ثلاثة أيام فقط بعد المقترحات التي قدمتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لحلحلة ملف طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، المُضربين عن الدراسة والمقاطعين للامتحانات، ردَّ الطلبة المعنيون على الوزارتيْن برفض المقترحات التي قدّمتها؛ وذلك من خلال تأكيد استمرار شكلهم الاحتجاجي.
وعلى غرار الامتحانات السابقة، كانت قاعات الامتحانات في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، صباح اليوم الاثنين، حيث انطلقت امتحانات الدورة الأولى من الموسم الجامعي الحالي، بعد تأخير دام شهرين، فارغة إلا من بعض الطلبة الأجانب والطلبة المنتمين إلى الأسلاك العسكرية والأمنية؛ بينما فضّل أغلب الطلبة الاستمرار في المقاطعة.
وبالرغم من أن الوزارتيْن الوصيّتين أشارتا في بلاغهما المشترك إلى أنه صدَر بعد اجتماع حضره ممثلو الطلبة المعنيين، فإن هؤلاء يقولون بأنه لم يكن هناك أيُّ مَحضر اتفاق؛ “وبالتالي فنحن لسنا مَعنيين بما جاء في البلاغ”، حسب إفادة مصدر من اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب.
وأضاف المصدر نفسه، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المقترحات التي قدمتها الوزارتان “قديمة؛ بل إن فيها تراجعا عما سبق أن قدمتاه سابقا، ونحن لدينا ملف مطلبي متكامل سنظل متشبثين به”.
وكانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار قد أصدرتا، يوم الخميس الماضي، بلاغا مشتركا، أكدتا فيه تشبثهما بتقليص عدد سنوات الدراسة من 7 إلى 6 سنوات؛ وهو ما يرفضه الطلبة، المتمسّكون بدورهم بعدم تقليص عدد ساعات الدراسة (700 ساعة)، ويَعتبرون أن ذلك ستكون له انعكاسات سلبية على جودة التكوين وعلى جودة الخدمات الصحية التي سيقدمها “أطباء المستقبل” للمواطنين المغاربة.
وقدمت الوزارتان الوصيّتان عددا من المقترحات بهدف امتصاص غضب طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان؛ منها الرفع من مبلغ التعويضات بالنسبة لطلبة السنة السادسة للتكوين المتعلق بدبلوم دكتور في الطب ليعادل مبلغ تعويضات السنة الأخيرة للتكوين في النظام السابق، وإمكانية العمل بالمجموعات الصحية الترابية بالرقم الاستدلالي 509 لفائدة الحاصلين على دبلوم دكتور في الطب دون توقيع أي التزام زمني، وتفعيل الإصلاح البيداغوجي بالسلك الثالث (سلْك التكوين المتعلق بدبلوم التخصص)، خلال شهر يناير 2025.
ويقول طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان إن استمرارهم في مقاطعة الامتحانات يأتي “انطلاقا من وعيهم بمطالبهم التي هي مطالب شرعية، وأن التعنّت في الاستجابة لها لا يجدي نفعا”، حسب ياسر عاكفي عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس: “إذا تمت الاستجابة لمطالب الطلبة فإنهم سيعودون إلى المدرجات، وهذا ما يريدونه”؛ بينما قال بدر الدويبي، زميله في اللجنة سالفة الذكر، إن الوزارتيْن الوصيتين “تروّجان مغالطات”، مبرزا “أن الطلبة مستعدون دائما للحوار”.
ويرفع طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة عددا من المطالب، تتمثل أساسا في مطالبة الحكومة بالتراجع عن تقليص سنوات الدراسة من سبع إلى ست سنوات، وإعادة هيكلة السلك الثالث، وإعادة النظر في مسألة زيادة أعداد الطلبة الوافدين في ظل عدم توفر البنية التحتية الكفيلة بضمان التكوين في ظروف جيدة، ورفع تعويضات المتدربين في السنوات الثالثة والرابعة والخامسة.
ويثير استمرار الطلبة في مقاطعة الامتحانات قلق مسؤولي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان؛ فقد أفاد إبراهيم لكحل، عميد كلية الطب والصيدلة وطب الأسنان بالرباط، بأن الاستمرار في تأخير إجراء امتحانات “سيشكل فجوة يجعل من الصعب استدراكها في ما تبقى من السنة الجامعية”.
وفي الوقت الذي لا يزال الطلبة متشبثين بمقاطعة الامتحانات، دعا عميد كلية الطب والصيدلة وطب الأسنان بالرباط إلى “استحضار الأثر السلبي المحتمل للتأخير على التكوين وعلى سيرورة المؤسسات الجامعية”، مضيفا: “نحترم اختيار كل طالب وطالبة، ونحن مقتنعون بأن طلبتنا سيُعبّرون عن روح الالتزام والمسؤولية”.