تبنّت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وهي إحدى أكبر النقابات المركزية بالمغرب، الطرح الذي نفسه عبر عنه الاتحاد المغربي للشغل بخصوص رفض “منطق المقايضة بالزيادة في الأجور مقابل تمرير الملفات الاجتماعية الكبرى”، إذ اعتبرت “CDT” أن ما يجري الآن يحتم إعادة موقفها بخصوص “رفض التوقيع على الاتفاق الاجتماعي الذي وقعته الحكومة مع باقي المركزيات النقابية سنة 2019”.
وأكدت الكنفدرالية، في شخص نائب الكاتب العام، خالد العلمي لهوير، أنه “حينها تم إعلان رفض منطق المقايضة، بكافة أشكاله، وهو اليوم غير مقبول بتاتا أن تلجأ إليه الحكومة”، وأضاف: “لا يمكن التنازل عن بعض المطالب أو القبول بغير تسوية كل الملفات العالقة في شموليتها”؛ كما طالب في السياق ذاته بـ”ضرورة مواكبة الوعود الحكومية بممارسات عملية جادة، فقد أشرنا في فترات سابقة إلى هزالة ما تم اقتراحه من زيادة هزيلة في الأجور؛ زيادة لم تكن عند مستوى تطلعات الفئات الشغيلية”.
وحول عدم استدعاء الحكومة اللجنة الموضوعاتية المكلفة بتحسين الدخل والأجور للاجتماعات، بدا موقف الكونفدرالية متقاطعاً مع الـUMT، بخصوص اعتبار الخطوة “لا تعكس الجدّية في التعاطي مع مسار الحوار المركزي، لأن الأولوية المتّفق عليها كانت تتصل بتحسين الدخل ومناقشة تخفيف الضغط الضريبي، خصوصا الضريبة على الأجور وتدقيق هذه العناصر”، لاسيما “في ظل الصعوبات المالية المطروحة في سياق الغلاء والتضخم والأوضاع الاقتصادية الملتبسة”.
العلمي ضمن تصريحه لهسبريس قال إن “الكونفدرالية تتشبث بمنطق التفاوض وليس التشاور مع الحكومة بشأن مجمل هذه القضايا العالقة ،على غرار القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب وإصلاح أنظمة التقاعد، وغيرها من الملفات الأخرى”، مشيرا إلى أن “أي لقاء مع الحكومة، سواء في إطار اللجان أو في إطار الحوار، يجب أن تعرض مخرجاته للرأي العام وللفئة الشغيلة المعنية بالدرجة الأولى بهذه المخرجات، وضمان الشفافية والوضوح”.
وعودة إلى الحوار الاجتماعي المركزي الحالي سجل القيادي النقابي ذاته “عدم تحقيق أي تقدم رغم اللقاءات التي تم عقدها مع الوفد الحكومي، إذ إن تعبير الحكومة عن رغبتها في تحقيق تقدم في هذا الصدد قبل فاتح ماي يبقى في نظرنا مجرد خطاب يجب أن يُترجم في شكل إجراءات على أرض الواقع، حتى لا يتم تكرار أخطاء الماضي”، مشددا على أن “الأولوية في الوقت الحالي بالنسبة للفاعلين النقابيين هي تنفيذ الالتزامات كشرط وحيد لاستمرار التفاوض بشأن باقي الملفات وإلا سيبقى الأمر معلقا إلى حين”.
ورفض المتحدث ذاته “تحديد الملفات التي ترى ‘الباطرونا’ أو الحكومة أنها أولوية بالنسبة إليها دون إشراك المركزيات النقابية المسؤولة عن أي الملف أمام الفئات التي تمثلها وتتفاوض باسمها، وبالتالي فهي ترهن استمرار الحوار بالتخلي عن هذا المنطق وتطالب بالتحلي بالجدية في التعاطي مع الحوار الاجتماعي وليس الانتقائية، مع الالتزام بتسوية كل الملفات العالقة في ظل عقيدة التفاوض دائما”.
وفي سياق مماثل أشار المتحدث إلى “تعثر الحوار القطاعي رغم توجيه رئيس الحكومة الوزراء في حكومته إلى مباشرته”، وزاد: “إننا نرفض استمرار الحوار المركزي في ظل تعثر الحوار القطاعي وتواصل الاحتقان في العديد من القطاعات على غرار قطاع العدل والصحة والجماعات الترابية”، معتبرا أن “الحريات النقابية مازالت مهضومة”.
وتفاعلا مع سؤال لهسبريس بخصوص احتمال مقاطعة الحوار الاجتماعي استبعد القيادي في الكونفدرالية هذا الخيار في الوقت الحالي، “رغم كل هذه الظروف وعدم توفر الشروط الموضوعية لتحقيق تقدم ملموس أمام غياب الجدية من طرف الحكومة”، خالصا إلى أنه “في الوقت ذاته يمكن اللجوء إلى وسائل وأساليب نضالية أخرى، على غرار الإضرابات العامة والمسيرات الوطنية، وغيرها”.