مقدمة:
يعتبر الإرشاد النفسي من الموضوعات
التربوية الحيوية والتي تمس جوهر العملية التربوية، من خلال وضع اليد على المعيقات
النفسية والاجتماعية والتي تعيق الطالب على التحصيل الأكاديمي وتخرجه من المدرسة
بشكل يعود بالفائدة على أسرته ومجتمعه. وهناك نظريات كثيرة تناولت جانب الإنسان
النفسي. ومن بين هذه النظريات نظرية التحليل النفسي، والتي وضع العالم النمساوي
سيجماند فرويد قواعدها الأساسية.
الأرضية العائلية لفرويد هي العامل
الأساسي لفهم نظريته، فقد ولد في النمسا لعائلة مكونة من ثلاثة أولاد وخمس بنات،
وكان والده أبا متسلطا، عاشت عائلته في شقة ضيقة، وبسبب إرثه اليهودي عانت عائلته
بسبب ظاهرة اللاسامية التي كانت منتشرة في أوربا في تلك الفترة، اهتم والده
بتعليمه، وقد تخرج من كلية الطب وعمل محاضرا في جامعة فيينا. وقد ركز فرويد في جزء
كبير من حياه من أجل تطوير نظريتة في التحليل النفسي.
كانت المرحلة الأكثر إبداعا تلك التي
عانى فيها من إضرابات نفسية عندما كان في بداية الأربيعينات من عمره حيث عانى من
اضطرابات جسدية نفسية Psychosomatic Disorders.
بسبب الخوف من الموت، في تلك الفترة
كان منغمسا في مهمة صعبة وهي تحليل الذات، وبتفسير أحلامه اكتشف القوى المحركة في
تطور الشخصية، ففي البداية اختبر ذكريات طفولته ليدرك العداء الذي شعر به تجاه
والده المتسلط، كما استدعى المشاعر الجنسية لوالدته الجذابة والجميلة؛ ليشكل
نظريته الجديدة اكلينيكيا.
وبطرح نظرية التحليل النفسي وضع
فرويد نفسه في خانة المبدعين، فقد أبدع باكتشاف تقنيات جديدة لفهم السلوك
الإنساني، وقد انتجت جهوده النظرية الأكثر شمولا للشخصية وللعلاج عن طريق التحليل
النفسي. وفي خريف عام 1886 استقر به الأمر في فيينا كطبيب أخصائي في الأمراض
النفسية، وقد استخدم في ذلك الوقت العلاج الكهربائي والتنويم المغناطيسي، وفي عام
1891 ظهرت أول بحوث فرويد عن الشلل الدماغي، وشاركه في هذا العالم أوسكار وقد تأثر
فرويد بعلم الطبيعة والديناميات، وبفضل مجهوداته فقد اكتشف أنه الممكن تطبيق
الديناميات.
وعندما بدأ يرسي دعائم علم النفس
الدينامي والذي يدرس تحولات الطاقة وتغييراتها المتبادلة في صميم الشخصية، وقد كان
"هذا العمل من أعظم إنجازات فرويد وهو الحدث الجوهري في علم النفس. وفي عام
1900 أصدر فرويد كتابه الشهير "تفسير الأحلام"، ثم أصدر عددا من الكتب
الممتازة في فترة قصيرة ومنها "علم النفس المرضي في الحياة اليومية "
وفيه يرد الرأي الجديد القائل بأن "زلات اللسان والأغلاط ترجع إلى بواعث
لاشعورية"، وتوفي فرويد في لندن سنة 1939 بعد عمر زاخر بالعطاء العلمي. تعلم
الاستقلال، الإحساس بالقدرة الشخصية، تعلم كيفية إدراك المشاعر السلبية والتعامل
معها، مواجهة متطلبات الوالدين.
