأتية من نقطتَيْ إقرار العقوبات وضبط مهام رجال التعليم بشكل مدقق في النظام الأساسي”، معبرا عن “تفهمهم لأن شريحة من الأساتذة لم يستفيدوا من الزيادات المبرمجة والتي تظل بمجهود مالي مقدر يصل إلى حوالي 9 مليارات درهم سنويا”.
وخلص البرلماني المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، عضو ائتلاف الأغلبية الحكومية، إلى أنه “متفق مع فكرة أن النظام الأساسي يجب أن يضمَنَ “حافزا جيدا للأساتذة باعتبارهم من ركائز الإصلاح”، مسجلا أنه “العقوبة لا داعي بإقرارها بالطريقة أو الصيغ التي تمت بها”؛ لأن الأساتذة خاضعون أصلا لمقتضيات “قانون الوظيفة العمومية الذي يتضمن عقوبات أشد من النظام الأساسي نفسه”.
مصلحة التلميذ “أولا وأخيرا”
بدوره، نسَج نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، على المنوال نفسه معتبرا أن “الاحتقان يجب أن يتوقف لمصلحة التلميذ أولا وأخيرا”، ثم ثانيا لتفادي لأي تمييز بين التعليم العمومي ونظيره الخصوصي؛ ما يثير إشكالية غياب تكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة”.
ودعا مضيان، في تصريح لـ هسبريس، إلى “استحضار سُمو مصلحة التلميذ أولا وقبل كل شيء، مع الحفاظ على حقوق الأساتذة والأستاذات”، وموصيا بمُراجعة “مُنصفة” لمضامين النظام الأساسي في اتجاه مزيد من التجويد.
حلول “متوافق عليها”
رئيس الفريق الاستقلالي لم يتوان في تجديد نداء فعاليات كثيرة إلى “استكمال دينامية الحوار وجعله مفتوحا مع العودة إلى العمل بالأقسام وسير عادي للدراسة فيها.. هذا سيضمن التوصل إلى حلول متوافق عليها”، مستدركا بأن “النظام الأساسي جاء بإيجابيات لا يمكن نكرانها.. إلا أن أي حوار يبصِمه أخذ ورد”.
وسجل الفاعل السياسي المنتمي إلى الأغلبية الحكومية أن “المشكل مهما كان درجتُه وتعقيده لا يمكن أن يُحل إلا بالحوار وبتفاعل الهيئات”، موضحا لهسبريس أن “القانون الممأسس للحوار الاجتماعي في شقه القطاعي والمركزي ينص على أن الحوار يكون مع الهيئات النقابية الأكثر تمثيلية”.
وختَم بدعوة مهمة إلى “صيانة حقوق الأستاذ؛ ولا بد من الاهتمام بأسرة التعليم وتعزيز حقوقها وترصيد مكتسباتها”، خالصا إلى أن “هذا يمكن أن يتم في إطار من النقاش البناء والحوار الهادئ”.