جدد طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، خلال مسيرة وطنية حاشدة بمدينة الرباط، تشبثهم بالحوار كسبيل لإيجاد الحلول لملفهم المطلبي، وضمان عودة الحياة لكليات الطب والصيدلة بعد أربعة أشهر من المقاطعة.
المسيرة التي انطلقت من ساحة باب الأحد ووصلت إلى البرلمان، متجاوزة الحصار الأمني الذي حاول منعها، شهدت مشاركة مكثفة للطلبة، ورفعوا خلالها لافتات وشعارات، رافضة لجملة من القرارات الأحادية للحكومة، وعلى رأسها الرفع من أعداد الوافدين وتقليص سنوات التكوين.
وقال الطلبة إن خروجهم للاحتجاج هدفه ضمان جودة التكوين وإشراكهم في القرارات التي تهم تكوينهم ومصيرهم، مطالبين و ارتي الصحة والتعليم العالي بفتح باب الحوار لإيجاد حلول واقعية ترضي جميع الأطراف.
وأشار الطلبة إلى أن أزمة كليات الطب والصيدلة دخلت شهرها الخامس، وهم لا يطالبون سوى بحوار جدي ومنتج ليعودوا إلى مكانهم الطبيعي في المدرجات، مؤكدين استمرارهم في الاحتجاج والمقاطعة إلى حين فتح باب الحوار، ووقف سياسة التجاهل والتماطل.
وكان الطلبة قد أعلنوا في وقت سابق عن تأجيل مسيرتهم هذه، وتعليق كل الأشكال الاحتجاجية الميدانية كتعبير منهم عن حسن النية وفسح المجال أمام فضيلة الحوار.
وأكد الطلبة في ندوة صحافية قبل أيام عدم تلقيهم لأي دعوة للحوار من طرف الوزارتين الوصيتين، مع عدم تلقي أي رد عن الطلبات التي تقدموا بها، معلنين تشبثهم بالحوار كسبيل أوحد لحلحلة قضيتهم.
من جهته قال خالد آيت طالب وزير الصحة والحماية الاجتماعية إن انقطاع الأدوية ليس ظاهرة خاصة بالمغرب بل مسألة دولية، وأشار في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية بمجلس النواب، الاثنين، أن سبب الانقطاع يعود إلى المادة الخام وتوزيعها، وعلى المصنعين والأسواق الداخلية.
وأكد آيت طالب أن سوق الأدوية في المغرب منظم وهناك مخزون تحافظ عليه الدولة، وهناك برامح تخصص لها أدوية في الصيدليات العمومية، إضافة إلى دوريات تلزم المصنعين بضرورة أن يكون لهم مخزون كاف لمدة ثلاثة أشهر، وشهر واحد بالنسبة للموزعين.
وعلى صعيد آخر، أوضح الوزير أن هناك عدالة مجالية تطبق على أرض الواقع في قطاع الصحة، لكن لازال المغرب لم يجني ثمارها بعد، على حد تعبيره، ولفت إلى أنه في الآونة الأخيرة تم افتتاح 23 مستشفى للقرب في جميع نواحي المغرب، و ثلاث مراكز استشفائية في ثلاث جهات كي نصل إلى مستشفى جامعي في كل جهة.
وشدد على أن المشكل المطروح في هذا الشأن هو الموارد البشرية الذي لا يمكن حله بين عشية وضحاها، كما أبرز آيت طالب أن المغرب يعاني من خصاص مهول في دكاترة الطب الشرعي، حيث يتوفر على 6 أطباء في المغرب كامل زائد 76 شخص يمتلكون كفاءة في مجال الطب الشرعي، وشدد على أن صلاحية الأطباء الشرعيين لا تقتصر على فحص الجثث فقط، واليوم هناك إشكالية في هذا التكوين لأنه لا يجذب الطلبة كثيرا.
و قال خالد آيت طالب وزير الصحة والحماية الاجتماعية إن إشكالية الصحة النفسية والعقلية في المغرب مشكل قديم وكبير، وكان هناك مشروع قانون بخصوصه لكن تم سحبه من البرلمان، لأنه لا يتماشى مع الواقع وفيه وصم كبيروأكد آيت طالب في جلسة الأسئلة الشفوية الأسبوعية، بمجلس النواب أن المستشفيات الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية لا تتوفر على المعايير الحقيقية الخاصة بهذه العينة من الأمراض، ولفت إلى أن هناك مشروع قانون سيحال على البرلمان بخصوص الصحة العقلية والنفسية، والذي يقوم على ثلاث مراحل هي الاستشفاء.
وأكد أن هناك إشكالية مجتمعية تواجه هذا الصنف من الأمراض، لأن بعض العائلات لا تتقبل فكرة أن أحد أفرادها يحمل مرضا نفسيا أو عقليا، وأشار أن منظمة الصحة العالمية توصي بتصنيف المريض النفسي مثله مثل المريض العادي، وأن يخضع لنفس بنية الاستشفاء.
و صرح آيت طالب أن الخصاص المهول في طب المستعجلات يعود إلى سنوات طويلة، وخاصة الانقطاع الذي عرفه تكوين أطباء المستعجلات، وأورد أن مصالح المستعجلات تعيش عدة إكراهات تتعلق بالمنظومة الصحية ككل، وبالوافدين عليها الذين لا يحصلون على بعض الخدمات الصحية فيضطرون للولوج للمستعجلات وهذا ما يسبب الاكتظاظ.
وكان طلبة الطب اعلنوا عن تنظيم مسيرة وطنية، وكشف بلاغ للجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، عن خوض طلبة السنة السادسة والسابعة إضرابا وطنيا عن التدريبات الاستشفائية باستثناء المداومات الليلية والنهارية ومصالح المستعجلات يومي 6 و7 ماي الجاري، والمشاركة في مسيرة الصمود الوطنية.
واستئناف طلبة الطب للاحتجاج، ردا على إغلاق وزارتي الصحة والتعليم العالي لباب الحوار، في ظل استمرار أزمة التكوين الطبي والصيدلي بالمغرب التي تتواصل الاحتجاجات بسببها منذ أزيد من 4 أشهر، وكانت اللجنة الوطنية لطلبة الطب، قد أعلنت قبل قرابة الأسبوعين، تأجيل المسيرة الوطنية كبادرة حسن نية ، وذلك من أجل إعادة بناء جسور الحوار والتواصل وفسح المجال للحوار من أجل إيجاد الحل للوضع المحتقن الذي تعيش على وقعه كليات الطب والصيدلة منذ أشهر ، لكن الحكومة تتمسك بموقفها الرافض للحوار، داعية الطلبة للعودة إلى مقاعد الدراسة تفاديا لسنة بيضاء.