بينما كان علم النفس في أمريكا
وألمانيا حريصا على الاتجاه الموضوعي، جاء الطبيب النمساوي ليتخذ اتجاه ذاتيا في
تكوين نظرية جديدة في الشخصية استمدها من ملاحظه المرضى النفسيين الذين كان
يعالجهم. رأى فرويد أن النفس البشرية تشبه جبلا من الجليد يطفو فوق سطح البحر لا
يبدو منه سوي جزء بسيط، وينبغي على علم النفس أن يدرس ذلك الجزء المختفي تحت سطح
الماء، وأسمي الجزء الظاهر بالشعور، والجزء المخفي باللاشعور، وقد أكد على أهمية
اللاشعور والدوافع اللاشعورية في فهم سلوك الانسان، حيث كان يرى أن سلوك الإنسان
أناني ومدفوع بمجموعة من الغرائز بعضها شعور والبعض الآخر لاشعوري. ولكنه أعطي هذه
الأخيرة الأهمية الكبرى في توجيه سلوك الفرد، وتعتبر الدوافع اللاشعورية والصراع
من أهم مبادئ المدرسة التحليلية.
1- سيغموند فرويد:
سيغموند
فرويد (6 مايو 1856/23 سبتمبر 1939) واسمه الحقيقي سيغيسموند شلومو فرويد. هو طبيب
نمساوي من أصل يهودي، اختص بدراسة الطب العصبي، ومفكر حر. يعتبر مؤسس علم التحليل
النفسي. هو طبيب الأعصاب النمساوي الذي أسس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس
الحديث. اشتهر فرويد بنظريات العقل واللاواعي، وآلية الدفاع عن القمع وخلق
الممارسة السريرية في التحليل النفسي لعلاج الأمراض النفسية عن طريق الحوار بين
المريض والمحلل النفسي. كما اشتهر بتقنية إعادة تحديد الرغبة الجنسية والطاقة
التحفيزية الأولية للحياة البشرية، فضلا عن التقنيات العلاجية، بما في ذلك استخدام
طريقة تكوين الجمعيات وحلقات العلاج النفسي، ونظريته من التحول في العلاقة
العلاجية، وتفسير الأحلام كمصادر للنظرة الثاقبة عن رغبات اللاوعي.
في حين أنه تم
تجاوز الكثير من أفكار فرويد، أو قد تم تعديلها من قبل المحافظين الجدد و
"الفرويديين" في نهاية القرن العشرين. ومع التقدم في مجال علم النفس
بدأت تظهر العديد من العيوب في كثير من نظرياته، ومع هذا تبقى أساليب وأفكار فرويد
مهمة في تاريخ الطرق السريرية وديناميكية النفس وفي الأوساط الاكاديمية، وأفكاره
لا تزال توثر في بعض العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية.
2- حياته:
ولد سيجموند
فرويد في 6 مايو1856 في أسرة تنتمي إلى الجالية اليهودية في بلدة بريبور (باللغة التشيكيةPříbor)
بمنطقة مورافيا التابعة آنذاك للإمبراطورية النمساوية، والتي هي الآن جزء من
جمهورية التشيك. وأنجبه والده جاكوب عندما بلغ 41
عامًا وكان تاجر صوف، يذكر أنه كان صارمًا متسلطًا، وكان قد أنجب طفلين من زواج
سابق. والدته أمالي (ولدت ناتانسون) كانت الزوجة الثالثة لأبيه جاكوب. كان فرويد
الأول من ثمانية أشقاء، ونظرًا لذكائه المبكر، كان والداه يفضلانه على بقية إخوته
في المراحل المبكرة من طفولته وضحوا بكل شيء لمنحه التعليم السليم على الرغم من
الفقر الذي عانت منه الأسرة بسبب الأزمة الاقتصادية آنذاك. وفي عام 1857، خسر والد
فرويد تجارته، وانتقلت العائلة إلى لايبزيغ قبل أن تستقر في فيينا. وفي عام 1865، دخل سيغموند مدرسة بارزة وهي مدرسة
كومونال ريل جيمنازيوم الموجودة في حي ليوبولدشتاتات ذي الأغلبية اليهودية حينها. وكان
فرويد تلميذًا متفوقًا وتخرج في ماتورا في عام 1873 مع مرتبة الشرف. كان فرويد قد
خطط لدراسة القانون، لكن بدلًا من ذلك انضم إلى كلية الطب في جامعة فيينا للدراسة تحت إشراف
البروفسور الداروينيي كارل
كلاوس. وفي ذلك الوقت، كانت حياة ثعبان البحر لا تزال مجهولة، مما حدى
بفرويد أن يقضي أربعة أسابيع في مركز نمساوي للأبحاث الحيوانية في ترييستي ليقوم بتشريح المئات من الثعابين البحرية في بحث غير ناجح عن
أعضائها الجنسية الذكورية.
