recent
آخر المواضيع

في ضرورة وقف النزيف

Educa24
الصفحة الرئيسية

 

بالمسيرة الوطنية الضخمة، التي قام بها رجال ونساء التعليم أول أمس تكون معركة تكسير العظام بين وزارة التربية الوطنية وهيئة التدريس قد وصلت إلى اقصى درجات التوتر. فبعد ثلاثة أسابيع متتالية من احتجاجات وإضرابات الاساتذة ومثلها من سياسة "عين ميكة"، وصم الآذان من جانب الوزارة الوصية وصلنا إلى الباب المسدود وقبل أن ندخل متاهات سنة بيضاء التي بدأت تلوح في الأفق، أو اللجوء إلى الحلول البهلوانية، باستدعاء الفقهاء حاملي الإجازة لتدريس التلاميذ لا بد لهذا النزيف أن يتوقف وتتم معالجة مصدر التعفن. 
الجميع يعلم أن المشكلة تزول بزوال أسبابها هذه قاعدة لا يمكن تغييرها. بمعنى أنه لا يمكنك حل مشكلة الاحتقان في قطاع التعليم، مع استمرار وجود أسباب وقوعها، المتمثلة في صدور نظام أساسي هجين لا شكل ولا لون ولا طعم له خصوصا بعد بلاغ رئيس الحكومة الذي التزم فيه بتجويد المرسوم. لكن وفي مقابل ذلك، على التنسيقيات أن تخفف من شعاراتها وحماستها الجياشة للمساعدة في الوصول إلى حل واقعي لا غالب فيه ولا مغلوب.
لذلك فالحل هو اللجوء إلى تقديم تنازلات مشتركة وجزء كبير منه ملقى على عاتق الحكومة والجزء الآخر بهم الأستاذ والهدف من كل ذلك هو تحقيق المصلحة الفضلى للتلاميذ التي تبقى فوق كل اعتبار فمعركة تكسير العظام التي دخلها قطاع التعليم منذ 20 شتنبر الماضي لن يكون فيها رابح بل الجميع سيكون خاسرا، وأولهم الطرف الضعيف المتمثل في تسعة ملايين تلميذ وجدوا أنفسهم رهينة حسابات اجتماعية وسياسية وسوء تدبير وتقدير حكومي.
 لقد أصبح واضحا أن أول عناصر الحل يكمن في تواري وزير التربية الوطنية إلى الخلف بعض الوقت أو كل الوقت حتى يتم ترتيب المسؤوليات الدستورية. فالسيد الوزير أصبح جزءا من المشكل ولم يعد جزءا من الحل، بعدما فقد احترام مرؤوسيه وموظفيه ونقاباته وحتى مسؤوليه المركزبين وحسنا فعل رئيس الحكومة بالإشراف السياسي المباشر على نزع فتيل هذا التوتر قبل أن تتسع رقعته إلى الحكومة بكاملها.
وبلا شك فالنظام الأساسي يحتاج إلى تعديلات تخفف من حدة منظوره التحكمي، عبر إعادة النظر في المواد المتعلقة بالعقوبات وساعات العمل وسن التوظيف والمسار المهني، بالإضافة إلى تقديم حلول خارج النظام الأساسي للمشكلات الفئوية المتعلقة بـ "الزنزانة 10" والدكاترة وأطر الأكاديميات وأطر الدعم التربوي والاجتماعي وأطر الإدارة والاقتصاد والمربين وغيرهم. لكن كل هاته التعديلات لن يكون لها معنى دون تعديل مواد التعويضات، فلا يعقل أن يوضع نظام أساسي دون تحفيزات في تعويضات الأساتذة التي توقفت منذ سنة 2003. 
وفي المقابل، سيكون على الأساتذة أن يخفضوا من سقف شعاراتهم ومطالبهم، وأن يستوعبوا أن الاحتضان المجتمعي لمعركتهم ليس شيكا على بياض بل يمكن أن ينقلب الأمر لو استمروا في خوض معركة عبثية بدون افق واقعي فلا يعقل أن ينظموا أشكالا احتجاجية كل أسبوع، وسيكون من الأنسب لقضيتهم أن يعودوا إلى أقسامهم ويمنحوا مهلة للحكومة لالتقاط أنفاسها والبحث عن حل ميزانياتي في ظل سياق مالي صعب. فالاحتجاج على كل حال يبقى سلاحا مشروعا يمكن العودة إليه في أي وقت لكن لا بد أن يتم التناسب بين الحق والواجب، بين حق المطلب والدفاع عنه، وواجب الآداء المهني لتلاميذ تضيع سنتهم الدراسية كل يوم.

google-playkhamsatmostaqltradent