ككل سنة، تتركّز الأضواء على تلاميذ وتلميذات المعدلات المرتفعة بعد الإعلان عن نتائج امتحانات السنة الثانية باكالوريا، فيما يبقى أصحاب المعدلات الحسنة والمستحسنة والمنخفضة، والمستدركين وحتى الراسبين، في “ركن مظلم”.
وكشفت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولية والرياضة، أمس الأربعاء، أن “عدد الحاصلين على ميزة سواء من المتمدرسين أو الأحرار، بلغ 148 ألفا و362 مترشحا ومترشحة، بنسبة 54 في المائة”.
وفق المصدر ذاته، فإن “147 ألفا و317 مترشحا ومترشحة سيجتازون اختبارات الدورة الاستدراكية أيام 10 و11 و12 و13 يوليوز المقبل، من بينهم 106 آلاف و725 مترشحا متمدرسا و40 ألفا و592 من المترشحين الأحرار”.
ومع إعلان النتائج، عمد عدد من مدراء المؤسسات التعليمية الثانوية لتقديم التهنئة لأصحاب المعدلات الكبرى، التي لا تتجاوز في معظم الجهات 19 على 20.
وطرح خبراء في مجال التعليم إشكالية عدم الالتفات لأصحاب المعدلات المستحسنة، والمنخفضة، والراسبين، والمستدركين، وتشجيعهم، وما يمكن أن يشكل ذلك من حالة “الإقصاء وعدم الإنصاف”.
ونادت بعض جمعيات أولياء الأمور بـ”تشجيع التلاميذ كما حصل مع زملائهم المتفوقين”، ودعت الأسر إلى “الابتعاد عن ممارسة الضغط النفسي عليهم، فقط لأنهم لم يتوفّقوا في امتحان زمني عابر”.
وقال عبد الناصر ناجي، خبير تربوي، إن “الاحتفاء يجب أن يشمل جميع الناجحين، وليس فقط أصحاب المعدلات الكبرى”، مؤكدا أن “تشجيع المستدركين والراسبين أمر ضروري وهام”.
وأضاف ناجي، في تصريح لهسبريس، أن “منطق النقط ليس سليما لتقييم مؤهلات وقدرات تلميذ أو تلميذة، بل ذكاءه وميوله نحو المجالات والتخصصات التي يبدع فيها”، معتبر أن “لحظة زمنية من الامتحان لم تكن أبدا محددا ومرجعا للتقييم”.
ورصد الخبير التربوي أن “النظام التعليمي والجامعي بالمغرب ارتبط تاريخيا بالنقط كمعيار لتحديد المتفوق من غيره، دون استحضار العوامل النفسية التي تساهم في يوم الامتحان وتؤثر على التلميذ”، موضحا أن “هنالك تلاميذ متميّزين يأتون يوم الامتحان ولا يقدرون على تحقيق نقاط عالية، والعكس صحيح”.
“قد يحسّ التلميذ صاحب معدل حسن ومستحسن ولا بأس به أو ضعيف، بأنه مهمّش من المجتمع وهو يرى فقط المتفوقين من يتم الاحتفاء بهم”، يتابع ناجي، مردفا بأن “المجتمع المغربي اختزل المتفوق في النقطة، ووضع المستدرك كراسب، في حين إن مرحلة الاستدراك تنتظره، وأبعد عينه عن الراسب لأنه لم يستطع النجاح”.
ودعا المتحدث إلى “الاحتفاء بجميع التلاميذ، وتشجيعهم كلهم دون استثناء، والابتعاد عن منطق النقط كما حصل في دول غربية عديدة، حيث يتم فقط ذكر درجات النجاح، مما يخفف نفسيا على غير المتفوقين، والتركيز أكثر على ذكاء التلميذ وميوله”.
وبلغت نسب النجاح هذا العام، حسب تقرير الوزارة الوصية، في الدورة العادية لامتحانات البكالوريا للسنة الدراسية 2023/2024، 67,8 في المائة، بزيادة بنسبة 8 في المائة عن السنة الماضية التي عرفت نسبة نجاح بلغت 59,8 في المائة.
ويرى نور الدين عكوري، رئيس فيدرالية آباء وأمهات وأولياء التلاميذ بالمغرب، أن هذه الظاهرة “أصبحت غريبة للغاية، وأضحت إشهارا مجانيا للمتفوقين يمكن بعد الباكالوريا أن يكون زملاؤهم العاديون أكثر تفوقا”.
وأضاف عكوري، في تصريح لهسبريس، أن جميع التلاميذ يجب الاحتفاء بهم دون استثناء، وعلى الأسر أن “تبتعد عن الضغط على تلاميذها الذين لم يحصلوا على معدلات كبيرة، أو فشلوا هذه السنة في النجاح”.
ونادى المتحدث بـ “تخصيص دعم نفسي للراسبين والمستدركين لتشجيعهم على المواصلة”، محذرا من أن “القيام بالعكس يعزز ظاهرة الهدر المدرسي”.