أثار تصنيف مدرسة الملك فهد العليا للترجمة بطنجة، اللغة الأمازيغية التي تعتبر اللغة الرسمية الثانية بالمغرب، ضمن اللغات الأجنبية الأولى ، إلى جانب اللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والألمانية، في إعلان لمباراة ولوج أحد مسالك الترجمة التحريرية أو الترجمة الفورية، المفتوحة أمام حاملي الإجازة أو ما يعادلها، (أثار) جدلا واسعا في صفوف عدد من الفاعلين الأمازيغ.
الأمازيغية مكون رئيسي للمجتمع
في ذات السياق، رفض أساتذة مدرسة الملك فهد العليا للترجمة إلحاق مسلك الترجمة عربية-أمازيغية-فرنسية ، بشعبة الإنجليزية وتعيين نائبة المدير المكلفة بالشؤون البيداغوجية، منسقة لهذا المسلك المزمع إحداثه، دون استشارة الشعبة الفرنسية التي تنتمي إليها.
وأكد المكتب المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي لأساتذة مدرسة الملك فهد العليا للترجمة، في بيان اطلعت عليه بلادنا24 ، على تفعيل شعبة الدراسات العربية، التي أقرت منذ سنة بعد أن وافق عليها مجلس الجامعة في نهاية يوليوز 2023.
بالإضافة إلى ذلك، جددت النقابة التعليمية ذاتها، التأكيد أن مجلسي المؤسسة لم يفوضا للجنة البيداغوجية البت في الشؤون البيداغوجية، وأن مدير المؤسسة اختلق هذه القضية لكي يمرر مسلك الترجمة عربية-أمازيغية-فرنسية .
الهيئة استنكرت ما أسمته التغيرات في محضر اجتماع اللجنة البيداغوجية حول برنامج الدراسة، الخاص بالدفتر الوصفي، والذي ألحق به المدير مسلك الترجمة عربية-أمازيغية-فرنسية ، مؤكدة أن أعضاء هذه اللجنة أنهم لم يسبق لهم أن تداولوا في هذا الموضوع .
كما شدد المكتب المحلي للنقابة، على أهمية الثقافة الأمازيغية، بصفتها مكونا رئيسيا للمجتمع والثقافة المغربيين، فهي لغة دستورية ومشروعا وطنيا يتمسك المكتب بإنجاحه .
الأمازيغية محسومة دستوريا
من جهة أخرى، علق مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة، على الجدل الذي أثاره إعلان مدرسة الملك فهد للترجمة بطنجة، والتي صنفت اللغة الأمازيغية ضمن اللغات الأجنبية في مواد اختبارات المترشحين، من بين اللغات الأجنبية، والتي اعتبرها الكثيرون، بمثابة سقطة جديدة لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي.
وقال مصطفى بايتاس خلال الندوة الصحفية التي تلت مجلس الحكومة، إن الأمازيغية لا نقاش حوله، لأنها قضية وطنية حسمت دستوريا، وحسمها الملك محمد السادس، غير ما مرة في مختلف المناسبات، وكان الانطلاق من خطاب أجدير، ومسار التفعيل والترسيم مستمر .
وشدد المسؤول الحكومي على أن هذه القضية، محورية أساسية، نظرا لطابعها الرسمي في الدستور، ولأن هذه الحكومة كانت من أكثر الحكومات دفعا بقوة في مسار الترسيم . موضحا أن الحكومة تعتبر اللغة والثقافة الأمازيغية مكون أساسي ومهم جدا ويتعتبر من الروافد الأساسية للشخصية المغربية وهذا موضوع محسوم لا نقاش ولا جدال فيه .
الأزمة تصل إلى البرلمان
في سياق ذي صلة، قال محمد والزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، إن اعتبار مدرسة فهد للترجمة بطنجة، الأمازيغية لغة أجنبية، خطوة خطيرة وشاردة عن مقتضيات المغرب الدستوري، وسابقة من نوعها.
واعتبر محمد والزين، في سؤال كتابي وجهه إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، أن هذا الخرق الجسيم للدستور، كما لكل القوانين التنظيمية المؤسسة، من قبيل القانون الإطار للتربية والتكوين والبحث العلمي، والقانون التنظيمي لتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ينسف في العمق كل جهود الدولة لإنصاف الامازيغية بقيادة جلالة الملك محمد السادس .
كما أكد النائب البرلماني، أنه أيضا يعري هشاشة الخطوات الحكومية المتخذة في هذا الاتجاه . مطالبا الوزير ميراوي، بـ التدخل العاجل لوقف هذه السقطة المخالفة للدستور والقانون .
في السياق ذاته، استفسر الأمين العام لحزب السنبلة ، عن مآل المخطط القطاعي لترسيم الأمازيغية في هذا القطاع الوزاري، طبقا لأحكام القانون التنظيمي، لتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية .
المؤسسات لا تحترم مرجعيات الدولة
وفي تعليقه على الموضوع، أكد أحمد عصيد، رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، أنها ليست هذه هي المرة الأولى، التي تتعامل فيها مؤسسة مع اللغة الأمازيغية باستهتار وعدم احترام .
وأكد أحمد عصيد، في تصريح لـ بلادنا24 أن الكثير من المؤسسات ما زالت لا تحترم مرجعيات الدولة، وتتصرف بنوع من الفوضى عندما يتعلق الأمر باللغة الأمازيغية الرسمية .
واعتبر المحدث ذاته، أن هذا ناتج إما عن سهو غير مقصود، ناتج عن عدم الاهتمام، أو عن نية مبيتة، مما يجعلها خرقا سافرا للدستور وللقانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، الصادر منذ أكتوبر 2019 .
الفاعل الأمازيغي، شدد في تصريحه على أن المسؤولين بمدرسة فهد، يجب عليهم تدارك هذا الخطأ، عبر التمييز بين اللغتين الرسميتين من جهة، واللغات الأجنبية من جهة أخرى .
بالإضافة إلى ذلك، أبرز الباحث في الثقافة الأمازيغية، أنه على رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن يتحرك لوضع حد لهذه الأخطاء التي تكاثرت في حق الأمازيغية منذ صدور قانونها التنظيمي .
في السياق نفسه، اعتبر أن رئيس الحكومة، يحب عليه أن يصدر مذكرة، تنص بوضوح على إلزامية تفعيل الطابع الرسمي، وتطبيق القانون في كل قطاعات الدولة، والمؤسسات المتواجدة على التراب الوطني، كما على المجتمع المدني، أن يعمد إلى مقاضاة المؤسسات التي لا تحترم دستور البلاد والتزامات الدولة المغربية .