recent
آخر المواضيع

أزمة التعليم بعد اقرار الزيادات.. هل ستتوقف الاحتجاجات؟

 

يسود ترقب مشوب بالحذر بين مختلف الفاعلين والمهتمين وآباء وأولياء التلاميذ، في انتظار ما ستؤول له الأمور بعد الاتفاق الأخير الذي جرى بين الحكومة والنقابات التعليمية والذي بموجبه تم اقرار زيادة عامة في أجور أسرة التعليم بمبلغ شهري حدد في 1500 درهم، يُصرف على دفعتين ابتداء من فاتح يناير 2024 وفاتح يناير 2025، ناهيك عن زيادات أخرى لفئات أخرى تماشيا والمهام التي تقوم بها…

واقع الحال هو أن الاتفاق الذي جاء كثمرة للاحتجاجات والمسيرات التي ظلت متواصلة لأسبوعها الثامن على التوالي، (الاتفاق) خلف ردود أفعال متباينة بين مرحب ومتخوف، وفئة أخرى ترى فيه الأمر حسب ظنها مناورة والتفاف على المطالب الحقيقية ومن بينها اسقاط النظام الأساسي ولائحتها الطويلة….

فمن منطلق تحليلنا للواقع وما تلوكه الألسن في المجالس والشوارع وحتى الأسواق بحيث الكل بات يتحدث عن ” أزمة التعليم”، ومقولة” واش غادين يرجعوا يقريو ولا لا”، من هذا المنطلق حاولنا تفكيك هذه المعادلة بعد الاتفاق الأخير، فكانت النتيجة أولا أن هناك فئة من رجال ونساء التعليم أبدت ارتياحها وترحيبها وقالت الحمد لله ” اللهم العمش ولا العمى”، وبالتالي غلّبت المصلحة العليا للوطن والمواطنين ومصلحة التلميذ، على مصالحها الشخصية، ورأت في الاتفاق بادرة حسن نية من طرف الدولة، آخذة بعين الاعتبار حساسية الوضع في سياقه الوطني والإقليمي والدولي وعلاقته بالبعد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، معتبرة أن الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة بإقرار الزيادة في الأجور هي خطوة ايجابية وفرصة لا يمكن هدرها، وبالتالي وجب على الجميع العودة إلى الأقسام، مع المطالبة بضرورة استئناف جلسات الحوار والنقاش لتجويد النظام الأساسي ومعالجة كافة الملفات العالقة، لأن ما يهم هذه الفئة حسب مايتداول هو المصلحة الفضلى للوطن، وليس مصالحها الشخصية الضيقة، معتبرة أن مطالبها هي مطالب عادلة ذات بعد يروم تحقيق الكرامة وليس مرتبطا بمنطق الجشع والكلام ” الخاوي” الذي يردد البعض كون رجال ونساء التعليم همهم الوحيد هو ” الفلوس”….

* أما الفئة الأخرى التي أبدت تخوفاتها وانزعاجها، فهي ترى في الزيادة التي أقرتها الحكومة مع النقابات، حلا ترقيعيا يستوجب الوقوف عنده، وهو محاولة حسب رأيها للالتفاف على المطالب الأساسية وهي اسقاط النظام الأساسي وحماية المدرسة العمومية من الانزلاق نحو خوصصتها، واقرار زيادة حقيقية على مستوى الأرقام الاستدلالية واصلاح نظام التقاعد، وهذه الفئة حسب رأي كثيرين ترفع من منسوب مطالبها ليبلغ اسقاط نظام التعاقد التي ترى فيه الدولة خيارا استراتيجيا يتناغم وسياستها الرامية إلى تكريس البعد الجهوي لتخفيف الضغط عن المركز..

* فئة أخرى من سلك الثانوي التأهيلي التي كانت قد اعتبرت نفسها مقصية من الامتيازات التي جاء بها النظام الأساسي الجديد، وجدت ضالتها اليوم بحيث نالت حصة “الأسد” وتربعت على لائحة المتوجين بمبالغ التعويضات الخاصة بالدرجة الممتازة (خارج السلم) لكافة موظفيها المرتبين في هذه الدرجة ابتداء من الرتبة 5 بمبلغ شهري 1000 درهم، وزيادة مبلغ التعويضات عن تصحيح الامتحانات على أن يكون الحد الأدنى 1000 درهم للأستاذ المكلف بالتصحيح.

