خرجت السفارة الفرنسية بالمغرب لتعلن عن “إجراءات مفاجئة” لتسهيل الحصول على مواعيد ” فيزا شنغن” لفائدة الطلبة المغاربة خريجي التعليم العالي الفرنسي، وهو ما أثار تساؤلات حول “استقطاب الكفاءات المغربية”.
وقالت سفارة باريس في فيديو توضيحي، بثته يوم الاثنين المنصرم عبر حسابها الرسمي بـ “فيسبوك”، إن “هذا الإعلان يهم الحاصلين على الماستر أو الدكتوراه بالجامعات أو المدارس العليا وغيرها ضمن نظام التعليم العالي بفرنسا”.
وبحسب المصدر عينه، فإن “هذه المبادرة تساهم في تسهيل إجراءات الحصول على مواعيد التأشيرات الخاصة بنظام شنغن لفائدة الطلبة المغاربة المتخرجين من فرنسا”.
وشرح الفيديو سالف الذكر خطوات التسجيل في هذا النظام؛ أولا عبر إنشاء حساب عبر منصة “FRANCE ALUMNI MAROC”، وثانيا ملء استمارة طلب الاستفادة، التي تضم المعطيات المعروفة الخاصة بطلب التأشيرات.
ويأتي هذا الإعلان تزامنا مع الانتخابات الفرنسية التشريعية وجدل يرافق طموح دول أوروبية لاستقطاب الكفاءات المغربية، مقابل الحد من المهاجرين غير الشرعيين.
هسبريس استفسرت قنصلية فرنسا العامة بالرباط في الموضوع، التي أجابت بأن “هذه التسهيلات لا تندرج فيها الفيزا طويلة الأمد التي تسمح للطلبة المغاربة بالعمل في فرنسا”.
هذا الجواب جاء على لسان مصدر قنصلي فرنسي رفض الكشف عن هويته، الذي أوضح أن إطلاق تسهيلات “الفيزا” للخريجين، تم من أجل “تسهيل الحركية في الاتجاهين للخريجين المغاربة للتعليم العالي الفرنسي. تسمح لهم هذه التسهيلات بوضع طلباتهم للفيزا قصيرة المدة، التي تسمح لهم بالسفر إلى فرنسا وفضاء شينغن في مدة أقصاها 90 يوما”.
وأضاف المصدر ذاته، في تصريح لهسبريس، أن من أجل الاستفادة من هذه التسهيلات، يجب على الخريجين التسجيل بمنصة “France Alumni”، التي تم وضعها من طرف “Campus France” بغرض “إحياء شبكة الخريجين الأجانب الذين درسوا في فرنسا”، مبرزا أن المنصة تحتوي على أكثر من 400 ألف خريج مسجل حول العالم (28.400 من المغرب)، وتسمح للخريجين بالبقاء على تواصل مع زملائهم وتطوير شبكتهم الشخصية والعملية.
على صعيد آخر، طرحت هسبريس سؤال “مدى تأثير هذه التسهيلات على مواعيد التأشيرة الخاصة بالمواطنين المغاربة الآخرين”، وهنا شدد المسؤول بقنصلية باريس بالرباط سالف الذكر على أن “مواعيد الفيزا من أجل الخريجين لا تؤثر بأي شكل من الأشكال على مواعيد الفيزا الأخرى، وليس هناك أي تخفيض في عدد المواعيد المتاحة للطلبات الأخرى”.
ولا يرى خالد الصمدي، كاتب الدولة الأسبق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، أن إعلان السفارة الفرنسية “بريء” من مشروع “استقطاب الكفاءات المغربية خريجة التعليم الفرنسي العالي بشكل عام”.
وقال الصمدي، في تصريح لهسبريس، إن علاقة فرنسا بالدول المستعمرة في السابق، على غرار المغرب والجزائر، “تطبعها استراتيجية قديمة معروفة، تهمّ بالأساس استقطاب أجود الكفاءات، سواء التي تدرس بفرنسا، أو حتى بأراضي الدول المغاربية”.
واعتبر الخبير في قضايا التربية والتكوين أن فرنسا تعاني من “نقص كبير في اليد العاملة” كما هو الحال في الدول الأوروبية، وهو ما يدفعها للبحث عن استراتيجيات جديدة لسد هذا النقص، واستقطاب الكفاءات، مشددا على أن تسهيلات الفيزا للطلبة المغاربة تدخل “ضمن هذه الاستراتيجيات التي تصل أيضا إلى العديد من الوكالات الفرنسية المنتشرة بالمملكة، وتشجّع الحاصلين على الباكالوريا على الذهاب إلى فرنسا”.
ولفت الصمدي إلى “وجود أشكال جديدة من الهجرة لدى الكفاءات المغربية، وهي العمل عن بعد لفائدة شركات أجنبية من داخل الأراضي المغربية”، مبيّنا أن “حلول المغرب لمواجهة هذا الأمر تكون من خلال توفير ظروف وتحفيزات لفائدة الطلبة المغاربة، خاصة على مستوى المنح والأجور”.