recent
آخر المواضيع

تباهي بالأرقام و إنجاح بلا استحقاق .. انتقادات لتحديد نسب الناجحين بالامتحانات

 

في خطوة تمتحن الشعارات التي ترفعها وزارة التربية الوطنية بتحقيق مدرسة ذات جودة للجميع ، انتقد خبراء تربيون حرص الوزارة على تحقيق نسب نجاح محددة و مرقمة في الامتحانات الإشهادية المقبلة، معتبرين أن مثل هذه الإجراءات تجعل المنافسة على الأرقام تتم على حساب جودة التعلمات ، مطالبين بـ تحديد نسب نجاح ملائمة للواقع وليس للتباهي ببلوغ عتبات عالية، وتفادي السقوط في الإنجاح دون استحقاق والذي لن يؤدي سوى إلى تصدير الأزمة إلى المستويات الموالية .

واطلعت مدار21 على مراسلة المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية باليوسفية الموجهة إلى مديري مؤسسات التعليم العمومي بالإقليم، بخصوص الالتزام بتحقيق نسب عقد نجاعة الأداء بشأن خارطة الطريق 2022-2026، تطالبهم من خلالها بـ تكثيف حصص الدعم التربوي بجميع أصنافه لتحقيق نسب نجاح عالية وتقليص نسب التكرار والانقطاع والهدر الدراسي .

واعتبرت المراسلة أن المؤشرات التي حددها عقد النجاعة ملزمة ، مشيرة إلى أن نسبة النجاح في المستوى السادس ابتدائي يجب أن تبلغ 95 في المئة، في حين حددت نسبة النجاح في المستوى الثالث إعدادي في 66.3 في المئة، ونسبة 85 في المئة بالنسبة لامتحانات الثانية بكالوريا.

إنجاح دون استحقاق

الخبير في الشأن التربوي والتعليمي، عبد الناصر الناجي، علق على هذه النسب على أنها تكريس للنهج الذي لطالما حذرنا الوزارة منه وهو الإنجاح دون استحقاق، والذي لن يؤدي سوى إلى تصدير الأزمة إلى المستويات الموالية ، متابعا أن مثل هذه الإجراءات هي التي ترفع نسب التكرار ونسب الانقطاع الدراسي، ثم لاحقا إلى عدم الملاءمة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق الشغل .

واعتبر الناجي أن تحديد نسب النجاح من العناصر المحفزة على الرفع من أداء جميع الأطراف من أجل الارتقاء بمردودية المنظومة ، مستدركا أن عدم توفير الشروط الضرورية قد يُحوِّل هذه الممارسة إلى نتائج عكسية .

وأشار المتحدث ذاته إلى أنه من بين هذه الشروط وضع جدولة زمنية سنوية تضع سلما لتحسن أداء التلامذة بشكل مستمر مع التدخل البيداغوحي الفعال لتدارك أي تعثر في إبانه وتحديد نسب نجاح ملائمة للواقع وليس للتباهي ببلوغ عتبات عالية ، مسجلا ضرورة وضع امتحانات تعكس بصدق متطلبات المنهاج الدراسي وليس تكييفها مع مستوى التلامذة فقط لتحقيق نسب نجاح مرتفعة، بالإضافة إلى تقييم نتائج الامتحانات من طرف جهة مستقلة لضمان مصداقية النسب المُعلنة .

واعتبر الخبير في الشأن التربوي أن توقيع وزارة التربية الوطنية لعقود نجاعة الأداء مع الأكاديميات؛ ثم هذه الأخيرة مع المديريات الإقليمية، هي خطوة مهمة على درب تحقيق الجودة إن توفرت شروطها ، منبها في الآن ذاته إلى أن هذه السنة لم تتوفر شروط إطلاق هذه المبادرة نظرا لما عرفته من توقفات للدراسة بلغت حوالي أربعة أشهر .

وعن طموحات برامج الوزارة لتدارك الزمن المدرسي المهدور بسبب الإضرابات التي عرفتها بداية الموسم الدراسي، أورد المتحدث ذاته أنه رغم التدابير التي أقرتها الوزارة لتدارك الزمن الضائع، فلا يمكن لأحد أن يتوهم بأن التلاميذ سيصلون إلى مستوى التعلمات المحدد في المنهاج الدراسي المكيف ، مسجلا أنه في أحسن الحالات سيصبحون مؤهلين نسبيا لاجتياز الامتحانات التي ستكون بدورها مكيفة .

بتحديد نسب النجاح ستصبح المنافسة على الأرقام على حساب جودة التعلمات التي لم تتوفر بعد شروط تحقيقها ، يواصل الناجي في محاولة منه لقراءة ما وراء إجراءات الوزارة، مبرزا أن الوزارة نفسها تعترف أنها بصدد تحقيق هذه الشروط في 626 مؤسسة، والتي تعرف بمؤسسات الريادة، أي ما يمثل أقل من 0.7 في المئة من منظومتنا التربوية .

إجراءات غير مفهومة

من جانبه، استغرب الخبير في السياسات التربوية العمومية، حسين الزاهدي، من مضمون المراسلة قائلا: لا أفهم لماذا تصر الوزارة الوصية على تعطيل القانون الإطار 17-51 الذي يعتبر تعاقدا استراتيجيا وطنيا ملزما للجميع ، مسترسلا لا أستوعب المسوغات البيداغوجية لمثل هذه الإجراءات غير المفهومة .

وخاطب الخبير التربوي وزارة التربية الوطنية، ومن خلالها الحكومة، أنه عوض اللجوء لمثل هذه التدابير الغامضة كان من الأجدى أن تُفعَّل المادة 35 من القانون الإطار، التي تدعو إلى إنجاز مراجعة شاملة لنظام التقييم والامتحانات والإشهاد في أجل لا يتعدى ثلاث سنوات عن صدوره في الجريدة الرسمية .

وأورد الزاهدي، في تصريح لجريدة مدار21 ، أن ما نلاحظه كخبراء في السياسات التربوية العمومية، من تعطيل للقانون الإطار ومن عدم وضوح الرؤية في مجال حيوي كالتقويم التربوي، مثير للقلق بخصوص مخرجات منظومتنا التربوية الوطنية عامة وقيمة وصدقية الشواهد التي تمنحها على وجه الخصوص .

وخلص المتحدث ذاته إلى التأكيد على أنه بسبب ما عرفته منظومتنا التربوية هذه السنة من هدر كبير لزمن التعلم، فينبغي أن تكون نتائجها معبرة بصدق وموضوعية عن الصعوبات والمشاكل التي عاشتها المدرسة العمومية المغربية حفاظا على سمعتها .

google-playkhamsatmostaqltradent