نبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى العديد من الخروقات المنتهكة لخصوصيات الأطفال بالمناطق المنكوبة بالزلزال المدمر الذي شهده المغرب في 8 شتنبر 2023.
ورصد المجلس اليوم الجمعة عند تقديمه توصيات وخلاصات تتعلق بوضعية حقوق الطفل خلال أزمة زلزال الحوز، أهمها إشكاليتين رئيسيتين في سياق إعمال الحق في التعليم خلال الكوارث والأزمات، تتعلقان بتنقيل الأطفال من محيطهم الأصلي وبالأطفال المقيمين بدور الطالب والطالبة التي عرفت تصدعات وشقوق.
وأوضح تقرير المجلس، الذي اختاره للاحتفاء باليوم الوطني لحقوق الطفل، الذي يصادف 26 ماي من كل سنة، أنه بإقليم شيشاوة مثلا، وحسب إفادات الأطفال واللقاء مع السلطات المشرفة على عمليات الإعانات، جرى تنقيل أطفال ثلاث دواوير مجاورة لدوار أداسيل إلى وحدة مدرسية بدوار نيميرو من أجل ضمان ولوجهم إلى التعليم والتصدي القبلي لخطر الهدر المدرسي . كما أفاد بعض الآباء، خلال الزيارات الميدانية واللقاءات التي عقدها المجلس حسب التقرير ذاته بانطلاق عملية تنقيل طفلات من أمزميز إلى مدينة مراكش المتابعة الدراسة.
وسجل التقرير في هذا السياق على أنه رغم أن هذا التنقيل من المحيط الأصلي يتيح لهن إمكانية متابعة الدراسة، إلا أنه إجراء قد تحفه بعض المخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار لتعزيز الجانب الوقائي .
وفي سياق زلزال 8 شتنبر 2023، وضمن الزيارات الميدانية الخاصة بتتبع ولوج الأطفال في المناطق المتضررة بالزلزال إلى حقوقهم الأساسية، لفت التقرير بأن فريق المجلس الوطني لحقوق الإنسان قام بزيارة دار للطالبة بإقليم الحوز ودار الطالبة والطالب بإقليم شيشاوة، من أجل الوقوف على أوضاعها عقب الزلزال.
وكشف التقرير أن دار الطالبة أمزميز تستقبل 80 فتاة من الدواوير المجاورة، 5 منهن توفين وكن ليلة الزلزال عند أسرهن، حسب التقرير، وهدمت دار الطالبة أمزميز بشكل كامل من خلال المقابلة مع مديرة المؤسسة .
وتبين حسب فريق مجلس بوعياش، أن جل الآباء رفضوا انتقال بناتهم إلى مراكش من أجل الدراسة. وهذا ما تأكد خلال مقابلات حرة (entretiens libres) مع بعض أولياء الأمور .
وبخصوص دار الطالب والطالبة أداسيل بإقليم شيشاوة، فإن المؤسسة أصيبت حسب رصد المجلس بتصدعات كبيرة و تم إخلاءها من الأطفال وتحويلها لنقطة لتجميع الهبات خلال اللقاء مع السلطات المشرفة على هذه العملية، وأكدت السلطات على أنه تم تنقيل الأطفال إلى دوار نيميرو لاستكمال الدراسة.
وعلى الرغم من اللقاءات الميدانية مع 26 طفل بتارودانت وبدواوير انبدور وتاسكورت ونيميرو وأسيف المال وأسايس وأساديل وتيكخت والتأكيد على المجهودات المهمة التي قامت بها السلطات من أجل تأمين الولوج إلى الدراسة وإعداد فضاءات للمبيت ، إلا أن المجلس سجل إشكالية الحماية في بعدها الوقائي والتي تطرح مجموعة من التحديات، أهمها أنها لا تحظى بما يكفي من الاهتمام على أهميتها في السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة ، يضيف التقرير.
وأوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا الصدد، بمراعاة المصلحة الفضلى للأطفال، بمفهومها العام وبكافة جوانبها ومداخلها. في قلب تدخلات السلطات العمومية والإحاطة بكافة الأبعاد المرتبطة بالوقاية وتخفيف الأثر المحتمل لهذه التدخلات بشكل يقي الأطفال من المخاطر التي يمكن أن تهددهم بسبب تنقيلهم عن محيطهم الأصلي.
ودعا المجلس إلى إيجاد ترتيبات تحبذ الحلول القائمة على الأسرة بمفهومها الواسع عند الضرورة، بالإضافة إلى إيجاد بدائل من أجل أسرة الطفل بأكملها، إذا اقتضت المصلحة الفضلى للأطفال ذلك.
وطالب المجلس بضرورة الحرص على التنسيق والتشاور عند الاقتضاء في الحالات القصوى مع الأطفال والأسر والنظم المحلية لرعاية الطفولة من أجل توفير خدمات الرعاية والدعم والمواكبة النفسية وسبل التبليغ الأطفال ضحايا الكوارث الطبيعية بشكل عام والمنفصلين عن أسرهم بشكل خاص.
وشدد ضمن التقرير ذاته، على وضع فعلية الوقاية من الانتهاكات والمخاطر المحتملة على الأطفال وحقوقهم كأولوية قصوى في قلب السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة في بعدها الوقائي الذي يستهدف الأطفال في وضعية هشاشة.
وخلص الرصد الذي قام به المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى الإشادة بالتدخل السريع للسلطات والمبادرات التي قام الفاعلون باتخاذها من أجل مواصلة إعمال الحق في التعليم، خلال أزمة الزلزال لضمان ولوج حماية حقوق الطفل في التعليم من خلال إنشاء قاعات دراسية وتنقيل الأطفال إلى مؤسسات تعليمية لم تتأثر بنيتها التحتية بالزلزال وتعزيز خلايا اليقظة.
كما ثمن المجلس بالدور الذي قامت به القوات المسلحة الملكية لتجهيز أقسام دراسية من أجل المساهمة في ضمان تدريس تلاميذ مناطق متضررة وكافة المبادرات المدنية أو الجامعية التي استهدفت المساهمة في مواصلة إعمال الحق في التعليم خلال الأزمة، في انتظار اكتمال أشغال إعادة بناء الأقسام المدمرة أو المتضررة، لضمان استمرارية خدمة التعليم العمومي في أسرع وقت ممكن.