recent
آخر المواضيع

بادو: إدراج تمازيغت بصفة اختيارية بالمدارس الخاصة لا دستوري وتمييزي

 
وصف عضو المكتب التنفيذي للشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة أزطا أمازيغ ، عبد الله بادو، قرار إدراج تدريس اللغة الأمازيغية في المدارس الخصوصية، بصفة اختيارية، على أنه قرار لا دستوري وتمييزي يكرس التراتبية بين اللغتين الرسميتين للبلاد ولا يضمن المساواة وتكافؤ الفرص بينهما .

واعتبر بادو، في حوار أجره مع جريدة مدار21 الإلكترونية، أن مثل هذه الإجراءات والتدابير تبرز ارتجالية الوزارة والحكومة في تدبير ملف الأمازيغية خاصة في قطاع التعليم ، مبرزا أن كل القرارات التي اتخذت في هذا المجال لا تستحضر مضامين القانون التنظيمي 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية رغم وضوح مضامينه ، معتبرا أن هذا الغموض يسائل الوزارة والحكومة بخصوص جديتهما في التعاطي مع ورش تدريس اللغة الأمازيغية .

وأورد المتحدث ذاته أن هذا القرار على علاته جاء متأخرا جدا ، مسجلا أننا ننادي إلى ضرورة وضع استراتيجية للنهوض بتدريس اللغة الأمازيغية بمدارس التعليم الخصوصية والبعثات باعتبارها لغة رسمية للبلاد منذ دستور 2011 ، داعيا وزارة بنموسى إلى العمل على صياغة استراتيجية وطنية ملزمة لهذه المؤسسات بتدريس اللغة الأمازيغية كما نص الدستور والقانون التنظيمي .

وفي ما يلي نص الحوار:

كيف تقرؤون قرار وزارة التربية الوطنية بتدريس اللغة الأمازيغية، اختياريا، في مدارس التعليم الخاص؟

إصدار المذكرة المشؤومة 24-200 التي تنص على اختيارية تدريس اللغة الأمازيغية بمؤسسات التعليم الخصوصي يُظهر بجلاء أن الوزارة والحكومة أدارتا ظهريهما للغة الأمازيغية وتملصتا من كل التزاماتهما الدستورية تجاهها، وهما بذلك ضربتا عرض الحائط مضامين القانون التنظيمي 16-26، والتي تروم تحقيق الغاية الدستورية من إصدار القانون التنظيمي وهي تمكين اللغة الأمازيغية من السياسات والإمكانيات الكافية للنهوض بها وحمايتها والارتقاء بها لتلعب كافة أدوارها ووظائفها باعتبارها لغة رسمية للبلاد.

وكما نعلم، فالقانون التنظيمي ينص، بشكل صريح، على أن يتم تعميم الأمازيغية في أفق خمس سنوات من صدور القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وهذه الآجال لا تفصلنا عنها إلا بضعة أشهر، أي أن الحكومة كان عليها أن تبلغ نسبة 100 في المئة من المؤسسات التعليمية بالسلك الابتدائي التي تدرس بها الأمازيغية في الموسم الدراسي المقبل 2024-2025.

في ما يتعلق بالاختيارية التي تركتها الوزارة بخصوص تدريس الأمازيغية في مدارس التعليم الخاص، ألا يعتبر هذا الشرط تمييزا في حق هذه اللغة مقارنة مع اللغات الأخرى التي تدرس في فصول مدارس التعليم الخاص؟

صحيح، فهذا القرار يعتبر قرارا لا دستوريا وتمييزيا يقر بتراتبية بين اللغتين الرسميتين للبلاد ولا يضمن المساواة وتكافؤ الفرص بينهما، ولذلك وجب على الوزارة مراجعته وتدارك الخطأ الذي وقعت فيه بالعمل على صياغة استراتيجية وطنية ملزمة لهذه المؤسسات بتدريس اللغة الأمازيغية كما نص الدستور والقانون التنظيمي.

