أكد الخبير التربوي عبد الناصر ناجي، على أن الكل أصبح يتفق على أن وضعية منظومتنا التربوية ليست على ما يرام ، منتقدا التصنيف الأخير، الذي صدر عن اينسايدر مانكي ، الموقع الأمريكي المتخصص في التصنيفات والتحليلات، الذي وضع المغرب في المرتبة 154 عالميا في مؤشر التعليم العالمي، من أصل 199 دولة.
وأكد المتحدث ذاته، في تصريح لـنا ، أنه وبالرغم من اتفاق العديد، على أن وضعية منظومتنا التربوية ليست على ما يرام وأنها فعلا تحتل مراتب متدنية في التصنيفات الدولية المعترف بها دوليا، فإن غياب منهجية علمية مضبوطة أوقع هذا التصنيف الجديد في أخطاء قاتلة أخلت بشكل كبير بمصداقيته .
واعتبر الخبير التربوي، أن التصنيفات الدولية من بين المواضيع التي تثير اهتمام الرأي العام، الشيء الذي يدفع بعض الجهات إلى الاستثمار في هذا المجال، من أجل جذب الأضواء أو التأثير في توجهات الرأي العام لأغراض معينة، وبالتالي مزاحمة المؤسسات الجادة التي تشتغل بمصداقية وحرفية في هذا المجال ، مشيرا إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالتعليم فإن تصنيف المنظومات التربوية على الصعيد الدولي يعتمد على تقييم مكتسبات المتعلمين في بعض المواد الدراسية كما هو الحال مع تصنيفات معروفة مثل بيزا وتيمس وبيرلز .
وأضاف المتحدث ذاته، أنه حينما يتعلق الأمر بالتعليم العالي، فإن التصنيفات المعترف بمصداقيتها على الصعيد الدولي تكتفي غالبا بترتيب الجامعات دون الانتقال إلى ترتيب الدول، نظرا لعدة اعتبارات، لعل أهمها أولا استقلالية الجامعات التي لا تمكن من إلزامها بالمشاركة في أي تصنيف وبالتالي لا يمكن ضمان مشاركة عينة تمثيلية لكل دولة في التصنيفات المعنية .
وقال ناجي، أنه وفي ظل اللايقين المرتبط بتصنيف الدول في مجال التعليم عموما والتعليم العالي خصوصا، يطلع علينا موقع اينسايدر مانكي، ليبشرنا بأنه حقق إنجازا فريدا يتمثل في وضع مؤشر عالمي للتعليم يسمح بتصنيف 218 منظومة تربوية في العالم .
وأشار الخبير التربوي، إلى أنه ورغم صعوبة المهمة وتعقدها، إلا أن الموقع الأمريكي، اعتمد على ثلاثة مؤشرات في تصنيفه، الذي جعل المغرب في المرتبة 154 بعد دول لا يجادل أحد في تخلفها عن المغرب في جميع المجالات .
واعتبر ناجي، على أنه لا يمكن الادعاء بتصنيف منظومة تربوية بجميع مكوناتها المركبة والمعقدة باعتماد ثلاثة مؤشرات بسيطة، إثنين منها يهمان فقط التعليم العالي، والثالث الإنفاق العمومي الذي لا يمكن لوحده أن يفسر تفوق نظام تعليمي على آخر ، مؤكدا على أن اعتبار عدد الجامعات المصنفة ضمن الألف جامعة الأولى ضمن المؤشرات المعتمدة لا يأخذ في الاعتبار معطى مهم، يتمثل في حجم الدول وخاصة عدد الطلبة فيها الذي يتحكم في العدد الإجمالي للجامعات التي تتوفر عليها .
وأشار الخبير التربوي، إلى أنه لا يمكن لدول تتربع على عرش التقييمات الدولية للتلامذة، في الابتدائي وفي الإعدادي وفي الثانوي التأهيلي، مثل سنغافورة وهونغ كونغ وإستونيا وفنلندا مثلا، أن تتفوق عليها دول توجد في ذيل الترتيب في هذه التقييمات مثل جنوب إفريقيا ولبنان والهند، حسب ما يدعيه التصنيف السالف ذكره .
وخلص المتحدث ذاته، إلى أن البحث عن الربح السريع في زمن الاستهلاك المفرط، لكل شيء يدفع الكثيرين إلى الارتماء على مجالات بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم، مثل هذا الموقع الذي يدعي أنه يفقه في المال والأعمال، لكنه يتجرأ على إطلاق تصنيف للمنظومات التربوية على الصعيد العالمي دون استيفاء أدنى الشروط العلمية لذلك .