أعود من جديد.. لكي أؤكد وبقناعة راسخة، قناعة عنوانها ضرورة وضع حد لهالة الامتحانات الإشهادية، وذلك بإلغائها نهائيا من السكين الابتدئي والإعدادي، مع إعادة الهيبة للتقويمات الصفية المرفوقة بجودة التغيرات التي تطرأ على الناشئة معرفيا وسلوكيا داخل الفصل وفي فضاء المؤسسة!
أو على الاقل اقتصار تلك الامتحانات على ثلاثة مواد أو أربعة كأقصى حد! وترك الامتحان الإشهادي فقط عند الوصول إلى السنة الختامية من البكالوريا..فلا يمكن أن تنحرف التقويمات في اتجاه يتسم بتعميق فجوة الخطر..
خطر عنوانه التحايل على التعلم وكسب الكفايات الأساسية، تحايل الحصول على نقطة عددية موجبة للنجاح والتسلق، واخذ الشواهد، مهما كلف ومهما كان الثمن، ثمن نختزله في الرغبة الجامحة في الغش، واستغلال القرابات، والتعاطف، والعف، والهروب من الواجب، وهكذا..
فقضية الامتحانات الإشهادية، والتي أسهبت في الكتابة عنها، خصوصا امتحانات السلك الابتدائي والثانوي الإعدادي، إذ طالبت مرارا بوضع حد للهالة التي ترافقها، هالة أسهمت في بروز الكثير من المشاكل التربوية والمعرفية والنفسية، بل وساهت وبشكل كبير في ظاهرة الهدر المدرسي وتقليل الاحترام في بعض الأحيان لهيئة التدريس من قبل ناشئة استأنست بالتساهل والليونة.
لدرجة أمسى الغش أولوية الأولويات عند الكثيرين، غش بطرق حديثة أضحى يتجه صوب التغول شيئا فشيئا!
فلا يعقل أن يمتحن التلميذ وفق مقاربة شاملة، تستهدف جميع المواد الدراسة..فالاقتصار في الإشهاد على ثلاثة مواد أو اربعة مواد، في أفق الإصلاح الشامل، وجعل المواد المتبقية، مواد جامعة لتكوين شخصية المتعلمة والمتعلم معرفيا ونفسيا ووجدانا، بمناهج تربوية تعتمد على المرونة في أنشطتها، والصرامة في تقويماتها وتقييماتها، من حيث الترجمة الفعلية للإجراء على مستوى الواقع بيئيا وسلوكيا وعلائقيا وتواصليا وهكذا دواليك..
فالاقتراح المرتبط بإلغاء بعض الامتحانات الإشهادية في بعض المستويات، إقتراح نابع من تجربة ميدانية فاقت العقدين من الزمن، وفي مختلف المناطق! فالامتحانات ستبقى مجهدة ومكلفة، نفسيا وماديا وعلائقيا، وأمنيا ومجتمعيا، وتربويا كذلك..
لذا فإلغاء الامتحانات الإشهادية للابتدائي والإعدادي، والاقتصار على تقويمات المراقبة المستمرة، وذلك بعد إصلاحها مع الحفاظ على نظام العتبة الصارم، وقرارات مجالس الاقسام، في تنسيق تام مع أطر الإدارة التربوية وأطر التوجيه والتخطيط، والمراقبة التربوية بخصوص الانتقال..إصلاح محمود!
كما أن تحويل نظام إمتحانات البكالوريا إلى منهج تربوي قائم على المنافسة والتدافع، منهج أعمدته ثلاثي، الشق الكتابي والشفهي والمشروع الشخصي للتلميذ والتلميذة، أي بنسبة %50 للكتابي و%20 الشفهي و%30 للمشروع الشخصي، إصلاح قد يعيد مكانة ووهج القطار للسكة الصحيحة!
فهكذا انظر للإصلاح، وهكذا ستستمر الكتابة .
أنظروا لنسب الهدر..انظروا للنسب غير المتمكنة من الكفايات الأساسية، أنظروا للتقارير الرسمية الواضحة الواضحة..أنظروا للنتائج.. أنظروا أنظروا!!!!