3- فلسفة التحليل النفسي:
استمرت رؤى
فرويد بالتأثير على التطبيقات المعاصرة في العلاج النفسي، ولا زالت الكثير من
مفاهيمه الأساسية تشكل الأساس الذي بنيت عليه الكثير من النظريات، كما أن الكثير
من نظريات الإرشاد والعلاج النفسي تأثرت بآراء نظرية التحليل النفسي. إن نظام
فرويد في العلاج النفسي هو نموذج لتطور الشخصية وفلسفة الطبيعة البشرية، ومنهج
للعلاج النفسي، فقد أعطي فرويد التحليل النفسي أفقا جديدا للعلاج النفسي.
"سلط
فرويد الضوء على العوامل النفسية المحركة والتي تحفز السلوك، كما أنه أيضا ركز على
دور اللاشعور، وطور أول إجراءات في العلاج النفسي من أجل فهم وتعديل التركيبة
الأساسية لشخصية الفرد". إن نظرية فرويد التحليل النفسي تنظر إلى الإنسان على
أنه شهواني وعدواني. ومع ذلك فهذه النظرية هامة جدا لأي عملية إرشاد نفسي، والتي
تتضمن إجراءات من عملية التحليل النفسي مثل التداعي الحر والتنفس الانفعالي.
يوضح فرويد أن
التحليل النفسي هو إجراء قائم بذاته ومستقل بنوعه يقوم على أساس التسليم بنظرية
العقل الباطن والتي تفترض تقسيم الحياة العقلية إلى الشعور واللاشعور، وأن تفكيرنا
الظاهر وتصرفاتنا الشعورية ما هي إلا نتيجة للعمليات اللاشعورية والتي تحدث في
العقل الباطن، وتكون مستقلة عن إرادتنا، ويمكن التدليل على وجوده بظواهر التنويم
المغناطيسي والأحلام، ويمكن أن يعرف التحليل النفسي بأنه: "فن دراسة العقل
الباطن، والتي تقوم على أسلوب فني خاص يسمى أسلوب التداعي الحر لسبر غور أعماق
اللاشعور وكشف ما يحتويه من غرائز وميول فطرية أو نزعات أو شهوات مكبوتة يجهلها
الفرد ولكنها ذات أثر فعال من حياته الشعورية".
4- نماذج ومراحل نظرية فرويد:
مرت نظرية
فرويد بثلاثة مراحل:
المرحلة
الأولى:
أكد فرويد على
أهمية اللاشعور، وأوجد نموذجه عن الشعور واللاشعور، وقال بأن اللاشعور هو الجانب
المظلم والعميق من النفس، ومنه تنطلق النشاطات الخفية للحياة النفسية عند المرضى
والأسوياء على حد سواء، وقد استطاع إثبات أهمية اللاشعور إثر معالجته لعدد من
مرضاه (مرضي الهستيريا) عن طريق التنويم المغناطيسي، إذ استطاع أن يثبت أن
الهستريا مرض نفسي وليس عضوي، وهو عبارة عن اضطرابات عقلية وبدنية تعود في أصلها
إلى دوافع لا شعورية لا يدركها المريض، وإذا أخرجت المكبوت من ساحة اللاشعور إلى
ساحة الشعور زالت الأعراض المرضية إذن: اللاشعور هو فرضية ضرورية ومشروعة لفهم
الحياة النفسية، ذلك أن معطيات الشعور ناقصة إلى حد بعيد، فغالبا ما تلاحظ كثير من
الأفعال النفسية لدى الإنسان (السليم والمريض على حد سواء)، لا سبيل إلى تفسيرها
إلا بافتراض اللاشعور. يتكون اللاشعور من الخبرات التي يكتسبها الفرد من حياته،
وهي تراكمات لأفكار ومشاعر وذكريات ومواقف مكبوتة، وهذه الخبرات كانت في البداية
شعورية إلا أنها فقدت طابعها الشعوري بسبب عوامل النسيان والكبت وأصبحت لا شعورية.
