ضمانا لاتزاماته إزاء المؤمنين ومنتجي العلاج، لجأ الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي إلى استعمال مليار و600 مليون درهم من احتياطه الأمني، وذلك بعدما سجل التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام عجزا ماليا بـ1 مليار و280 مليون درهم للسنة الثالثة تواليا، في وقت تصاعدت فيه تحذيرات من استنفاذ هذه الاحتياطيات في أفق سنة 2027.
وحسب مخرجات الدورة 28 من المجلس الإداري للصندوق الوطني لمنظمات الضمان الاجتماعي، فإن هذا العجز راجع بالأساس إلى التفاوت بين الاشتراكات والأداءات سنة 2023 بالإضافة إلى ارتفاع عدد المصابين بالأمراض المزمنة والمكلفة، مشيرةً إلى أن نفقاتهم بلغت 3 ملايير و710 ملايين درهم سنة 2023 أي 53 في المئة من مجموع النفقات.
وفي الصدد ذاته، أشار المصدر نفسه إلى شيخوخة الساكنة المؤمنة ، مؤكدا ارتفاع نسبة المؤمنين المتقاعدين من 20.8 في المئة سنة 2006 إلى 38.4 في المئة سنة 2023 إضافة إلى ارتفاع نسبة المراضة Sinistralit من 51.6 في المئة سنة 2022 إلى 52.9 في المئة سنة 2023 .
ومن بين أهم العوامل المفسرة للوضعية المالية الحرجة للصندوق، استرسل المصدر ذاته بالإشارة إلى إثقال سلة العلاج، خاصة الأدوية المكلفة، في غياب دراسة طبية ومالية لها، وارتفاع سعر الأدوية والمستلزمات الطبية والتحاليل البيولوجية وعلاجات الأسنان وتأخر المصادقة على تسقيف التعويض عن بدائل الأسنان من السيراميك والمعدن إضافة لغياب آليات التحكم الطبي في نفقات العلاج واعتماد سقف للاشتراكات وعدم مراجعة نسبتها منذ سنة 2005 .
واستعرض المجلس الإداري للصندوق ذاته مؤشرات التأمين الإجباري عن المرض بالقطاع العام خلال سنة 2023، حيث أكد بلوغ عدد المستفيدين 3 ملايين و111 ألف شخص في وقت بلغت فيه اشتراكات المؤمنين 6.31 مليار درهم، مقابل 6.12 مليار درهم سنة 2022، أي بزيادة 3 في المئة.
وعلى مستوى الأداءات، سجل المجلس الإداري انتقال الأداءات من 5.86 مليار درهم سنة 2022 إلى 7.45 مليار درهم سنة 2023 ، مسجلةً بذلك زيادة ب1.95 مليار درهم أي بزيادة 27 في المئة .
ومنذ دخول التأمين الإجباري عن المرض حيز التنفيذ سنة 2005، استعرض المرجع ذاته بلوغ مجموع أداءات الصندوق لفائدة المؤمنين ومنتجي العلاجات 79 مليار درهم ، مشددا على أنه بذلك يكون أول ممول للتغطية الصحية ببلادنا، علما أن الصندوق والتعاضديات عالجا سنة 2023 ما مجموعه 6 ملايين ملف .
وإلى جانب تداوله في القضايا المالية المرتبطة بالتغطية الإجبارية عن المرض بالقطاع العام، أشار الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، في البلاغ الذي أعقب مصادقته على تقريره المالي، إلى أن المجلس الإداري للصندوق تناول مشروع القانون المتعلق بدمج أنظمة التأمين الإجباري عن المرض، مسجلا أنه لم يُستشار بشأنه لا الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، بصفته جهازا مدبرا، ولا التعاضديات بصفتها تقود إلى جانب الصندوق تجربة فريدة على الصعيد الوطني منذ 74 سنة تمكن من التدبير المندمج للتغطية الصحية الأساسية والتكميلية .
واعتبر المجلس الإداري أن إقصاء أو تهميش الصندوق والتعاضديات من الإصلاحات المزمع تنفيذها لا ينسجم مع مبدأ الإشراك الوارد في القانون الإطار 21-09 المتعلق بالحماية الاجتماعية ولا مع المكانة التي يحظى بها القطاع التعاضدي في الدستور ، مبرزا أن قرار دمج الأنظمة ودراسة جوانبه المالية والتدبيرية ووقعها على المؤمنين والدولة، إضافة للصندوق والتعاضديات هو من اختصاص اللجنة الوزارية القيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية واللجنة التقنية المنبثقة عنها .
وحث المجلس الإداري، وفق الوثيقة ذاتها، الحكومة على الحفاظ على الحقوق المكتسبة للمؤمنين وحماية مستخدمي الصندوق والتعاضديات في ضوء ما تحمله مضامين مشروع القانون 23-54 حول دمج أنظمة التأمين الإجباري عن المرض من صيغ مبهمة تهدد مستقبلهم ومن مقتضيات تضع الصندوق والتعاضديات خارج نطاق التأمين الإجباري عن المرض .
وواصل المجلس الإداري للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ملحا على السلطات المعنية التعجيل بالمصادقة على النظام الأساسي لمستخدمي الصندوق والذي لم يعرف أي مراجعة منذ سنة 2011 ، معتبرا أن التأخر في هذه المصادقة وضبابية مستقبل الصندوق والتعاضديات قد أديا إلى استنزاف الموارد البشرية واستقطابهم من طرف مؤسسات عاملة في مجال الحماية الاجتماعية .