اعتبر عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، ان الحوار الاجتماعي يعد صمام أمان لدعم أسس الدولة الاجتماعية مما دفع الحكومة لفتح آفاقه نحو مواضيع جديدة تكرس مبادئ المساواة ومقاربة النوع في العمل، علما أنه أصبح يتجاوز النقاش الكلاسيكي حول قضايا الشغل التي تطرح عشية 1 مايو من كل سنة.
وأفاد أخنوش، اليوم الثلاثاء، في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين، بإصرار الحكومة على مناقشة كل القضايا وطرحها على طاولة الحوار ومواصلة التفكير الجماعي لتحسين الأوضاع المادية والاعتبارية للعمال المغاربة، وهو ما ترجم واقعيا من خلال الزيادة في الأجور في القطاع العام بقيمة ألف درهم على مرحلتين وتخفيض الضريبة على الدخل لجميع الموظفين وإقرار 400 درهم للفئات متوسطة الدخل ثم الرفع من السميك بنسبة 10 في المائة.
وقال أخنوش: هي مكتسبات محققة تبرز إدراكنا الجماعي لمركزية الحوار الاجتماعي كخيار استراتيجي للدولة وتدعيم أسس الدولة الاجتماعية وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، في سياق حصيلة حكومية إيجابية إلى جانب شركائنا الاجتماعيين والاقتصاديين، فعلى مستوى القطاع العام، تم الرفع من الحد الأدنى للأجور إلى 3500 درهم في 2022 وحذف السلم السابع للموظفين المنتمين لهيئة المساعدين والتقنيين، ومنح إجازة أبوية لمدة 15 يوم، وبالنسبة للقطاع الخاص، نفذنا التزامات منها الزيادة في الحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة، والتوحيد التدريجي للحد الأدنى للأجور في قطاعات الصناعة والتجارة والفلاحة ب5 في المائة، مع تخفيض شرط الاستفادة من معاش الشيخوخة .
وأكد أخنوش أن البرنامج الحكومي يمثل وثيقة مرجعية لاختيارات الحكومة التي ركزت على النهوض بقطاعات التعليم والصحة والتشغيل، مضيفا: أي إصلاح للأوراش الاجتماعية يمر لزاما عبر تحسين الوضعية المهنية للموارد البشرية، لذا التزمت الحكومة بإطلاق جولات الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية للتوافق بشأن حلول معقولة في قطاعات على رأسها التعليم والصحة والتعليم العالي .
مقالات ذات صلة
وأشار أخنوش إلى أن الحكومة اجتماعية بامتياز شكل فيها الحوار الاجتماعي مدخلا رئيسيا لبلوغ أهداف الدولة الاجتماعية في شموليتها، فالمملكة تتميز بنقابات مسؤولة وحكومة قوية مما أكسبها مناعة حقيقية لتجاوز الإكراهات التي يشهدها الحوار الاجتماعي، إلى جانب إرساء جيل جديد من الحوارات الاجتماعية مما مكن من مكاسب للعمال والتوصل لحلول للملفات العالقة، وتوج باتفاق ثوري مع المركزيات النقابية في إطار مسار إيجابي مؤطر بنقاش مسؤول.
وقال رئيس الحكومة: الحكومة كانت تحذوها رغبة جامحة في جعل الحوار الاجتماعي محطة لتحسين الأوضاع وفق مقاربة شمولية مبنية على الإنصات والمتابعة، كنا حريصين على التجاوب مع الملفات المطلبية والتوصل لحلول تعكس وفاءنا بتعهداتنا السياسية، فالتوقيع على محضر 26 ديسمبر 2023 عزز من المكاسب التاريخية لمهنيي التعليم والذي تصل تكلفته إلى أزيد من 17.5 مليار درهم في أفق 2028، كما أن الحكومة جعلت من الحوار الاجتماعي في القطاع الصحي مدخلا مركزيا لتوفير كل الشروط اللازمة وإقرار حكامة جيدة لرد الاعتبار للموارد البشرية العاملة في القطاع .
