أقرت الجزائر عقوبات تصل إلى السجن 10 سنوات ضد المعتدين على المدرسين، وفق ما جاء في نص التعديلات الجديدة لقانون العقوبات الصادرة في العدد الأخير من الجريدة الرسمية المنشورة على موقع الأمانة العامة للحكومة الجزائرية، الأحد.
وجاء في المادة 148 من القانون أنه يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 200 ألف دينار جزائري إلى 500 ألف دينار جزائري "كل من يعتدي بالعنف أو بالقوة على قاض أو موظف أو ضابط عمومي أثناء أو بمناسبة مباشرة أعمال وظائفه".
وجاء في تتمة المادة أنه "إذا ترتب على العنف إسالة دماء أو جرح أو مرض أو وقع عن سبق إصرار أو ترصد سواء ضد أحد القضاة أو الأعضاء المحلفين في جلسة محكمة أو مجلس قضائي أو على ضابط عمومي أو على إمام أو على سلك الأساتذة والمعلمين أثناء أو بمناسبة تأدية مهامهم تكون العقوبة الحبس من خمس سنوات إلى عشر سنوات" بالإضافة إلى غرامة من 500 ألف دينار (3722 دولارا) إلى مليون دينار (7444 دولارا).
ورحب مهنيون بالعقوبات التي تم إقرارها في حق المعتدين على المدرسين بالجزائر علما أن قطاع التربية والتعليم في البلاد سجل عددا من وقائع الاعتداء على معلمين خلال السنوات الأخيرة والتي أثارت جدلا واسعا.
ففي أكتوبر الماضي تعرضت أستاذة بإحدى متوسطات ولاية سطيف للطعن بسكين في الكتف واليد من طرف تلميذ داخل القسم وذلك عقب تحريرها لتقرير ضده بسبب سلوكه نحوها، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية.
وفي يناير 2023، تعرضت أستاذة للطعن بخنجر داخل متوسطة بولاية باتنة من طرف تلميذ يدرس بنفس المؤسسة والذي كانت قد استدعت ولي أمره في ذلك اليوم بسبب سلوكه، وفق ما جاء في بلاغ لوكيل الجمهورية لدى محكمة نقاوس التابعة لمجلس قضاء باتنة.
"حاجز حماية"
تفاعلا مع الموضوع، يقول الخبير في شؤون التربية، مسعود عمراني، إن التعديلات الجديدة "جاءت بعقوبات مشددة بحق المعتدين على الأساتذة والمعلمين من شأنها أن تردع بشدة الاعتداءات التي طالت هذه الفئة داخل المدارس وخارجها".
ويرى عمراني في تصريح لـنا أن "تشديد العقوبات سيكون حاجزا لحماية الأساتذة على ضوء التجربة في قطاع الصحة التي أثبتت نجاعتها بعد صدور قوانين بالسجن في حق كل من يعتدي على الأسلاك الطبية"، مؤكدا أنه "منذ ذلك الوقت لم نسمع باعتداءات ضد الأطباء والممرضين".
في الوقت نفسه، ينبه المتحدث إلى ما وصفها بـ"الثغرة" في القانون وذلك بسبب "اقتصاره على فئة معينة من موظفي القطاع دون باقي الأسلاك التربوية من المشرفين والإداريين الذين يتعرضون هم أيضا لنفس التهديدات" وفق تعبيره.
"ظروف ووقائع"
من جانبه، يصف الحقوقي فاروق قسنطيني التعديلات التي طالت قانون العقوبات في الشق المتعلق بالعقوبات ضد المعتدين على المدرسين بأنها "ضرورية، فرضتها الظروف والوقائع السابقة التي تابعها الرأي العام، وأدانتها شرائح واسعة من المجتمع في مناسبات عدة".
وبدوره، يرى قسنطيني في تصريح لـنا أن الأحكام الجديدة الواردة في قانون العقوبات بشأن المعتدين على المدرسين والتي تصل إلى السجن 10 سنوات سيكون لها دور في الحد من تلك الاعتداءات مؤكدا "لن يغامر أحدهم بالاعتداء على الأستاذ لأن ذلك سيكلفه غاليا".
ويتابع المتحدث ذاته موضحا أن هذه الأحكام "تعكس واجب الدولة في التدخل لحماية إطاراتها، ورد الاعتبار لفئة الأساتذة والمعلمين التي ظلت مستهدفة لسنوات، وتحولت هذه الاعتداءات خلالها إلى جزء من مخاطر مهنة التعليم".
"نص جديد"
وفي الشق القانوني، يشير المحامي عبد الرحمان صالح إلى أن التعديلات التي مست قانون العقوبات مؤخرا "أدرجت فئة مهنية جديدة لم تكن معنية بهذه الأحكام من قبل وهي الأساتذة والمعلمين" موضحا أن الأمر يتعلق بـ"نص جديد لم يكن موجودا من قبل، حيث يعاقب وبشدة على كل فعل إجرامي" يطال تلك الفئة.
ويوضح صالح في تصريح لنا أن هذه العقوبات التي تطال "كل من يعتدي على الأساتذة والمعلمين جديدة في الجزائر، بعدما كان يحتكم في مثل هذه الحالات للنص العام في مادته 144 من قانون العقوبات التي كانت تعاقب بالسجن من شهرين إلى سنتين كل من أهان موظفا أثناء تأدية مهامه".
من جهة أخرى، يرى المتحدث ذاته أن التعديلات الأخيرة "مبالغ فيها" معتبرا أنه "من غير المعقول تخصيص عقوبات لكل صنف من الأسلاك المهنية، وأنه يكفي مواد معممة على كافة الموظفين".