تؤثر هذه الخبرات اللاشعورية دوما في توجيه السلوك الإنساني إذ أنها تمثل عاملا هاما
في تنظيم الشخصية أو تصدعها.
وبحسب فرويد
فإن الحياة النفسية تحكمها ثلاث جوانب هي: الشعور، وما قبل الشعور، واللاشعور،
ويؤكد فرويد على أهمية اللاشعور، إذ يعده الأساس في الحياة النفسية، ويمكن
الاستدلال على اللاشعور من زلات اللسان والقلم، ورموز الأحلام والمقاومة في أثناء
التحليل وغير ذلك.
المرحلة
الثانية:
اهتدى فرويد
منذ عام 1920 إلى وضع نظام نفسي جديد يتألف من "الهو"ID و"الأنا" EGO،
والأنا الأعلىSUPER EGO،
بدلا من النظام السابق الذي تقوم النفس فيه على اللاشعور وما قبل الشعور. ولكي
نفهم آلية اشتغال اللاشعور وطريقه تكونه يضع فرويد أمامنا تصورا للحياة النفسية،
إذ يفترض أن النفس مشدودة بثلاث قوى متصارعة فيما بينها، وتمثل الغرائز الطاقة
المحركة لنمو الشخصية:
1- الهو (مبدا اللذة):
يمثل الهو أقدم قسم من أقسام الجهاز
النفسي. ويحتوي على كل موروث طبيعي موجود بحكم الولادة، وهو بذلك يمثل
مستودع الغرائر الفطرية التي تحرك السلوك، وتشكل إشباع رغباتنا المختلفة دون
مراعاة للمعايير أو القيم، ويشمل العمليات اللاشعورية المكبوتة (الغرائر والشهوات
والأفكار) يستمد "الهو" طاقته من الاحتياجات البدنية كنقص الطعام
والجنس، وبالتالي فهي محكومة بمبدأ اللذة حيث تسعى إلى التحقق، إنها في حالة حركة
وتأثر دائم.
2- الأنا (مبدأ الواقع):
يمثل الأنا الجهاز الإداري للشخصية
وهو يمثل الذات الواعية والتي نشأت ونبتت في الأصل من "الهو"، وبفعل
التنشئة امتلكت شرطة الإشراف على الحركة والسلوك والفعل الإداري، وهي تعمل على
تحقيق رغبات "الهو"، ولكن في حدود الواقع لأنه يحقق الرغبات بطريقة
منظمة مقبولة. وما هو مسموح به ويؤجل بعض الرغبات لتتحقق عندما تسمح الظروف أو
النظم. وبذلك تكمن مهمتها في حفظ الذات من خلال تخزينها للخبرات المتعلقة بها عن
طريق التكيف.
3-الأنا الأعلى (مبدأ المثالية):
يعتبر "الأنا الأعلى" جهاز
الضبط الداخلي المتمثل في المثل العليا والقيم الأخلاقية، وهو غير واقعي مثل
"الهو"، فبينما يحاول "الهو" إشباع الغرائز بأي طريقة، يحاول
"الأنا الأعلى" كف الغرائز تماما.
يمارس "الأنا الأعلى" ضغطا
على "الأنا"، وتعمل هذه الأخيرة على إحداث توازن بين "الهو"
و"الأنا الأعلى". وهي مطالبة بالسعي إلى تحقيق قدر من التوفيق بين مطالب
"الهو" واوامر ونواهي المجتمع فيلزم عن ذلك صد للرغبات. وينتج عن هذا
الصد ما يسمي بالكبت، ويحدث حينئذ التوازن وتكون الشخصية سوية لا تعاني من
الاضطراب أو العكس، إذا لم يحدث توازن فان الشخصية ستصاب باضطرابات نفسية.
ملاحظة:
يختلف الكبت عن الكبح في كون الأول
اللاشعوري والثاني شعوري، وكبت الرغبة لا يعني موتها بل عودتها إلى الظهور في
أشكال أخرى تمثله المظاهر المرضية.