وأبرز أخنوش تحقيق مكتسبات مهمة في المنظومة الصحية، حيث تم التنصيص عليها بموجب القوانين والأنظمة المهيكلة بتوافق مع المركزيات النقابية في القطاع بكل مسؤولية وتجرد، فضلا عن تسوية مطالب أساسية تهم الأطباء والصيادلة والبياطرة وتسريع وتيرة الترقي للممرضين وتقنيي الصحة وصرف مستحقاتهم المالية والرفع من قيمة التعويض عن الأخطار.
وأشار المسؤول الحكومي إلى تأهيل العنصر البشري للتعليم العالي والابتكار في سياق مخرجات اتفاق بين الحكومة والنقابة الوطنية للتعليم العالي، كمقاربة تشاركية أنتجت إقرار نظام أساسي ومحفز للأساتذة الباحثين والذي تضمن مقتضيات غير مسبوقة همت تحسين الوضعية المادية لهاته الفئة وإحداث درجة جديدة في إطار فئة أستاذ التعليم العالي، ومنح أجرة تكميلية للأساتذة الباحثين في الطب والصيدلة وطب الأسنان، شملت 4 مليون و250 ألف مواطن.
وسجل أخنوش أن ظرفية تحمله للتدبير الحكومي كانت معقدة بتحديات وإكراهات وطنية ودولية، معتبرا أن الحكومة ربحت رهان الحوار الاجتماعي والذي أدى لتحسين الوضعية السوسيو اقتصادية لفئات عريضة من المواطنين.
وقال أخنوش: تحلينا بالمسؤولية السياسية الكافية وتحملنا التكلفة المالية لتنفيذ مخرجات الحوار الاجتماعي بما يعادل 45 مليار درهم في أفق 2026، كأول حكومة في تاريخ المغرب توصلت لاتفاقين تاريخيين في نصف ولايتها الحكومية فقط، وهي إشارة قوية تبرز التوجه الديمقراطي الاجتماعي في تعاطينا مع الملفات للمغاربة عموما والفئات الهشة والمتوسطة خصوصا .
وحول إصلاح أنظمة التقاعد، أضاف أخنوش: نحن مطالبون بخلق فضاءات جديدة للحوار وتقريب التصورات والتعاطي مع ملفات مستعجلة، حان الوقت لفتح نقاش جدي ومسؤول حول إصلاح أنظمة التقاعد في البلاد والوصول لحلول ترضي جميع الأطراف، وهو ما سنباشره علما أنه يشكل جزءا من مسار استكمال وتدعيم أسس الدولة الاجتماعي .
وذكر أخنوش أنه لم يعد مقبولا أن تبقى البلاد وهي التي راكمت مسارا نموذجيا دون إطار قانون يؤطر تنظيم ممارسات الإضراب. مبينا: قررنا إدراج القانون التنظيمي للإضراب ضمن الجولات الجديدة للحوار وعرض مضامينه أمام البرلمان، لكونه يمثل وسيلة حضارية للدفاع عن الحريات النقابية وتحقيق مطالب العمال، وبالتالي وجب تنظيمه وتأطيره بالقانون وتبني فلسفة جديدة تضمن هوامش حرية الرأي والتعبير وتحافظ على استمرارية النشاط الاقتصادي داخل المقاولات المغربية .
وأكد رئيس الحكومة أن تحقيق الاقتصاد الوطني لنتائج إيجابية فاقت كل التوقعات رغم التحديات الدولية الصعبة.
وخلص قائلا: نحن على ثقة أن الجميع سيعبئ الإمكانيات لتطوير وإنعاش التشغيل بما يضمن الكرامة لكل المغاربة. فالحكومة أسست لنموذج مغربي للحوار الاجتماعي سيكون حلقة مهمة لاستكمال المشروع الحداثي الديمقراطي للبلاد وآلية لتكريس أسس الدولة الاجتماعي كما يريدها الملك محمد السادس .