حاصرت انتقادات فرق المعارضة البرلمانية وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، في موضوع العقوبات الصادرة عن المجالس التأديبية في حق الأساتذة الموقوفين والتي تراوحت بين الإنذار والتوقيف المؤقت ، ملتمس، تصحيح طريقة تعامل الوزارة والحكومة مع هذا الملف من خلال طيه بشكل نهائي وإرجاع الأساتذة الموقوفين إلى الفصول الدراسية.
وقال شكيب بنموسى الذي كان يتحدث في جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس النواب، اليوم الإثنين، إنه أولا أؤكد على أن الحكومة في الوقت الذي تحرص فيه على ضمان حقوق الأساتذة فإنها تحرص كذلك على ضمان حقوق المتعلمين في تمدرس قار ومستمر وأيضا بتطبيق أحكام النصوص التشريعية التي لها علاقة بهذا الموضوع في توازن بين الحقوق والواجبات .
توقيفات قانونية
وأضاف بنموسى أن قرارات التوقيف المؤقت تمت بعد تسجيل عدد من التجاوزات والخروقات مؤكدا أن الوزارة اعتبرت أن هذه الممارسات والسلوكات تمس بحرمة المؤسسات التعليمية والتي تتنافى مع قيم السلوك المدني والمواطنة الإيجابية .
وعن إجراءات التوقيف التي اتخدتها الوزارة في حق بعض الأساتذة الذين شاركوا في الإضرابات التي شلت المدارس العمومية خلال بداية الموسم الدراسي، اعتبر بنموسى أن هذه التوقيفات تندرج ضمن تطبيق مقتضيات النظام الأساسي للوظيفة العمومية، وكل الملفات المتعلقة بالأساتذة الموقوفين تمت دراستها من طرف لجان جهوية مسجلا أنه بفضل هذه الدراسة اقتصرت بعد العقوبات على الإنذار أو التوبيخ مسجلا إعادة صرف الأجور ابتداء من شهر يناير لعدد كبير من الموقوفين .
وأردف المتحدث ذاته أن البعض الآخر والذين يبقى عددهم محدود أحيلت ملفاتهم على المجالس التأديبية المختصة مشددا على أن هذه المجالس التي اجتمعت الأسبوع الماضي أسفرت عن اتخاذ عقوبات في حق بعض الملفات لا تتجاوز الإنذار وسيتم استئناف واسترجاع أجورهم .
وأورد المسؤول الوزاري أنه تم اتخاذ عقوبة الإقصاء المؤقت لأقل من شهر في بعض الحالات المحدودة مسترسلا أنه ستتم تسوية وضعيتهم بعض المصادقة على محاضر المجالس التأديبية والتبليغ بالقرار المتخذ وقضاء هذه الفترة من العقوبة واستئنافهم لعملهم بعد انصرافها .
ولم يُفَوِّت بنموسى فرصة كلمته أمام مجلس النواب ليؤكد أن وزارته لم تتدخل في أشغال هذه المجالس التأديبية لافتا إلى حق هؤلاء الأساتذة الذين لم يتفقوا مع هذه العقوبات بتقديم تظلمات إلى الوزارة أو أمام القضاء المختص في مثل هذه القضايا .
إجراءات انتقامية
من جهته، التمس سعيد بنعزيز، عضو الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية، من الوزارة والحكومة التراجع عن مسطرة التوفيق في حق عدد من الأساتذة والأطر التعليمية المضربين عن العمل داعيا الحكومة إلى تصحيح طريقة اشتغالها والقيام بخطوات مشجعة ومنصفة من أجل تنزيل صحيح لمخرجات الحوار القطاعي .
وأضاف بنعزيز أنه لو كان الأستاذ يقوم بتصرفات لا علاقة لها بحرمة المؤسسة التعليمية لما كنتم وزيرا حاضرا معنا هنا وما كنا نحن كنواب أيضا نتحدث اليوم من داخل هذه القبة البرلمانية .
واستحضر بنعزيز مكانة الأستاذ في المجتمع قائلا: الأستاذ هو الذي يقف وراء تكوين الجميع وبالتالي الأستاذ هو منطلق التربية والأخلاق في كل شيء مبرزا أن توقيفات الأساتذة هو دليل قاطع على فشل الوزارة والحكومة لأنكم اتجهتم خلال هذا الموسم نحو تجهيل أبناء الشعب من جهة ونحو تركيع الأستاذ من جهة آخرى .
وأورد البرلماني عن الفريق الاشتراكي أن احتجاجات الأساتذة كشفت الوجه الاجتماعي لهذه الحكومة وركعت الحكومة لمَّا استجابت رغما عنها لمطالبها متهما الحكومة والوزارة ب الانتقام من الأستاذ لا لشيء إلا لأنه رفع البطاقة الحمراء في وجه الحكومة الحالية وفي سياساتها العمومية الفاشلة .
وعن فريق التقدم والاشتراكية، أبرز أحمد العبادي أننا نعيش موسم دراسي استثنائي بكل المقاييس وهو موسم مطبوع بالحراك النضالي لنساء ورجال التعليم منذ شهور، قبل أن يتوج بالتوافق حول نظام أساسي نعتبر إيجابيا مستدركا أن الوزارة اليوم أمام تحدي تنزيل المراسيم التنظيمية المرتبطة بهذا النظام الأساسي وتحدي الامتحانات الإشهادية في ظل ضياع شهور من الدراسة وتحدي إصلاح المضامين والبرامج لتحقيق مدرسة الجودة للجميع .
وعن إمكانية تنزيل وزارة بنموسى لكل هذه الالتزامات في سياق استمرار ملف الأساتذة الموقوفين، أوضح العبادي أن كل هذه التحديات لا يمكن رفعها إلا في أجواء صافية وسليمة وهادئة وبعيدة عن أي تشنج جديد وهو يتطلب الطي النهائي لملف الأساتذة الموقوفين مطالبا باتخاد قرار سياسي حكيم وليس من خلال قرارات إدارية للمجالس التأديبية التي نحترم استقلاليتها عندما يتعلق الأمر بمخالفة مهنية وليس لإنزال العقاب على من شاركوا في الإضرابات .
من جانبه، اعتبر عضو المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، مصطفى إبراهيمي، أن متابعة رجال ونساء التعليم بسبب التحريض يتعارض مع فكرة التعبئة التي يُعرف بها العمل النقابي خاصة أن هؤلاء الأساتذة توبعوا بكتابات أو تدوينات على منصات التواصل الاجتماعي مبرزا أن هذا خرقٌ للمقتضيات الدستورية والقانونية المرتبطة بالحق في حرية التعبير والحقوق النقابية والحق في الإضراب .
ور الإبراهيمي مخاطبا بنموسى الذي صرح بأن المجالس التأديبية مستقلة قائلا: هذه المجالس غير مستقلة وأنتم من تقررون، وآراء هذه المجالس تبقى استشارية مشددا على أن هؤلاء الموقوفين تضرروا جراء توقيف أجورهم بالإضافة إلى تضرر آلاف التلاميذ .
وتابع المتحدث ذاته أن هذه العقوبات فيها شيء من الانتقائية والانتقام داعيا وزارة التربية الوطنية والحكومة إلى التهدئة واتخاذ قرار سياسي لمراجعة هذه المتابعات وإرجاع هؤلاء الأساتذة إلى أماكنهم الطبيعية لتربية الأجيال .