recent
آخر المواضيع

جمعيات أولياء التلاميذ تتوقع هجرة جماعية من التعليم الخاص إلى القطاع العام

 
أمام الوضع الاقتصادي والمادي المعقد الذي باتت تواجهه الكثير من الفئات المحسوبة على الطبقة الوسطى في المغرب يواجه العدد من الأطفال والتلاميذ تحديات كبيرة، يمكن أن تؤثر على وضعهم الدراسي واستقرارهم النفسي، بعدما ستفرض الظروف على أولياء أمورهم نقلهم قسرا من المدارس الخاصة إلى المدرسة العمومية.

واشتكى العديد من الآباء والأمهات من قرارات أرباب المدارس الخاصة الرامية إلى الرفع من رسوم التسجيل والأداء الشهري الخاص بتعليم أبنائهم برسم الموسم الدراسي المقبل، الأمر الذي دفع بعضهم إلى الامتناع عن إعادة تسجيل أبنائهم والبحث عن بديل مناسب لإمكانياتهم المادية.

الوضع المعقد بسبب المتغيرات الكبيرة التي تعرفها الحياة اليومية ومتطلباتها لدى غالبية الأسر دفع البعض إلى التفكير في نقل أبنائهم للدراسة في التعليم العمومي، الذي غالبا ما يقصده أبناء الطبقات الفقيرة والأحياء الشعبية والهامشية بمختلف المدن، خاصة الكبرى منها.

في هذا السياق قال نور الدين عكوري، رئيس فيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، إنه “يتوقع أن تعرف السنة المقبلة هجرة جماعية من التعليم الخصوصي نحو المدارس العمومية”، مؤكدا أن “هذا الانتقال يطرح مشاكل نفسية وتحديات بالنسبة للتلاميذ والأطفال المقبلين على هذا التغيير”.

وأضاف عكوري، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “أول مشكلة ستواجه التلاميذ القادمين من المدرسة الخصوصية إلى المدرسة العمومية هي كيفية الاندماج، وهي المسألة التي تكون صعبة جدا”.

واعتبر المتحدث ذاته أن “الحالات التي تقف عليها الفيدرالية كلها مرتبطة بالصعوبات المالية والاقتصادية للأسر، الناتجة أساساً عن التحولات التي تعرفها في حياتها المهنية أو الأسرية”، مبرزا أن التلاميذ المعنيين “يؤثر عليهم الوضع المادي للآباء بسبب الانقطاع عن العمل أو تغير الوضع الناتج عن الطلاق وعدم قدرة الأم على تحمل تكاليف الدراسة”.

وأشار الفاعل التربوي نفسه إلى أن “الهجرة العكسية من المدارس الخاصة إلى المدارس العمومية شهدت ارتفاعا بعد جائحة كورونا، ويتوقع أن تسجل زيادة أخرى في الموسم الدراسي المقبل بعد الغلاء الكبير وارتفاع كلفة التعليم الخاص بسبب الزيادات المتكررة، الأمر الذي سيشكل اختبارا حقيقيا للأسر”.

من جهته اعتبر كريم صلاح الدين، الأخصائي في العلاج النفسي الكلينيكي، أن “موضوع تغيير المدرسة له راهنية كبيرة بالنسبة للأسر المغربية”، مردفا: “عندما نتكلم عن تغيير المدرسة فإننا نتحدث عن تغيير في نمط التعليم والتعلم، ووضعية جديدة تكون الأسر مطالبة معها ببذل مجهود لمواكبة تمدرس أطفالها”.

وسجل صلاح الدين، ضمن حديث لهسبريس، أن “عدم الاستقرار والخوف من المستقبل في ظل التضخم الحالي دفع إلى رفع تكاليف مجموعة من الخدمات، ما مس جيوب الأسر المغربية، ودفع وسيدفع بعض الأسر إلى تغيير مدارس أطفالها”.

وشدد الأخصائي النفسي على أن “تغيير المدرسة التي بدأ فيها الطفل مشواره الدراسي يطرح أمامه مجموعة من التحديات”، مؤكدا أن “هذا الوضع سيدفعه إلى مقاومة التغيير بنوع من القلق والاضطراب والتوتر”.

وأورد المتحدث ذاته أن “التلاميذ في مثل هذه الحالات يلاحظ عليهم تغيير في السلوكيات اليومية وطريقة التعامل مع الآخر، سواء الأب أو الأم أو الإخوة أو الأساتذة والزملاء”، وتابع: “يظهر عليهم نوع من القلق والتوتر الناتج عن تحدي التأقلم مع البيئة الدراسية الجديدة”.

وحث صلاح الدين الأسر على دعم أبنائها في مثل هذه الأوضاع من الناحية النفسية والعاطفية والأسرية “لتعزيز الثقة في الذات والقدرات التي يتمتع بها التلاميذ”، مستدركا بأن “هذا الأمر لا ينبغي أن نعممه، لكن هناك أطفالا يواجهون صعوبات حقيقية”.

وأشار المتحدث عينه إلى أن “التلاميذ يولد لديهم الانتقال شعورا بالغربة داخل المحيط الجديد، لأننا نتكلم عن المؤسسة كفضاء للعيش المشترك يقضي فيه التلميذ جزءا كبيرا من حياته اليومية”، لافتا إلى أنه “إذا قضى مراحل من حياته في مؤسسة معينة فإنه يجد صعوبة وقلق الفراق مع الأشخاص والأماكن والمحيط الذي كان يعيش فيه”، ومبرزا أن “هذا المعطى يولد سلوكيات جديدة مختلفة لدى الطفل؛ إذ يمكن أن يصبح عصبيا واندفاعيا بشكل أكبر، كما يمكن أن يصبح انطوائيا”.

ودعا صلاح الدين إلى “الانتباه إلى هذه التغيرات ومراقبتها ومواكبتها بشكل يومي من قبل الأسر”، التي طالبها بتبني الإستراتيجيات التي تساعد الأطفال على التكيف والتعامل مع الجانب العاطفي لتعزيز الثقة في النفس.

google-playkhamsatmostaqltradent