بعد التقرير الأخير لمجلس المنافسة والذي رصد وضعية الكتاب المدرسي المغربي بالسوق الوطنية، تتجه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إلى جانب الجمعيات المهنية للكتبيين نحو تفعيل التوصيات التي كانت قد وردت ضمنه بهدف تجاوز الإكراهات التي يعاني منها سوق الكتاب المدرسي.
وبدأت الوزارة في تدارس سبل تنزيل هذه التوصيات على بُعد ثلاثة أشهر من بداية الموسم الدراسي المقبل، حيث شرعت في التنسيق مع المهنيين حول التوجه نحو التأسيس الفعلي للكتاب الوحيد والإنهاء مع الوضعية السابقة التي كانت تعرف تسويق تشكيلات مختلفة من الكتب التي تخص مستوى دراسيا بعينه ومادة بعينها تحديدا.
وعلى هذا النحو، عقدت الجمعية المغربية للكتبيين، أمس الثلاثاء، اجتماعا مع مدير مديرية المناهج بالوزارة الوصية، بهدف تدارس مستجدات الدخول المدرسي المقبل؛ وهو ما أفضى إلى تبني مجموعة من الخلاصات التي سيتم العمل على تنفيذها خلال الموسم الدراسي 2025/2024.
وحسب تقرير الجمعية الذي تحدث عن مجريات الاجتماع، من المرتقب أن تعتمد مدارس الريادة التي سيرتفع عددها إلى 2626 مدرسة على الكتاب الوحيد والموحد في مادتي اللغتين العربية والفرنسية ومادة الرياضيات، ستعمل الوزارة على تأليفه، على أن يتم بيعه وتسويقه من قبل المكتبات.
ووفق المصدر نفسه، ستعتمد الإعداديات الرائدة التي سيصل عددها إلى 230 إعدادية على الكتاب الوحيد والموحد على صعيد المملكة الخاص باللغتين العربية والفرنسية ومادة الرياضيات، والذي يرجع تأليفه إلى الوزارة كذلك وتسويقه إلى المكتبات.
وكان مجلس المنافسة قد أصدر، خلال شهر أكتوبر الماضي، تقريرا يهم سوق الكتاب المدرسي بالمغرب ويوصي من خلاله بـ”ضرورة إجراء مراجعة جذرية للنموذج الاقتصادي الذي يقوم عليه سوق الكتاب المدرسي مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والمجتمعية للبلاد، ومراجعة الأدوار والمهام المنوطة بالوزارة ذات الصلة بالكتاب المدرسي، وتفعيل إطار قانوني وتنظيمي جديد، فضلا عن جعل إنتاج الكتب المدرسية الموجهة للسلكين الابتدائي والثانوي من اختصاص الدولة باعتباره عملا يؤسس للسيادة الوطنية”.
ومن بين توصيات مجلس المنافسة في هذا الصدد نجد “توحيد المنظومة البيداغوجية للكتاب المدرسي على الصعيد الوطني، خصوصا المواد الأساسية منه، وبوضع برنامج خاص يخول للقطاع العام امتلاك الحقوق الفكرية لهذا الكتاب، داعيا إلى انفتاح أكبر، من حيث النشر والتوزيع، لصالح القطاع الخاص”.
ومع بداية كل سنة دراسية، يثير الكتبيون المغاربة عادة إشكالية تتعلق بـ”التخبط الذي يعيشه سوق الكتاب المدرسي بفعل عدم وجود مقررات دراسية مضبوطة الشكل والنوع، بما يجعلهم مطالبين بتوفير مختلف التشكيلات التي يطلبها الزبناء من آباء التلاميذ بالمدارس، بما يرفع من الرساميل الموجهة للشراء ويخفض من المردودية”؛ الأمر الذي بات أن توحيد الكتاب المدرسي خلال الموسم المقبل يتجه نحو القطع معه.
سميرة شاعر، رئيسة المكتب التنفيذي للجمعية المغربية للكتبيين، قالت إن “ما تم التوصل إليه، إلى حدود الساعة، يخص تنزيل ما جاء في تقرير مجلس المنافسة السابق حول الكتاب المغربي، حيث كان المهنيون إلى حدود الموسم الدراسي الجاري يعانون مع كثرة المقررات الدراسية التي تكون في الأساس خاصة بمادة واحدة وبمستوى دراسي واحد”.
وأضافت شاعر، في تصريح لهسبريس، أن “اعتماد الكتاب الوحيد يمثل خطوة من أجل تخفيف الضغط على مهنيي بيع الكتب الذين كانوا يوفرون عشرات التشكيلات والعناوين من الكتب الخاص بنفس المواد، خصوصا العربية والفرنسية والرياضيات؛ الأمر الذي كان يؤرقهم على اعتبار أنهم كانوا ملزمين بتوفير تشكيلات مختلفة من الكتب، ما كان يطرح سؤال المردودية الاقتصادية”.
وبيّنت المتحدثة أن “هذه الخطوة تأتي استجابة للنقاش السابق الذي كان مثارا حول الكتاب المغربي بخصوص مختلف المستويات الدراسية وما يطرح ضرورة التوجه نحو كتاب دراسي موحد ويحقق المبتغى من تدريس المادة”، لافتة إلى أنه “لذلك تم طرح الموضوع من قبل الوزارة المعنية على مجلس المنافسة بهدف إصدار تقرير لها في هذا الصدد”.
وثمنت شاعر هذه الخطوة اعتبارا لـ”آثارها على الكتبيين والتي كانت في وقت سابق مطلبا ملحا جاءت اليوم هذه الخطوة من أجل تنزيله على أرض الواقع، خصوصا بعد التقرير الأخير لمجلس المنافسة الذي كان متضمنا لعدد من التوصيات في هذا الصدد بهدف التوجه نحو الموسم المقبل باعتماد صيغة الكتاب الموحد”.