المرحلة الأخيرة:
تمثل الحتمية البيولوجية المتمثلة في
غريزيتي الجنس والعدوان، آخر نظريات فرويد التحليلية والمتمثلة في اعتقاده بوجود
دافعين متصارعين أحدهما هو الدافع نحو الحياة (الجنس)، والآخر نحو الموت والدمار
(العدوان)، حيث يرى أنهما مصدر الطاقة الديناميكية في الحياة النفسية. يرتبط
الدافع الأول بالحب والجنس الذي يبدأ مع بدايات الحب، ذلك لأنه الأساس في الحب.
ويكون الجنس موجها نحو الذات (وهذا يظهر في النرجسية في المراحل الأولى وقد تستمر
في الحالات المرضية، ثم يوجه نحو موضوعات خارجية مع بدايات المرحلة الأوديبية)،
والدافع الثاني يرتبط بالعدوان أو الدافع نحو الموت والموجه أساسا نحو الذات ثم
الآخرين.
5-أهم مسلمات نظرية فرويد:
إن النسق النظري عند فرويد يركز على
النقط التالية:
- إبراز دور مرحلة الطفولة المبكرة
في إعداد الشخصية السوية أو المضطربة، وقد أكد فرويد على أهمية السنوات الأولى من
حياة الطفل حيث تتكون العديد من الدوافع اللاشعورية نتيجة الضغط أو الكبت، والتي
توثر في حياة الفرد المستقبلية.
- إبراز أهمية غريزة الجنس في تكوين
الشخصية والرغبات الجنسية اللاشعورية في نشوء الاضطرابات النفسية.
- التأكيد على الحتمية البيولوجية
وإهمال العوامل الثقافية والاجتماعية.
- تعتبر الدوافع اللاشعورية والصراع
من أهم مبادئ المدرسة التحليلية.
6- مراحل النمو النفس - جنسي عند
فرويد:
يمر النمو النفس-جنسي عند فرويد
بخمسة مراحل تتميز كل مرحلة عن مرحلة أخرى بمنطقة الشبق وطبيعة النمو وخصائصها،
وسنجمل هذه المراحل في التالي:
المرحلة الأولى: المرحلة الفمية:
يولد الفرد وهو مزود بـ(الهو) بما
يحويه من طاقة غريزية. ينمو الأنا من الهو، وذلك للتوفيق بين الرغبات والواقع.
المرحلة الثانية: المرحلة الشرجية:
استمرار لنمو الأنا، تتراوح زمنيا من
3-5 سنوات.
المرحلة الثالثة: المرحلة الأوديبية:
وتظهر فيها المركبات الأوديبية.
وتبدأ مع نهايات المرحلة التوحد مع الوالد من نفس الجنس، مما يعني بدء نمو الأنا
العليا. وفيها تبدأ عملية الكبت وتكوين المحتويات اللاشعورية.
المرحلة الرابعة: مرحلة الكمون:
تقل فيها سيطرة الرغبات الغريزية،
ويميل الفرد إلى النمو المعرفي والاستطلاع.
المرحلة الخامسة المرحلة الجنسية:
وتتميز بالنضج الجنسي من الناحية
التركيبية والوظيفية، ترتبط سلامة النمو في هذه المرحلة بالحل السليم للمركبات
الأوديبية، وفشل حل هذه المركبات في حينها (المرحلة الأوديبية) يؤدي إلى إعاقة نمو
(التثبيت أو النكوص)، وظهور أعراض الاضطرابات النفسية.
7-المفاهيم الأساسية
في نظرية فرويد:
1- مفهوم الصراع:
مفهوم الصراع واحد من أهم المفاهيم
في نظرية فرويد، بل إنه مسلمة من المسلمات الأساسية
في النظرية. يأخذ الصراع أشكالا
متعددة تشمل الصراع بين بناءات الشخصية الأساسية ("الهو" -
"الأنا" - "الأنا العليا") هذا الصراع يمتد ليشمل الصراع بين
الغرائز ومتطلبات الواقع، وبين الغرائز الأساسية كما هو الحال بين الجنس والعدوان،
ثم بين الصراع بين المشاعر كالصراع بين الحب والكره أو الغيرة لأحد الوالدين،
والتي تعتبر امتدادا للصراع بين الجنس والعدوان. من أهم صور الصراع صراع الرغبات
والغرائز مع الواقع والقيم، مما يؤدي إلى ظهور ميكانزمات الدفاع.