وأذكر هنا أن سن سياسة لإلزام تدريس اللغة الأمازيغية في مدارس القطاع الخاص لن يكلف الوزارة الشيء الكثير بحكم أن هذه المؤسسات هي من ستوظف أساتذة لتدريس اللغة الأمازيغية، فيبقى دور الوزارة محصورا في المواكبة والتتبع والتقييم والتأطير والتكوين المستمر.

ولهذا أستغرب لماذا عجزت الوزارة على إلزام هذه المؤسسات بإدراج تدريس اللغة الأمازيغية، خاصة أنها عقدت اجتماعا مع فيدرالية هذه المؤسسات في شهر ماي الماضي دون أن يصدر الطرفان أي بلاغ بخصوص مخرجاته.

كيف تفسرون عدم تضمين إلزامية تدريس الأمازيغية في مدارس القطاع الخاص في ظل السهولات التي تحدثتم عنها؟

بعد صدور المذكرة المشؤومة، لا يمكن قراءة قرار الوزارة إلا في إطار فشلها في إقناع هذه المؤسسات بضرورة انخراطها في هذا الورش الوطني الهام، وأنها خضعت ربما لضغط جمعيات هذه المؤسسات الخاصة.

أيضا، قرار الوزارة يجانب الصواب في ما يخص السياسات التي تنهجها داخل المنظومة عموما، حيث عملت على استبعاد تعلم اللغات الأم للأطفال المغاربة، رغم كون العديد من الدراسات والأبحاث أثبتت أن أهم الأسس والطرائق لتعليم اللغات الأجنبية هو تعلّم اللغة الأم في السنوات الأولى من عمر الأطفال وهو ركيزة أساسية لتمكين المتعلم من تعلم اللغات الأخرى، وهذا ما ثبت في عدة دراسات، وهو أيضا ما ورد في توصيات اليونسكو التي نتجت عن دراسات وأبحاث في عدة دول.

الاعتماد على اللغة الأم في السنوات الأولى الذي توصي به اليونسكو يجب على المعنيّين بالشأن التربوي الالتزام به سعيا لتأمين جودة تعليم اللغات في مجتمع تتزايد فيه يوميا الحاجة إلى التواصل والاندماج والعيش معا بأمان وسلام. كما يمكن ربط التعثرات التي يعاني منها الأطفال حيث لا تتجاوز نسبة المعلمين/ات المتمكنين/ات من اللغتين العربية والفرنسية وفق التقييمات الوطنية والدولية ما بين 23 في المئة إلى 27 في المئة.

هل تساهم مثل هذه الإجراءات في إنجاح ورش تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية لغةً رسمية للبلاد؟

بالعكس، مثل هذه الإجراءات والتدابير وغيرها في قطاع التعليم يبرز ارتجالية الوزارة والحكومة في تدبير ملف الأمازيغية خاصة في قطاع التعليم، فكل القرارات التي اتخذت في هذا المجال لا تستحضر مضامين القانون التنظيمي 16-26 رغم مضامينه الواضحة في هذا المجال، مما يسائل الوزارة والحكومة بخصوص جديتهما في التعاطي مع ورش تدريس الأمازيغية، والذي عرف تعثرا في ظل الحكومة الحالية، حيث شرعت في سن بعض الإجراءات التراجعية، خاصة في ما يخص توظيف أساتذة اللغة الأمازيغية والتلويح بالتراجع عن اعتماد استراتيجية الأستاذ المتخصص والاتجاه نحو الرجوع إلى السياسة التي تم اتباعها منذ سنة 2003 والتي أبانت عن فشلها لكونها لا توفر الشروط المثلى لتسريع ورش تعميم الأمازيغية دون الحديث عن جودة عملية التدريس التي يقدمها أساتذة لا يجيدون اللغة الأمازيغية، وهو نفس الحل الترقيعي الذي لجأت إليه الوزارة في نهاية السنة الحالية بتكوين حوالي 2000 أستاذ مزدوج لتدريس اللغة الأمازيغية.

هذه المقاربة الكمية لا تستحضر معيار الجودة بقدر ما تروم تقديم مؤشرات كمية عن تقدم ورش التعميم مع وعيها بكون ذلك مناورة لا غير، لذر الرماد في العيون وإعطاء مؤشرات كاذبة وغير حقيقية حول تقدم ورش التعميم.

