recent
آخر المواضيع

أوزين يشرح أزمة التعليم ويدعو لتجاوز منطق المزايدات السياسية

 
قال محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، إنه حان الآوان لتجاوز منطق المزايدات السياسية وركوب الرأس اعتدادا بأغلبية عددية من أجل تعميق الأزمات بما فيها أزمة التعليم، التي طالت وتفاقمت بفعل سلسلة من الإصلاحات والمخططات استهلكت الملايير بشكل ليس له نظير، دون أن تراوح الأزمة مكانها بل زادت استفحالا، ولعل في شد الحبل مع طلبة كليات الطب الدليل والبرهان على قمة الاستهتار بمصالح بلد جعل من إنجاح تعميم الحماية الاجتماعية رهانا كبيرا .

ووجه أوزين في مداخلة له، أمس الأحد، بالمؤتمر التأسيسي للرابطة الحركية لأطر التربية والتعليم، والذي اختير له شعار البديل الحركي لإصلاح منظومة التربية والتعليم، للمسؤولين عن القطاع، جاء فيها كفى من التعامل مع التعليم كمختبر للتجارب الفاشلة، فالتقارير الصادرة حول مؤشرات جودة منظومة التربية والتعليم، تتطلب حوارا وطنيا من أجل إعادة النظر في المقررات والمناهج المدرسية، ورد الاعتبار للمعلم، حتى تستعيد المدرسة العمومية توهجها الذي كان في السنوات الأولى للاستقلال .

واستشهد أوزين بمؤشرات وصفها بـ جد مقلقة تضمنتها تقارير عدد من المؤسسات الدولية والوطنية، أبرزها أن 64 في المائة من التلاميذ دون 10 سنوات عاجزون عن قراءة نص مكتوب وفهمه، إلى جانب انتشار ظاهرة الهدر المدرسي لأسباب وعوامل مختلفة، وخاصة في الوسط القروي، حيث تمس هذه الظاهرة الفتيات على الخصوص، بسبب صعوبة تنقلهن خارج الدوار لمتابعة الدراسة، أو لتدهور البنيات المدرسية مثل غياب المراحيض ومرافق النظافة.

كما لفت الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، والوزير الأسبق، أن التعليم العالي المغرب صنف في المرتبة 154 من مجموع 199 دولة، معتبرا ذلك مخجلا بالنسبة للمنظومة التعليمية ككل، لأن مستوى الجامعة المغربية هو نتاج لواقع المدارس والإعداديات والثانويات، وبالتالي لا يمكن الاستمرار في الفصل بين مختلف أسلاك التعليم ضمن هيكلة حكومية غير قارة، هي دليل تذبذب وارتباك وغياب لالتقائية السياسات الحكومية .

وعد المتحدث أن هذه المؤشرات المقلقة في جميع الميادين يؤكدها الواقع، لكن على ما يبدو تمتلك الحكومة نظارات وردية ترى بها مدينة فاضلة، لا يراها غيرها ، مضيفا أن التعليم يحتاج إلى عقول مكونة، وهو ما دفع عدد من البلدان لإيلاء عناية خاصة بالمعلم ومنحته أسمى المقامات وأعلى التشريفات، في حين يتم اعتبار المعلم في بلادنا هو الحلقة الأضعف، من خلالها السعي إلى تحميله المسؤولية كل المسؤولية عن الإخفاقات المتتالية والمزمنة للمنظومة التعليمية. بل أكثر من ذلك، يتم التعامل معه كلما جهر بصوته طلبا للإنصاف بمنطق العصا والجزرة، تارة وعودا عرقوبية بزيادة تخلف موعدها، وتارة أخرى بالتوقيف والاقتطاع أو محاولة إثارة سخط آباء وأولياء الأمور عليه .

وسجل أوزين أن الآفة الكبرى التي يعاني منها المغرب تكمن في محاولات القتل الرمزي والمعنوي لمكونات النخب المغربية فقد تم اختزال السياسي في مجرد شفار ، والشرطي والقاضي والدركي ورجل السلطة في مجرد رشايوية ، والمحامي سمسار ، والصحافي مرايقي ، كما تمت بهدلة صورة المعلم المربي الذي كاد أن يكون رسولا.. فماذا تركنا للأجيال الحالية والقادمة من قدوة؟ سؤال عريض هو فيض من غيض من معضلاتنا الكبرى .

ودعا إلى الاقتداء بتجارب بلدان عدة في آسيا وإقريقيا (سنغافورة ورواندا مثلا)، والتي استطاعت الخروج من قوقعة التخلف والفقر وضمان موقعها ضمن الدول الصاعدة اقتصاديا واجتماعيا، وذلك بفضل العناية الخاصة التي أولتها لقطاع التربية والتعليم والأولوية التي خصتها بها في برامجها وسياساتها العمومية، موضحا أن سنغافورة مثلا احتلت المراتب الأولى في مؤشرات التصنيف العالمي للتربية والتعليم، لكونها اعتبرت التعليم محددا أساسيا في تأهيل القوى العاملة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، إذ تم اعتبار الاقتصاد محددا جوهريا في تحديد معالم سياسة التعليم، وأطلقت سنغافورة مبادرة مدارس التفكير تعلم الامة .

ولفت إلى أن هذه المبادرة قائمة على أربعة مبادئ، أولها إعادة النظر في رواتب الموظفين؛ وإعطاء مسيري المدارس مزيدا من الاستقلالية، وإلغاء التفتيش وترك هامش واسع من المبادرة للمعلم؛ وتقسيم المدارس إلى مجموعات يشرف عليها موجهون مختصون في التطوير وصياغة برامج جديدة. إلى جانب إطلاق مبادرة تعليم أقل، تعلم أكثر ، بما يعنيه ذلك من توجه بيداغوجي مبتكر ينمي القدرات ويقوي ملكة التحليل بعيدا عن منطق شحن عقول التلاميذ بالمعلومات جزافا واعتباطا، مؤكدا أنه من هذه التجارب يجب علينا الاستفادة، عوض استيراد نماذج غربية من باب التبعية لا تتوافق مع طبيعة مجتمعنا ومع مستوى حاجياته وتطلعاته .

وتساءل أوزين في كلمته، حول واقع تدريس اللغة الأمازيغية، الذي لا نريده أن يختزل في مراسيم احتفالية لجبر الخواطر أو شعارا بدون تنزيل، ولا نرضى أن يظل تدريس لغة رسمية في مرحلة التجريب بعد 13 سنة من المصادقة على الوثيقة الدستورية لفاتح يوليوز 2011 ، داعيا الحكومة إلى إحداث ورشات للفلسفة في المراحل الابتدائية من أجل تدريب المتعلم على التفكير وإعمال العقل عوض تكريس النقل وبضاعتنا ردت إلينا، فبمثل هذه المبادرات يمكن توجيه الناشئة إلى تخصصات علمية دقيقة مثل الرياضيات والفيزياء. وفي هذا الإطار، حكى لي صديق أنه لم يدرك جدوى الرياضيات التي كان فيها ضعيفا في الإعدادي والثانوي إلا بعد دراسته للفلسفة في الجامعة .

ومن جهة أخرى، وبخصوص اعتراف وهبي في قبة البرلمان بأن نقطه في مادة الرياضيات كانت لا تتجاوز اثنين على عشرة ، اعتبر أوزين أن إقرار وزير العدل بمعدلاته الكارثية جعلت منه وزيرا لا يسعفه مستواه الرياضي الهزيل في فك شفرات المعادلات السياسية إلا بالسطحية والمجانية.. فهنيئا له بهذه التوليفة البهية .

google-playkhamsatmostaqltradent