وهو ما يرى فيه متتبعون ومهتمون بالشأن التعليمي، مكسبا مهما لهذه الفئة التي لها الوقع والأثر، قد يبذذ من مخاوفها ويجعلها في أريحية مهنية للعودة إلى أقسامها لاستقبال تلامذتها المقبلين على الامتحانات الاشهادية خاصة في مرحلة الباكالوريا..

* فئة أخرى ربما لها أجندات وأهداف أخرى، قد تصل إلى حد لي يد الدولة وعدم الاعتراف والامتثال لكافة القرارات الصادرة عنها، وعن أجهزتها ومؤسساتها سواء على الصعيد المركزي أو الجهوي أو الاقليمي، كما أنها ترى في النقابات التعليمية المتحاورة، الشريك الذي لا يمثلها، وبأن قرارات هذه الأخيرة لا تعنيها وهي مجرد مسرحيات لإطالة أمد الصراع خدمة لأطراف أخرى…

هذه الفئة، وحسب استطلاعات للرأي، هي فئة قليلة، ولربما وجدت نفسها في عزلة بسبب التمادي في رفع سقف مطالبها وشعاراتها، كما أن المكاسب الأخيرة التي حققها اللقاء الأخير بين الحكومة والنقابات قد أحرجها وزاد من عزلتها، ولم يمنحها فرصة البقاء في الشارع للاحتجاج، بيد أنها ظلت متشبتة بمطالبها القديمة الجديدة وهي اسقاط النظام الأساسي الجديد، ومعه يسقط نظام التعاقد بهدف ادماج الأساتذة في الوظيفة العمومية، ضاربة عرض الحائط تعهدات السلطات الحكومية التي ستواصل أشغالها للدراسة والمصادقة على النظام الأساسي فيما تبقى من النقاط التي ليس لها أثر مالي.

إن المرحلة دقيقة، والسنة الدراسية ماضية في طريقها، وهناك تخوفات مشروعة لدى فئات عريضة واسعة من أبناء هذا الوطن العزيز خوفا من ضياع أبنائهم وحرمانهم من زمنهم المدرسي، وهي مرحلة حساسة تتطلب تغليب المصلحة الفضلى للوطن على المصالح الشخصية الضيقة، فمادامت الدولة أبدت حسن النية وفتحت باب الحوار وأقامت الجلسات وأدارت النقاشات، فعلى الطرف الآخر العمل على ذات الوثر، فمنطق التفاوض يقتضي تقديم التنازلات من كلا الطرفين بغية تقريب وجهات النظر وتذليل الصعوبات والبحث عن حلول مشتركة ترضي طرفي النزاع…نتمنى أن تنتصر الروح الوطنية، وينتصر صوت الحكمة، وتفتح أبواب الأمل ويلج الصغار قبل الكبار حجرات الدراسة للجلوس أمام أساتذتهم…

ويذكر، أنه في الوقت الذي برمجت فيه الحكومة والنقابات التعليمية المتحاورة، يوم الخميس المقبل كموعد لمواصلة سلسلة الاجتماعات التقنية من أجل الانكباب على حلحلة مطالب الشغيلة التعليمية خاصة تلك التي ليس لها آثار مالية، ( يذكر في ذات الوقت)، أن التنسيق الوطني لقطاع التعليم (25 تنسيقية)، قد أعلن عن خوض إضراب جديد لمدة أربعة أيام ابتداء من الأربعاء المقبل، مؤكدا “رفضه الكلي للنظام الأساسي الجديد” الذي أعلنت الحكومة عن تجميده و”تشبته بالزيادة في الأجور بنسبة 100٪”، معلنا عن رفضه جملة وتفصيلا لهذه المخرجات وتأكيده على مواصلة النضال والصمود مع دعوة الشغيلة التعليمية إلى تجسيد البرنامج النضالي المعلن عنه في البيان الصادر يوم 9 دجنبر 2023.


google-playkhamsatmostaqltradent