من جديد، وعلى غرار ما حدث مع أوراق الامتحان الجهوي الأسبوع الماضي، كانت مجموعات “فيسبوكية” في الساعات الأولى من اليوم الإثنين على الموعد الموسمي مع تداول صور للامتحان الوطني بمختلف مواده، ملتقطة من داخل قاعات الامتحان.
وعاينت هسبريس مجموعات “فيسبوكية” متنوعة تنشر صور أوراق امتحان مادة الفيزياء والكيمياء لشعبة العلوم التجريبية مسلك علوم الحياة والأرض، ومسلك العلوم الزراعية، لتقدم حسابات على وجه السرعة أجوبة عنها في التعليقات.
وتطرح هذه الظاهرة السنوية تساؤلات عن جهود الجهات المسؤولة عن مراقبة سير الامتحانات، وضبط حالات حيازة الهواتف النقالة التي تدخل ضمن قائمة الممنوعات.
ويوم أمس عرفت المجموعات عينها تداول عروض بيع جهاز الغش المعروف بـ”VIP Pro”، الذي يتم استخدامه في الامتحانات، وطالما كانت الأجهزة الأمنية سباقة للقبض على مروجّيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالنسبة لعبد الناصر الناجي، خبير في الشأن التربوي، فإن استمرار تداول صور امتحانات الباكالوريا بالمغرب كل سنة راجع إلى “وجود رغبة من طرف الوزارة الوصية في تحقيق نسب عالية من النجاح”.
وأضاف الناجي لهسبريس أن ما يحدث في المجموعات “الفيسبوكية” اليوم “يسائل وزارة التعليم عن مدى وضوح إستراتيجيتها لمحاربة ظاهرة الغش، أم إنها على العكس تنتهج نوعا من التساهل في ضبط حالات الغش”.
وبحسب المتحدث عينه فإن “سعي الوزارة إلى تحقيق نسب عالية من النجاح تفوق السنة الماضية يجعل المسؤولين في مراكز الامتحان يتساهلون لضمان رغبة الوزارة”، مؤكدا أن “الوزارة في هذه السنة حددت نسب النجاح التي يجب تحقيقها في امتحانات الباكالوريا”.
وأورد الخبير في الشأن التربوي أن “حدوث عكس هذا سيجعل المراقبين في مراكز الامتحانات يضبطون حالات الغش، ويمنعون حيازة الهاتف النقال، وهو إجراء بسيط لكن لا يتم اتخاذه في الواقع”، وفق تعبيره.
وسبق أن رد مصدر مسؤول في الوزارة الوصية على تداول صور لامتحان الجهوي في مجموعات “فيسبوكية”، في تصريح لهسبريس، بقوله إن “ذلك ليس تسريبا، بل محاولات غش يتم ضبطها، سواء داخل قاعات الامتحان، أو عبر عمليات التصحيح”.
ويضع المسؤول عينه، الذي فضل عدم ذكر اسمه، “عمليات التحسيس والتوعية” في مقدمة جهود الوزارة لصد محاولات الغش في امتحانات الباكالوريا.
وتزامنا مع انطلاق الامتحان الجهوي تمكّنت مصالح المديرية العامة للأمن الوطني من ضبط 66 شخصا على الصعيد الوطني، من بينهم أربع نساء وستة قاصرين، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال ومخالفات مرتبطة بالغش في الامتحانات المدرسية والمشاركة فيها.
وبحسب معطيات هسبريس فقد تمكّنت المصالح الأمنية من ضبط المشتبه فيهم من أجل التلبس بحيازة وترويج أدوات ومعدات اتصال لاسلكية بغرض استعمالها في الغش في الامتحانات المدرسية، وكذا التورط في أفعال الغش وتسريب ونشر أسئلة الامتحانات الجهوية الموحدة على صفحات وشبكات التواصل الاجتماعي.
ووفق المصدر عينه فإن عمليات الضبط والتفتيش المنجزة في إطار هذه القضايا مكنت من حجز مجموعة من المعدات والتجهيزات الإلكترونية المستخدمة في تسهيل عمليات الغش، وهي عبارة عن 56 هاتفا محمولا و270 بطاقة اتصال لاسلكية من نوع “VIP” و3280 بطارية لتشغيلها؛ علاوة على 240 سماعة دقيقة وثلاثة أجهزة كمبيوتر و12 جهازا للربط بالأنترنيت.
وشدد الناجي على أن “الحزم في مراقبة المترشحين لامتحانات الباكالوريا سينهي حالة التشويش الحاصلة بسبب هذه المجموعات الفيسبوكية”، خاتما بأن “وجود رغبة وزارية في تحقيق نسب نجاح كبيرة لا يجب أن يرافقها غياب للصرامة”.