فضح حزب التقدم والاشتراكية تفاقم مشكلة الهدر المدرسي، مؤكدا في سؤال لوزير التعليم أن المجلسُ الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أصدر مؤخراً، تقريراً صادماً حول الشباب الذين لا يشتغلون وليسوا بالمدرسة ولا يتابعون أي تكوين، أو ما يسمى NEET، إذ أكد التقرير على أنه يوجد واحد من بين كل أربعة شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، في وضعية NEET، أي ما يعادل 1.5 مليون فرد (ويقفز هذا العدد إلى نحو 4.3 مليون شاب أعمارهم بين 15 و34 سنة) وفي ذلك إهدارٌ خطير لطاقات فئة الشباب التي من المفترَض أن تشكِّلَ عنصر قوة اقتصادنا الوطني ومحرِّكَهُ.
و أكد أن هذه الأرقام تؤكد محدودية سياسات الحكومة في معالجة إشكالية التلاؤم بين التعليم وسوق الشغل، وأيضاً في مواجهة ظاهرة الهدر المدرسي، لا سيما بين مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي، إذ تشير الأرقام أن حواليْ 331.000 تلميذ يغادرون المدرسة سنويا، لأسباب عديدة منها الرسوب المدرسي، والصعوبات المرتبطة بالوصول إلى المؤسسات التعليمية، خاصة في المجال القروي، علماً أن المدارس الجماعاتية تعرف إشكالاتٍ ونقائص كبيرة يجب معالجتها.
و ساءل حموني وزير التعليم عن القرارات التي سيتخذها، بمعية القطاعات الأخرى المعنية، لأجل معالجة إشكالية الهدر المدرسي الذي يُعدُّ أحد أهم أسباب ظاهرة إهدار طاقات ملايين الشباب اجتماعيا واقتصاديا
و قدم تقرير دولي، نظرة عامة مقلقة عن جودة التعليم في المغرب، وكشف احتلال المملكة للمرتبة 154 من بين 218 دولة وإقليما شملها المؤشر، وذلك فيما يتعلق بجودة التعليم وإمكانية الوصول إليه.
ويعتمد المؤشر العالمي للتعليم، على ثلاثة مؤشرات فرعية لقياس أداء التعليم في كل بلد، وهي عدد الجامعات المدرجة ضمن أفضل 1000 جامعة وفقا لتصنيفات جامعة كيو إس ، متوسط ترتيب الجامعات المدرجة ضمن أفضل 1000 جامعة، وكذلك الإنفاق الحكومي للفرد على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
و حصل المغرب على نتائج ضعيفة في جميع المؤشرات الثلاثة، حيث لم يتوفر لديه أي جامعة ضمن أفضل 1000 جامعة، كما أن متوسط ترتيب الجامعات المغربية المدرجة ضمن أفضل 1000 جامعة كان منخفضا، بالإضافة إلى أن الإنفاق الحكومي للفرد على التعليم كان منخفضا أيضا.
وتثير هذه النتائج تساؤلات حول جودة التعليم في المغرب، وتدعو إلى اتخاذ خطوات جادة لتحسينه، وتشمل هذه الخطوات زيادة الاستثمار في التعليم، من خلال تخصيص المزيد من الميزانية للبنية التحتية التعليمية والمعلمين وتحسين جودة المناهج الدراسية، وجعلها أكثر ملاءمة لاحتياجات سوق العمل وتعزيز التدريب المهني، وتشجيع الشباب على الالتحاق به.
وهيمنت الدول الغربية على المراتب الأولى في المؤشر العالمي للتعليم، حيث احتلت الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولى، تليها المملكة المتحدة وأستراليا في المرتبة الرابعة. وتميزت هذه الدول بوجود العديد من الجامعات المرموقة، ومتوسط ترتيب مرتفع للجامعات المدرجة ضمن أفضل 1000 جامعة، بالإضافة إلى الإنفاق الحكومي الكبير على التعليم.
و شملت الدول الأخرى التي احتلت المراتب العليا، الصين في المرتبة الثالثة، تليها ألمانيا وأستراليا وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية. وحلت في المرتبة التاسعة الهند متبوعة بكندا وإسبانيا وروسيا، ثم فرنسا وماليزيا وتايوان في المراتب من 13 إلى 15 على التوالي.
و تشير هذه النتائج إلى أن هذه الدول تُولي اهتماما كبيرا للتعليم، وتُدرك أهميته في تحقيق التنمية والتقدم، على نقيض البلدان العربية التي احتلت بشكل عام مراتب متأخرة في المؤشر.
ويعود ذلك إلى انخفاض الإنفاق الحكومي على التعليم، وضعف جودة المناهج الدراسية باعتبارها لا التطورات الحديثة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، كما تعاني بعض الدول العربية من نقص في عدد المعلمين المؤهلين، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية التعليمية.
ومع ذلك، هناك بعض الدول العربية التي حققت تقدما ملحوظا في مجال التعليم، ومن أبرزها المملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة 16 في المؤشر، وهي أعلى مرتبة بين الدول العربية، واحتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة 20 في المؤشر، يبنما احتلت مصر المرتبة 50 والأردن في المرتبة 53، واحتلت الكويت والبحرين المرتبة 58 و59 على التوالي.
وتُشير هذه النتائج إلى أن هذه الدول تبذل جهودا لتحسين جودة التعليم، من خلال زيادة الاستثمار في التعليم، وتطوير المناهج الدراسية، وجذب المعلمين المؤهلين. ولكن لا تزال هناك حاجة إلى المزيد من الجهود لتحسين جودة التعليم في جميع الدول العربية، من أجل مواكبة التطورات العالمية وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.