recent
آخر المواضيع

"أعذر من أنذر".. تخويف غريب لغشاشي البكالوريا بالجزائر

 
مع اقتراب موعد إجراء امتحاني نهاية التعليم المتوسط والثانوي في الجزائر، تُجنّد السلطات هيئاتها للتحذير والتذكير بمغبة الغش الذي تصل عقوبته السجن.

عقوبات تصل للقضاء

فقد أمر وزير التربية في الجزائر عبد الحكيم بلعابد، الثلاثاء، بإعلام الطلاب حول العقوبات المتعلقة بالغش بكل أنواعه والتي أصبحت تتجاوز العقوبات الإدارية والتربوية وتتعداها إلى العقوبات القضائية.

وخلال اجتماعه بأبرز المتدخلين في عملية للتحضير للامتحان، ركز على العمليات الدقيقة والحساسة الرامية إلى التحكم الأمثل في إجراء هذا الامتحان.

بدوره، أوضح النائب العام المساعد لدى مجلس قضاء الجزائر، الطاهر العرابي، في تصريح إعلامي أنَّ السلطات العمومية أقرت سياسة عقابية صارمة لمكافحة الغش في الامتحانات وضمان نزاهتها.

وأكد أن النيابات العامة ونيابات الجمهورية في تنسيق دائم ومستمر مع المصالح الأمنية، التي تكون في حالة استنفار طوال فترة هذه الامتحانات، وذلك لضبط المخالفين لأحكام هذا القانون في الوقت الحقيقي وتقديمهم للعدالة لاتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة في حقهم.

وذَكَّر المسؤول بالقانون الذي يُعاقب كل من قام قبل أو أثناء الامتحانات بنشر أو تسريب مواضيع وأجوبة الامتحانات النهائية بعقوبة تتراوح بين سنة و3 سنوات سجنا مع غرامة تتراوح بين 100 ألف، و300 ألف دينار.

كما تابع أنَّ العقوبة مضاعفة للمتورطين في تسريب الأجوبة، إذ تتراوح بين 5 سنوات و10 سنوات سجنا، وغرامة مالية تقدر بـ10 ملايين دينار، في حالة ما أدت هذه الوقائع إلى الإلغاء الكلي أو الجزئي للامتحان، وقد تصبح في هذه الحالة جناية، حيث تصل العقوبات إلى السجن ما بين 7 سنوات و15 سنة وغرامة مالية تتراوح بين 700 ألف ومليون و500 ألف دينار.

كذلك يمكن أن تصل إلى حرمان المترشحين من اجتياز الامتحان لمدة 5 سنوات، وحرمان الموظفين المتورطين من التوظيف في بعض المناصب الإدارية لمدة معينة.

جدل كبير

إلا أن هذه القرارات أحدثت جدلاً حول تأثيرها النفسي على المرشحين.

فبينما نشط مسؤولون في مختلف القطاعات بندوات وورشات من أجل التحذير من الغش، تفجّر جدل كبير حول إمكانية تأثير هذا الاستنفار سلبا.

وعلق أحدهم قائلاً: "الرّهبة والاضطراب هما ما سيجنيه المترشح من سياسة التخويف التي تمارسونها، أما الغشاشون فهم مستعدون للغش في أي ظرف".

وقال آخر: "ألا تدركون أنكم تخاطبون تلاميذ في سن الـ14 بالنسبة لامتحان المتوسط. هل هكذا نحضره نفسيا؟".

من جهة أخرى، اعتبر البعض أن من لا يحضر للغش لن يتأثر بهذه التصريحات، وقالوا: "من يفسد امتحانا مصيريا كهذا يستحق أكثر من السجن .. دعوا القضاء و الإدارة يعملان عملهما".

وفي تصريحه لـ"العربية.نت"، قال البروفيسور في علم الاجتماع أحمد قوارية، إن ما يجري اليوم في امتحان البكالوريا لا يستجيب إلى المنطق التربوي السليم، بإدراج عقوبة السجن للغشاشين، إذ يعمل على خلق الخوف النفسي للتلميذ ويجعله غير مطمئن تماما، ويفكر نفسيا في العقوبة أكثر من تفكيره في الامتحان، وفق قوله.

كما رأى أن المترشح تضطرب نفسيته، ويفقد توازنه، ولا تكون مردوديته إيجابية، في حين أن الترهيب يعد عاملا سلبيا يوثر على نفسية التلميذ، ولا يصل إلى التفكير، لأنه يشعر بالتهديد بالعقوبة التي تكون سائدة على ثقته ومحبطة لمعنوياته ومجمدة لتفكيره وإجاباته السليمة.

وأضاف المتحدث: "نحن علماء النفس نرى أنّ هذه العقوبة بالسجن هي معوّق نفسي بامتياز، ولا علاقة لها بالحفاظ على تنظيم وسير الامتحان، إذ إنها أيضا تُظهر الفشل الذَّريع للمنظومة التربوية، لأنها فشلت في أخلقة سلوك التلميذ، وفي اِحترام تسيير الامتحانات من هذا النوع".

عقوبات مشددة

يذكر أن الجزائر، ومنذ حادثة تسريب امتحان نهاية التعليم الثانوي "بكالوريا" دورة حزيران/يونيو 2016، أقرّت العديد من الإجراءات الردعية، ومنها التشويش على الإنترنت طيلة أيام الامتحان.

كما شددت حينها العقوبات ضد المتورطين في الغش، سواء كانوا مترشحين أو مؤطرين.

google-playkhamsatmostaqltradent