2- الميكانيزمات الدفاعية:
تعتبر الميكانيزامات الدفاعية آليات
يلجأ إليها الفرد من أجل التكيف مع الواقع الجديد، وهي حيل لاشعورية تتسم بالمرونة
في الحالات السوية، وتتحول إلى الصلابة أو المرونة الزائدة في حالة الاضطراب.
يعتبر "الكبت" الميكانيزم الأساسي في الصراع، ويعني تحويل الخبرات
والرغبات المؤلمة إلى خبرات لاشعورية. يستمر صراع الرغبات المكبوتة من أجل الخروج
إلى حيز الوعي (الشعور)، مما يعني صراع مضاد وظهور مزيد من ميكانزمات الدفاع
الإضافية أو التعويضية لضمان بقاء هذه الخبرات والرغبات بعيدة عن حيز الوعي.
3- مفهوم الاضطراب النفسي:
يفسر فرويد الاضطرابات النفسية على
أنها صراع لاشعوري وما يمكن ملاحظته من مظاهر،
ما هي إلا أعراض للمرض لا المرض
نفسه. كل ما نراه من أعراض عصابية (كالهستيريا والوساوس والأفعال القهرية
والرهاب...) هي أعراض أومؤشرات للاضطراب الحقيقي باللاشعور، ويعتبر القلق العامل
المشترك بين هذه الاضطرابات، ذلك لأنه النتاج الأولي لعملية الصراع. ويرئ فرويد أن
هذه الأعراض العصابية تعمل كحيل دفاعية لإخفاء الاضطراب الحقيقي.
4-التحليل النفسي:
لقد علم فرويد من تجارب بروير Broyerوالسابقين أن
سلوك المنوم واقعي لكنه لاشعوري، إلا أنه قلل من أهمية التنويم المغناطيسي لعدة
أسباب منها أن المرض يعود للمريض من جديد بعد فترة، وأن بعض الأشخاص يبدون مقاومة
شديدة يصعب تنويمهم، فابتكر طريقة جديدة تساعد على النفاذ إلى المحتوى اللاشعوري
لمعرفته من جهة، ولتحقيق التطهير النفسي من جهة أخرى، سميت بالتحليل
النفسي La Psychanalyseوتقوم على مبدأ التداعي الحر
للذكريات، والأفكار عن طريق طرح أسئلة على المريض والمتعلقة بأحلامه وميوله
ورغباته وذكرياته...بهدف إخراج الرغبات المكبوتة في اللاشعور، فيصارعها من جديد
إلى غاية أن تزول الأعراض المرضية، ثم استعان في وقت لاحق بتحليل رموزالأحلام.
8- مراحل العلاج التحليلي:
باختصار يمكن تلخيص مراحل العلاج
التحليلي في:
أولا: اكتشاف المضمون اللاشعوري
للمريض.
ثانيا: حمله على تذكر الأسباب
والتغلب على العوائق التي تمنع خروج الذكريات من اللاشعور إلى الشعور، لكن ينبغي
أن نفهم أن فرويد لم يجعل من التحليل النفسي مجرد طريقة للعلاج بل أصبح منهجا
لمعرفة وفهم السلوك ثم أصبح منهجا تعدى حدود علم النفس إلى الفلسفة.
9- انتقاد المدرسة التحليلية - الفرويديون الجدد:
لقد
اختلف الفرويديون الجدد عن فرويد في جوانب عدة منها:
- التأكيد على دور
العوامل الاجتماعية والثقافية التي أغفلها فرويد وذلك من خلال تأكيده على العوامل
البيولوجية فقط.
- موقفهم من عقدة أوديب حيث أنهم
قللوا من عامل الجنس فيها واختلافهم في تفسيرها على أساس اجتماعي لا على أساس
بيولوجي وإنكار هم الشمولية والتعميم فيها.
- موقفيم من الجنس حيث يرى أدلر مثلا
أن الأمراض النفسية تنشأ من الشعور بالنقص وليس من تجارب جنسية فاشلة أو مكبوتة.