ألا يمكن اعتبار خطوة وزارة التربية الوطنية إيجابية بإقبالها على فسح المجال أمام مدارس التعليم الخاص وتأطير أساتذتها وأطرها الإدارية على إدراج تمازيغت ضمن مكونات البرنامج الدراسي؟

بالعكس. هذا القرار وغيره من القرارات الأخيرة للوزارة في مجال الأمازيغية يفضح عدم قدرتها على فرض تدريس الأمازيغية على هذه المؤسسات وأنها خضعت لضغوطاتها، حيث إن بعض هذه المؤسسات لا تلتزم بالقانون 06.00 بمثابة النظام الأساسي للتعليم الخصوصي، خاصة ما يتعلق بالمقررات واحترام المادتين الرابعة والثامنة منه واللتين تنصان على احترام الحد الأدنى من البرامج والمناهج المقررة في التعليم العمومي، وضرورة احترامها للتوجهات العامة للنظام التربوي الوطني.

كما أن القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، والتوجيهات الاستراتيجية الواردة في النموذج التنموي الجديد المتضمنة في البرنامج الحكومي، نصت على أن التربية والتعليم مدخلان أساسيان لتعزيز الهوية المغربية ، فكيف يمكن تحقيق ذلك في ظل تغييب ممنهج للغة والثقافة الأمازيغية في هذه المؤسسات؟

قبل أيام نبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى الوتيرة البطيئة في تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في مدارس التعليم العمومي، لكن وفي المقابل، قررت الوزارة، وكأنها تجيب معدي هذا التقرير، إدراج تدريس اللغة الأمازيغية في مدارس التعليم الخاص بصفة اختيارية، هل تغطي وزارة بنموسى بذلك على فشل التعميم في القطاع العام؟

بداية، من المهم أن تشير مؤسسة وطنية بحجم المجلس الوطني لحقوق الانسان إلى التعثر والتأخر الحاصل في ورش تعميم اللغة الأمازيغية، وأن تقدم معطيات ومعلومات قد لا تعكس الواقع بدقة خاصة في ظل تكتم الوزارة الوصية على القطاع على إعطاء معطيات دقيقة في هذا المجال، وتبقى متضاربة بين ما ورد في الخريطة التوقعية للسنة الدراسية الحالية 23-24 وتصريحات وزير التربية الوطنية في البرلمان.

للأسف القرار جاء متأخرا جدا، رغم مناداتنا إلى ضرورة وضع استراتيجية للنهوض بتدريس اللغة الأمازيغية بمدارس التعليم الخصوصية والبعثات باعتبارها لغة رسمية للبلاد منذ دستور 2011، وهو ما جاء كذلك في مضمون القانون التنظيمي 16-26 الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في المجالات ذات الأولوية والذي يصنف مجال التعليم من بينها نظرا لأهميته في توفير الموارد البشرية المؤهلة التي ستحتاجها المرافق العمومية والإدارات والمؤسسات لتوفير خدماتها لاحقا لعموم المواطنين/ات باللغة الأمازيغية كحق من حقوقهم كمرتفقين/ات.

والغريب أن الوزارة ظلت ساكتة عن هذا الموضوع لأسباب نجهلها، وهو ما يدعو للتساؤل: هل هذه المؤسسات غير خاضعة للنظام التربوي المغربي؟ هل التلاميذ الذين يدرسون بها غير معنيين بتعلم اللغة الرسمية للبلاد؟ أليست هذه سياسة عنصرية وتمييزية تقر بالمفاضلة بين لغتين رسميتين للبلاد؟ ألا يمس ذلك بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين التلاميذ المغاربة من جهة وبين اللغتين الرسميتين من جهة ثانية، خاصة أننا نعرف محورية دور الدولة ومؤسساتها في سن السياسات وإقرارها وحرصها على بلورة سياسات تحمي اللغتين الرسميتين وتروم النهوض بهما وتقويتهما للحفاظ على اللغات والثقافة المغربية؟

google-playkhamsatmostaqltradent