تمتلاث خاطئة كثيرة أبانت عنها الظرفية الأخيرة التي شهدت امتحانات نيل شهادة الباكالوريا، مابين فواجع الانتحارات وسخرية التلاميذ في تعليقهم على الامتحانات واستمرار ضبط نسب من التلاميذ في حالة غش، ما يعيد النقاش حول أسباب تدني الفهم الذي تحمله الأسر والمجتمع حول الاختبارات السنوية وتأثيرات التمثلات الخاطئة على النجاح الدراسي.
العمليات الأمنية التي باشرتها مصالح المديرية العامة للأمن الوطني بحر هذا الأسبوع، أسفرت عن ضبط 58 شخصا على الصعيد الوطني، من بينهم ثماني سيدات وخمسة قاصرين. وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال ومخالفات مرتبطة بالغش في الامتحانات المدرسية والمشاركة فيها خلال الامتحانات الوطنية الموحدة للباكالوريا، برسم الموسم الدراسي 2023-2024.
وتعليقا على الموضوع، أكدت البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، أن التعليم لا يتحدد بتطبيق ما يأتي في المقرر والمنهاج الدراسي، وإنما يقاس بالثقافة العامة والحس النقدي، بالإضافة إلى القراءة والانفتاح على الرياضات والموسيقى والفنون خارج الفصل .
وأوضحت ضمن تصريح لجريدة مدار 21 الإلكترونية، أن الدول المتقدمة تتبنى منهجيات تعليمية أخرى، رغم حاجة الأسر وفقرهم، إلا أن ممارسة أبنائهم الموسيقى والفنون، حسب البرلمانية، يعد أهم من ذلك.
وأشارت إلى أن هذه الأنشطة تسعى إلى تطوير عقول الأطفال وجعلهم متوازنين ومستقرين دراسيا، مشيرة إلى أن الامتحان داخل الفصل أو نقطة الاختبار ليست معايير لتقييم أداء الطفل.
وبخصوص لجوء التلاميذ إلى ممارسة أساليب الغش، سجلت منيب أن المنظومة التعليمية تعتمد على أسلوب التلقين والتدريس دون الحاجة إلى اللجوء إلى أساليب أخرى لتيسير فهم التلاميذ، مردفة بقولها: هادي دولة حفظ ورد .
ولفتت إلى أن البعض حاصل على شهادات أكاديمية عليا، إلا أنه يجهل بعض الأمور العملية البسيطة ، ما يفسر حسبها فشل المنظومة التعليمية بالمغرب، التي كسرت الاختلاط المجتمعي.
وعزت البرلمانية عن حزب الاشتراكي الموحد أسباب فشل المنظومة التعليمية، إلى وجود نظام التفاهة واختبارات النقطة التي لا تصنع تلاميذ بقدر ما تنتج مواطنين مستهلكين .
ولفتت أن من بين مداخل التنمية بالبلاد هو الحق في التعليم الجيد وفي المدرسة العمومية، مستشهدة ببعض الأطر خريجة المدارس العمومية، التي تكونت حسب قولها وصنعت البلاد، ضاربة بعرض الحائط الاختلاط المجتمعي.
وبالتزامن مع امتحانات البكالوريا واستمرار التوقيات تجاه بعض الأساتذة، أوردت منيب أن امتحانات البكالوريا تمر في ظروف غير ملائمة بسبب الحراك التعليمي الذي طال وعدم الاستجابة بشكل سريع ولازم لإيجاد حلول لمشاكل الأساتذة الذين كان إضرابهم مشروعا، ما أهدر زمنا تعليميا لم تستطع وزارة بنموسى تداركه.
وأضافت أن الوزارة ساهمت بدورها في خلق مناخ غير ملائم لظروف الامتحان، خصوصا أن التلاميذ أضاعوا زمنا مدرسيا مهما، ولم يدرسوا جميع المواد بالشكل الكافي، إذ لم تقم الوزارة بأي خطوة في هذا الصدد لاستدراك الدروس والاستعداد الجيد لاجتياز امتحانات الباكالوريا .
وتابعت البرلمانية عن الحزب الاشتراكي الموحد: مؤسف أن نشاهد تلاميذ وهم يلجون القاعات في حالة خوف وإحباط، بسبب عدم ملاءمة المناخ العام، وهذا الأمر ليس في صالح المدرسة والتلاميذ الذين سيلجون الجامعة ويصبحون أطرا يثقون في أنفسهم وفي تعليمهم وبلدهم الذي عليه أن يخلق ظروفا ملائمة للحصول على تعليم جيد .
وأوصت منيب تلاميذ الباكالوريا بالمقاومة والصمود وتفادي الإحباط، الذي اتهمت جهات لم تسمّها بتعمد خلقه، حتى ينجحوا ويتصدروا غدا المشهد الاقتصادي والعلمي والسياسي، موصية أيضا بالتعليم الذاتي الذي يعد مهما، إلى جانب الدراسة والمطالعة والتركيز للحصول على نتائج إيجابية.