قالت غيثة مزور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، إن تطوير الوظيفة العمومية لم يعد مجرد خيار إصلاحي، بل أصبح مطلبا استعجاليا ، مؤكدة أن الحكومة اتخذت مجموعة من التدابير والإجراءات الملموسة لفائدة الموظفين بالمغرب.
وأوضحت الوزيرة خلال كلمة لها، ضمن أشغال اليوم الدراسي المنظم من قبل الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين، حول الوظيفة العمومية بالمغرب: بين واقع التحولات وضرورة توفير الخدمة العمومية ، أمس الأربعاء، أن الحكومة شرعت في تنفيذ إصلاحات بمنظومة الوظيفة العمومية منذ الأشهر الأولى على تنصيبها وفق إرادة سياسية قوية مستمدة من التعليمات الملكية .
واعتبرت مزور أن تطوير الوظيفة العمومية لم يعد مجرد خيار إصلاحي، بل أصبح مطلبا استعجاليا تقتضيه مستجدات السياق الراهن وتفرضه تحديات المرحلة المقبلة، بما يمهد لبناء مرافق عمومية مؤهلة كفيلة بتحقيق فعالية السياسات العمومية ونجاعتها، وإنجاح المشاريع التنموية .
وشددت على أن الحكومة تحرص، في إطار مقاربتها التشاركية لتدارس كافة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، على تدعيم الحوار الاجتماعي، وتطوير العلاقات مع المنظمات النقابية، باعتبارها شريكا أساسيا في اعداد السياسات العمومية، مما يسمح لتقديم مقترحات وتصورات متوافق بشأنها، كفيلة بتحسين الوضعية المهنية والاجتماعية لكافة الموظفات والموظفين من جهة، وتطوير الخدمات العمومية التي تقدمها الإدارة من جهة أخرى .
ولفتت المسؤولة الحكومية إلى أن الحكومة اتخذت مجموعة من التدابير والإجراءات لفائدة موظفي قطاعات التربية الوطنية والصحة والتعليم العالي، تتمثل أساسا في مراجعة أنظمتها الأساسية، وذلك بهدف خلق المناخ الاجتماعي الملائم وتوفير الكفاءات البشرية اللازمة لتطوير المنظومة الصحية الوطنية والنهوض بالمدرسة والجامعة المغربية .
وتابعت بأن الحكومة عملت على اتخاذ إجراءات ملموسة لفائدة موظفات وموظفي باقي القطاعات الوزارية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، عبر مراجعة نظام الترقية، والرفع من الأجر الأدنى في الوظيفة العمومية، حيث تم تفعيل هذه الإجراءات في وقت قياسي أي بعد أربعة أشهر فقط من تاريخ توقيع اتفاق 30 أبريل 2022، من خلال إصدار 3 نصوص تشريعية و12 نص تنظيمي بالجريدة الرسمية في شهر شتنبر 2022، وذلك بعد استنفاذ جميع مراحل ومساطر المصادقة على مستوى كل من المجلس الحكومي والمجلس الوزاري ومجلسي البرلمان .
وأبرزت الوزيرة أن الحوار الاجتماعي ظل مستمرا سواء على المستوى المركزي أو القطاعي، حيث توجت هذه الجولات بالتوقيع على اتفاق 29 أبريل 2024، الذي تضمن زيادات مهمة في أجور الموظفين عبر زيادة عامة في الأجور بلغت قيمتها 1000 درهم موزعة على شطرين ابتداء من شهر يوليوز 2024، حيث سيصل الأجر الأدنى في الوظيفة العمومية في يوليوز 2025 الى 4500 درهما شهريا، ومراجعة الضريبة على الدخل التي سينتج عنها زيادة في الأجر بمبلغ قد يصل إلى 400 درهم شهريا وذلك ابتداء من يناير 2025 .
وتنزيلا لهذا الاتفاق، أضافت الوزيرة، أعدت الحكومة أكثر من 30 مشروع نص قانوني سيتم إحالتها على مسطرة المصادقة في أقرب الآجال ، مشددة على أن الحكومة استثمرت لتحقيق هذه التحولات النوعية في منظومة تدبير الموارد البشرية غلافا ماليا غير مسبوقا في تجربة الحوار الاجتماعي ببلادنا منذ انطلاقه .
وشددت على أن الحكومة حريصة، في ضوء الإمكانيات المتاحة، ووفق مقاربة تشاركية، على مواصلة الإصلاحات الضرورية الكفيلة بجعل الوظيفة العمومية بجميع مكوناتها في خدمة المواطن والمقاولة، وذلك انسجاما مع مقتضيات الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي الذي تم التوقيع عليه من قبل الحكومة والشركاء الاجتماعيين في 30 ماي 2022 .
ولتعزيز هذا التوجه الإصلاحي، تعهدت الوزيرة سنعمل على مواصلة الإصلاحات التشريعية والتنظيمية والتدبيرية الرامية إلى تثمين الموارد البشرية للدولة، وتأهيلها، واعتماد الآليات الحديثة لتدبيرها، وكذا مواصلة تفعيل ميثاق المرافق العمومية، لا سيما في الشق المتعلق بتدبير الموارد البشرية، وتدعيم الأخلاقيات بالوظيفة العمومية، وترسيخ ثقافة الحوار وتقوية آليات التشاور .
من جانبه، قال خالد السطي، عضو مجلس المستشارين عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن اللقاء الدراسي حول الوظيفة العمومية، يأتي في إطار الأدوار الدستورية المنوطة بالبرلمان، لاسيما وظيفتي الرقابة والتشريع، خصوصا أن موضوع الوظيفة العمومية أصبح مطروحا في الساحة بشكل كبير في السنين الاخيرة .
وأورد السطي أن من بين الأعطاب تعدد الأنظمة الأساسية والخاصة والخصوصية، أي ما يقارب أربعين (40) نظاما، إضافة الى البنية غير المتوازنة لأعداد وتوزيع الموظفين، وكذا غياب العدالة الأجرية من داخل هذه المنظومة ، مشددا المستشار البرلماني على محورية العنصر البشري في قيام الإدارة بأدوارها المختلفة والمتعددة والمتنوعة، لمواكبة السياسات والبرامج العمومية المهيكلة الاقتصادية منها والاجتماعية .